يتمسك الأردنيون بفرح العيد، خصوصا هذا العام، على الرغم من الطعنات العديدة التي تلقوها خلال شهر رمضان، باستشهاد ثلة من أبنائهم الشرفاء، وأيضا على الرغم من الظروف الاقتصادية التي يعيشونها، لأنهم يعلمون أن الفرح يليق بهذا الوطن الصامد في وجه كل التحديات.
وما يزال لعيد الفطر السعيد، تحديدا، وهجه المحبب، خصوصاً وأنه يلي أبرك أشهر السنة، رمضان الفضيل، الذي يمسح عن المسلمين عبء أوزارهم، فيستقبل الناس عيد فطرهم بطمأنينة وسكينة، فيما يحتفل الأردنيون بالزيارات المتبادلة.
ويكون للفقراء، في هذا العيد، وضعهم الخاص أيضا، إذ يحظون بزكاة الفطر التي فرضها الله على المسلمين، كما يعتبر العيد مناسبة اجتماعية مهمة للتقارب بين أفراد العائلة الواحدة، وإعادة ضخ الدفء في شرايين العلاقات الاجتماعية، فضلا عن الترويح عن النفس.
ومع حلول عيد الفطر السعيد، تزدان طرق وأحياء العاصمة عمان وبقية مدن وقرى المملكة بألوان ملابس العيد الزاهية، التي تزيدها ألقا ابتسامات وضحكات ولهو الأطفال ومشاكساتهم المحببة.
كما تشهد الأسواق التجارية، سواء قبيل حلول العيد أو خلاله، انتعاشا وإقبالا كبيرين، إذ تكتظ بالأسر والمتسوقين، الذين يقبلون على شراء كافة المستلزمات من الملابس والمواد التموينية والحلوى والألعاب والهدايا ابتهاجا بالعيد.
وبرغم تنوع مظاهر الاحتفال بالعيد لدى المواطنين، غير أن الزيارات الاجتماعية والتواصل بين الأرحام والأصدقاء، تبقى السمة الغالبة على طقوس العيد، وغالبا ما تشهد أيام العيد فوضى وتداخلا في مواعيد الزيارات، بين الأقارب والأصدقاء.
وللعيد فرحة يشعر بها الجميع على اختلاف أعمارهم وفئاتهم، حيث تعيش الأسر العمانية حالة فرح، تقضي خلالها ساعات من العمل لتحضير مستلزمات العيد التي تضيئه بالبهجة.
ويحمل العيد معاني ممزوجة بالحزن للبعض، بسبب فقدان أحباء، بينما يحضر الفرح ويغطي على تفاصيل ومشهد هذا اليوم، الذي يتجلى بالتحضيرات الخاصة، التي تسبقه من إعداد كعك ومعمول العيد، وشراء الحلويات ومستلزمات ضيافة العيد.
وتبقى بهجة العيد عند الأطفال هي التعبير الأسمى عن براءتهم، بارتداء ملابسهم الجديدة، وانتظار الأقارب لإعطائهم العيديات لشراء الألعاب، والحلوى، والسكاكر، وبإفراط أحيانا، تعبيرا عن مشاعر فرحهم بهذا اليوم.
وتبدأ مراسم العيد بصلاة العيد في غالبية مساجد المملكة في صبيحة أول أيام العيد، حيث تشق جموع غفيرة من المصلين طريقها إلى بيوت الله، وهي ترفع أصواتها بالتكبير والتحميد والتهليل لتأدية صلاة العيد في الساحات المخصصة لها ، وفي مواكب احتفالية رائعة تضم الشباب والنساء والشيوخ والأطفال، لإحياء سنة النبي الكريم عليه الصلاة والسلام.
كما تحتل طقوس إعداد حلويات العيد من كعك ومعمول، مكانة مهمة بين مختلف شرائح المجتمع الأردني كافة، وما تزال بعض الأسر تجتمع إلى اليوم قبل العيد، بالتناوب، عند كل فرد منها، لمساعدة بعضهم بعضا، لإعداد أنواع من المعمول والكعك بوصفهما من أشهر أنواع الحلويات التي تقدم في العيد، وغالبا ما يحضر أطفال العائلة تلك الجلسات، ويشاركون في بعض أعمال التحضير، كدق الجوز وعجن التمر.
ولربما كان الأطفال أكثر من يتلهفون لقدوم العيد بشغف، اذ إنها من المناسبات القليلة التي يسمح لهم فيها بمرافقة أسرهم للزيارات، ولشراء الملابس الجديدة، وهي غالبا ما تكون مشاوير متعبة للأهل، خصوصا مع تباين أذواق الأطفال، فتتحمل الأمهات مشقة هذه الأمزجة لكن بحب، حيث يزول التعب بسرعة، بمجرد رؤية الطفل مسرورا وأنيقا بملابسه الجديدة.
وفي هذا العام، لم تثن أزمات السير الخانقة في عمان آلاف المواطنين والعائلات عن الخروج إلى الحدائق والمتنزهات ومدن الملاهي والمطاعم، التي كانت تمتلئ بالرواد حتى ساعات الفجر الأولى، وكذلك خلال الأيام القليلة الماضية التي سبقت العيد، ما يدل على أن الأردنيين بدأوا يعتادون على الأزمات، وضروة إنجاز أعمالهم في خضمها.
وما تزال مظاهر العيد والاحتفال بقدومه، تستحوذ على بعض العادات الموروثة، مثل صناعة الحلوى وتوزيع أطباقها على أفراد العائلة والزوار، كما يهرع أطفال الى الشوارع، وهم يرتدون ملابسهم الجديدة، فيذهبون الى الحدائق العامة والملاهي، لركوب الأراجيح، واللعب واللهو حتى غروب الشمس.
ومن المفارقات، أنه على الرغم من تراجع مستويات المعيشة وتردي الأوضاع الاقتصادية، ما يزال يجد الأردنيون في أعيادهم مساحات للفرح والبهجة، حيث تزدان الشوارع والأزقة بضحكات الأطفال وصخبهم المحبب، فيما تعزز الزيارات العائلية أواصر التكافل الاجتماعي والإنساني، بين أبناء المجتمع، كما تضفي أجواء حميمية ومبهجة على الأجواء العامة طيلة أيام العيد.