ولكن ليس الصمت هو الحل المتاح في كل الأوقات، فبعض المواقف تحتم عليك أن تكون منطلقاً في الحديث ومنخرطاً في النقاش أو مديراً له أحياناً.
ولكي تجعل شخصاً يفتح لك قلبه ويُقبل على الحديث معك، عليك أن تعطيه الفرصة لذلك أولاً، عبر كسر الجليد وحاجز الصمت بينكما. ولكن كيف؟
1- فن الملاحظة
الملاحظة من أبرز الطرق لكسر الجليد مع أي شخص. بالطبع لا نقصد المراقبة اللصيقة أو النظر الجارح للآخرين. ولكن المقصود هو محاولة النظر إلى الشخص بهدف الخروج بفكرة لفتح النقاش حولها.
قد تلاحظ مثلاً أن الشخص أمامك يرتدي نظارات من نوع معين، أو يستخدم هاتفاً جديداً، أو يعتمد تسريحة شعر حديثة أو يرتدي ملابس من ماركة معينة. كل هذه الملاحظات تصلح لأن تكون مواضيع يدور حولها النقاش؛ إذ يمكنك أن تبدأ الحديث بسؤال مثل: أود أن أشتري هاتفاً جديداً، ما رأيك في الهاتف الذي تستعمله؟
2- نسبة المحادثة
قاعدة: ينبغي أن يكون ثلثا النقاش حول الشخص الذي تحدثه والثلث الباقي يكون عنك أنت. الهدف هو ألا تتحول من شخص يسعى لكسر الجليد مع آخر إلى شخص نرجسي يحب الحديث عن نفسه.
ولكي يكون الكلام واضحاً: لا تسعَ لنيل إعجاب الشخص الآخر، بل حاول أن تفسح له المجال ليؤثر هو فيك وتسأله أسئلة تساعده على الكلام أكثر. وتجنب قدر الإمكان الأسئلة التي يكون جوابها بنعم أو لا، ولكن احرص على سؤال أسئلة مفتوحة تساعد على استمرار النقاش، مثل الأسئلة التي تبدأ بكيف ولماذا؟
3- المديح
المدح من أكثر الأساليب التي تجذب الشخص للحديث معك، خصوصاً إن كان انبساطياً. أما الانطوائيون فغالباً لا يلقون بالاً للأحاديث القصيرة التي يرونها مجرد حاجز بين التواصل الحقيقي.
يمكنك قول جمل مثل: «تسريحة شعرك جميلة، هل تعتمد عليها دائماً أم تغيرها من حين لآخر؟». هذا جيد، ولكن الأفضل في المدح أن يكون على السلوكيات والإنجازات أو الملابس، ولا يكون على حجم الجسم أو الوزن أو الشكل.
4- ابحث عن الاختلافات.. لا التشابهات
من الطبيعي عند جلوس شخصين في غرفة أن يبدأ كل منهما في البحث عن التشابهات بينهما والحديث حولها، ولكن الأفضل –وحتى لا يكون الحديث مملاً- أن نركز بحثنا حول الاختلافات التي تجعل كل شخص متفرداً بذاته وتساعدنا على فهم بعضنا البعض بصورة أدق. احترم هذه الاختلافات وتقبلها بصدر رحب، ولا تحاول الوعظ أو الإرشاد.
5- تدفق الحديث
النجاح في كسر الجليد وفتح نقاش مع شخص غريب يعني أول ما يعني أنك استطعت الانتقال من موضوع إلى آخر بسهولة تامة وباستمتاع من الشخص الآخر، حتى يقول لك في نهاية النقاش: «لقد استمتعت فعلاً بالحديث معك».
والنقطة المهمة هنا هي حسن اختيار المواضيع التي يجري النقاش حولها. فاحرص على اختيار مواضيع خفيفة يمكن لآي أحد الحديث عنها، وخصوصاً المواضيع الشخصية الخاصة بكما، مثل المطعم المفضل أو الرياضة التي يحب ممارستها أو مشاهدتها. وعليك الابتعاد عن كل الموضوعات المتخصصة أو التي تحتاج قدراً خاصاً من الثقافة العامة، كالأمور السياسية مثلاً.
وعليك ألا تدع المواضيع تتفلت منك ببساطة. فمثلاً إذا سألته عن المطعم المفضل وعرفت أنه في شارع معين، فبادر بسؤاله إن كان يعيش في هذا الشارع أو قريباً منه أم يذهب إلى هذا المطعم خصيصاً في أوقات معينة. فإن يعيش في نفس الشاع، فاسأله: منذ متى وما الأماكن الأخرى التي يمكنك زيارتها إذا ذهبت إلى هذا الشارع، وهكذا.
ما نقصده هو أن تحاول تشعيب الحديث وتفريع المواضيع للدخول في تفاصيل تثري النقاش، ولا تسمح للصمت بأن يتخلل بينكما أبداً.
ختاماً، ينبغي القول إن أي شخص –ولو كان انطوائياً- لديه القدرة على كسر الثلج وتخطي حاجز الصمت وفتح نقاش مع شخص غريب. كل شيء يأتي بالممارسة والتجربة والخطأ والتصحيح. فقط عليك أن تكون نفسك، ولا تحاول التأثير على الآخر أو إعطاء انطباع معين أو التظاهر بشيء ما، بل كن على طبيعتك.