آخر الأخبار
  ولي العهد للنشامى: رفعتم معنويات كل الأردن .. والمرحلة القادمة مهمة   النشامى يعودون إلى عمان الجمعة بعد وصافة كأس العرب 2025   تقرير فلكي حول إمكانية رؤية هلال شهر رجب   أجواء باردة في أغلب المناطق الجمعة   الامن العام يحذر مجدداً من هذه المدافئ   السلامي: لا يمكن مؤاخذة أبو ليلى أو غيره على الأخطاء   حسان للنشامى: رائعون ومبدعون صنعتم أجمل نهائي عربي   البوتاس العربية" تهنّئ المنتخب الوطني لكرة القدم بحصوله على لقب وصيف كأس العرب   علي علوان يحصد لقب هداف كأس العرب 2025   الملك للنشامى: رفعتوا راسنا   الملكة: فخورون بالنشامى، أداء مميز طوال البطولة!   منتخب النشامى وصيفاً لكأس العرب 2025 بعد مواجهة مثيرة مع المغرب   الشوط الثاني: النشامى والمغرب ( 3-2 ) للمغرب .. تحديث مستمر   تحذير صادر عن "إدارة السير" للأردنيين بشأن المواكب   تحذير صادر عن مدير مركز الحسين للسرطان للأردنيين   رئيس وزراء قطر: اجتماع وشيك للوسطاء بشأن اتفاق غزة   أبو الغيط: الأردن في قلب الاحداث ودبلوماسيته نشطة للغاية   النائب الهميسات يوجه سؤالاً للحكومة بخصوص مديرة المواصفات والمقاييس   الحكومة الاردنية ستنظر برفع الرواتب بموازنة عام 2027   الملك يهنئ أمير دولة الكويت بذكرى توليه مقاليد الحكم

نازحو الفلوجة: أزمة إنسانية وسط ظروف قاسية

{clean_title}
مضت عملية الفلوجة بعد انطلاقها في 23 من الشهر الماضي بوتيرة متسارعة، حتى أن الخبراء العسكريين لم يتوقعوا قبل انطلاقها أن تحرز القوات الحكومية بدعم من طيران التحالف الدولي وفصائل في الحشد الشعبي هذا التقدم الملموس في غضون أسابيع قليلة. وقد سيطرت القوات الحكومية على الأحياء الجنوبية ومركز المدينة بعد ثلاثة أسابيع فقط من بدء العملية.
ولتوضيح عنصر المفاجأة بالنسبة لمنظمات الإغاثة الدولية والمحلية، كانت مفوضية الأمم المتحدة، على سبيل المثال، تستعد مع بداية المعركة لاستقبال النازحين بتوفير أعداد من الخيم ومساعدات غذائية وطبية لمواجهة موجة النزوح. لكن عدد النازحين وصل إلى أكثر من 80 ألف شخص مع دخول المعركة اسبوعها الرابع، واضطرت أغلب العائلات إلى الاشتراك بنفس الخيمة، وهو ما شاهدناه بالفعل في المخيم الذي زرناه في عامرية الفلوجة، فمتوسط عدد الأفراد في الخيمة الواحدة كان يترواح بين 12 إلى 18 شخصا.
تقر الأمم المتحدة بصعوبة التعامل مع الأعداد الغفيرة من نازحي الفلوجة. فالمفوضية العليا لشؤون اللاجئين وضعت بالفعل خطط طوارئ لمواجهة أزمة نزوح جديدة بعد بدء المعارك، لكنها لم تتصور إنه خلال ثلاثة أيام فقط تحديدا من 16 إلى 18 من حزيران(يونيو) سيفر نحو 60 ألف شخص من المدينة.
يقول برونو جدو، ممثل المفوضية العليا في العراق، في تصريحات خاصة لبي بي سي إن أزمة النزوح الراهنة هائلة لدرجة أنها "تفوق كل الامكانيات مهما كانت درجة الاستعداد. الأثر الإنساني الذي أحدثته أزمة الفلوجة يعد بمثابة درس لنا جميعا، سيساعدنا على التخطيط جيدا لمواجهة التداعيات الإنسانية في حال شن عملية عسكرية بقيادة عراقية لاستعادة السيطرة على مدينة الموصل، والتي ستكون أهم المعارك خصوصا أنها ستجري في مدينة مأهولة بأكثر من مليون شخص".
وهناك أكثر من منظمة محلية غير حكومية تتعاون مع الأمم المتحدة في إغاثة النازحين. وقد شرعت المفوضية في بناء 13 مخيما جديدا، وانتهت بالفعل من تحضير بعض المخيمات لاستيعاب المزيد من النازحين في ثلاثة مناطق على أطراف الفلوجة: عامرية الفلوجة، والخالدية، والحبانية. كما قامت بتوزيع أكثر من 8 آلاف صندوق إغاثة واستفاد من تلك المساعدات أكثر من 50 الف شخص، وتحتاج المفوضية نحو 584 مليون دولار أمريكي للوفاء باحتياجات النازحين، إلا أنها لم تتلقى سوى 127 مليون دولار حتى الآن.
في المخيم الذي زرناه في منطقة عامرية الفلوجة، جنوب المدينة، يعاني النازحون من ظروف إنسانية صعبة للغاية بعد رحلة النزوح التي رافقتها مشاهد من الخوف والموت.
وهذا المخيم هو واحد من عشرة مخيمات تؤوي أكثر من ثمانين ألفا من نازحي الفلوجة وأقيمت على أطراف المدينة تحت إدارة الحكومة العراقية. وهنا يعيش أكثر الناس على التبرعات والإعانات.
شيماء(32 عاما)، في إحدى الخيمات. ولشيماء قصة مؤلمة كأغلب النازحين. تقول إن الخوف من القتل على يد ما يسمى بتنظيم "داعش" أو خلال العمليات العسكرية لم يعد مصدر قلقها، بل حياتها المستقبلية مع أطفالها الأربعة كنازحة ومن دون زوجها، الذي احتجزته القوات الحكومية بعد وصولهم لأحد حواجز التفتيش. وتخشى القوات الحكومية تسلل مواطنين قاتلوا أو ينتمون فكريا إلى التنظيم المتشدد وسط النازحين، فتحتجز الرجال ومن هم في سن الخدمة العسكرية من الذكور للاستجواب. وبالفعل أفرجت القوات الحكومية عن العديد من المعتقلين. لكن زوج شيماء لم يكن واحدا منهم.
وبالنسبة لأم أكرم كان الرحيل من الفلوجة قرارا للهرب من نيران المعارك المستعرة وجحيم الحياة في كنف التنظيم المتشدد. لكن معاناتها لم تنته برحيلها عن الفلوجة بل تفاقمت في ظروف النزوح البائسة. فهي ساخطة على هذه الحياة الصعبة وتشعر بظلم شديد.
تقول إنها غريبة في وطنها، وتستدعي مشهد اللاجئين الذي هجروا بلادهم إلى أوروبا في قوارب مطاطية مكتظة. "أصبحنا لاجئين في بلادنا. أخذنا قاربا لعبور نهرا الفرات إلى عامرية الفلوجة. شاهدنا الموت بأعيننا. غرق أمامي بعض النازحين مع أطفالهم".
لا تسمح السلطات لأغلب النازحين بدخول العاصمة بغداد لاعتبارات أمنية. وتضاربت الأنباء عن إلغاء نظام الكفيل الذي كان متبعا لبعض الوقت في بداية أزمة النزوح عن مدينة الرمادي في صيف العام الماضي.
أثناء مغادرتنا المخيم، توقفنا عند مشهد أطفال يلعبون في حفرة مليئة بمياه غير صالحة للشرب بقناني مياه فارغة دون أن يدركوا الكثير مما يدور حولهم من معارك سياسية وميدانية.
وتفوح رائحة الحرب من هواء مدينة الفلوجة العراقية وتشتعل النيران في أنحاء في مركز المدينة.
يقول حسن، ضابط مخابرات عراقي برتبة ملازم أول في الموقع، إن القوات العراقية أشعلت بعض هذه الحرائق.
ويضيف أن هذه القوات تلقي قنابل يدوية على المباني المشبوهة. وقد سمعت صوت انفجار الذخيرة أثناء إلقاء إحدى القنابل في احدها.
وتعد الفلوجة مدينة مهجورة تقريبا، باستثناء بعض المجموعات المتنقلة من القوات العراقية المبتهجة بدخول المدينة.
ويبدو أن جميع المدنيين قد تركوا المدينة. ورأيت جثث مقاتلين من تنظيم ما يسمى "داعش"، وقد تُركت في المكان الذي لقت فيه حتفها.
وأراني الملازم حسن ما حدث لإنفاذ القانون في الفلوجة تحت حكم تنظيم "داعش".
فقد شكل التنظيم محكمة للشريعة الإسلامية في فيلا فسيحة بأحد الشوارع الراقية. وقال الملازم إن التنظيم وضع طوابع رسمية وأوراقا في المبنى تثبت أنه قد استخدم كمحكمة.
وفي فيلا مماثلة مجاورة، تضررت الآن بشدة من جراء الحريق، كان ثمة سجن من بين ستة سجون أخرى أنشأها التنظيم في الفلوجة.
وفيما يبدو أنه كان غرفة جلوس لشخص ما، رصفت ستة أقفاص حديدية، وكان ارتفاع اثنين منهالا يصل الى الخصر فقط.
ومن المؤلم لشخص بالغ أن يقضي أكثر من بضع دقائق داخل أحد هذه الأقفاص. ويفترض أن الأحكام كانت أطول من ذلك بالطبع.
لم تتضرر جميع المباني، لكن كان هناك الكثير من الدمار. وبدت جميع الضواحي كما لو كانت قد هجرت منذ استيلاء تنظيم داعش على الفلوجة في وقت مبكر من عام 2014.
يمكنك رؤية العشب الذي بدأ ينمو في الشوارع، وبدت صفوف المنازل كما لو كانت قد هجرت منذ وقت طويل. وفر كثير من السكان عندما سقطت المدينة في أيدي تنظيم الدولة الإسلامية.
حقق الجيش العراقي انتصارا كبيرا في الفلوجة، التي تقع على بعد أقل من ساعة بالسيارة من العاصمة بغداد في الظروف العادية بعيدا عن الحرب.
وكانت المدينة معقلا للجهاديين منذ صعود تنظيم القاعدة في العراق خلال السنوات الأولى للاحتلال بقيادة الولايات المتحدة بعد غزو العراق عام 2003.
خرج تنظيم داعش من عباءة تنظيم القاعدة في العراق، ومنذ استيلائه على الفلوجة ظلت المدينة حصنا لقواته في المنطقة القريبة من بغداد.
وعلى الرغم من هزيمتهم في الفلوجة، لا يزال الجهاديون المنتمين لما يسمى تنظيم داعش يشكلون قوة لا يجب أن يستهان بها في العراق.
إذ ما زالوا يسيطرون على الموصل، التي تعد ثاني أكبر المدن العراقية.
وتشكل الموصل الهدف الكبير القادم للجيش العراقي - وحلفائهم في الميليشيات الشيعية، على الأرجح.
ويتلقي بعض الميليشيات الأكثر إثارة للخوف، دعما وتوجيها، في الغالب، من إيران.
وفي الفلوجة، لم تشارك الميليشيات في القتال بوسط المدينة، لكنها تسيطر على معظم أنحاء المناطق الريفية القريبة.
وإذا قرر تنظيم داعش الصمود والقتال في الموصل، فسيواجه الجيش العراقي مهمة أصعب بكثير من تلك التي واجهها في الفلوجة.
لكن معنويات الجيش مرتفعة، ويشعر القادة والجنود بالسعادة بسبب النصر الذي حققوه والذي يعد جزءا من الطريق نحو تعويض الاستسلام السريع لتنظيم داعش العام 2014.