الآلاف من فلسطينيي 48 يشاركون في مسيرة بذكرى النكبة

أحيا عشرات آلالاف من فلسطينيي 48 أمس، يوم النكبة، بموازاة اليوم الذي أحيت فيه اسرائيل ذكرى قيامها، وفق الشعار "يوم استقلالهم يوم نكبتنا"، وانتشر جموع فلسطينيي 48 وخاصة اللاجئون في وطنهم الذين انتشروا بين أنقاض قراهم المدمّرة والمهجّرة. في حين تلاقى الآلاف بعد ظهر أمس في مسيرة العودة الوحدوية التي كانت هذا العام في منطقة "وادي زُبالة" في شمال صحراء النقب.
وفاقت المشاركة في مسيرة العودة الوحدوية أمس، كافة التوقعات، نظرا لصعوبة المكان، وبُعده عن مركز التجمع الأكبر لفلسطينيي 48 في الشمال والوسط، إلا أن الأحزاب والحركات السياسية والوطنية تجندت من أجل تأمين اسطول ضخم من الحافلات والسيارات الخاصة التي نقلت الآلاف المؤلفة الى مسيرة العودة، التي تنظمها سنويا، لجنة الدفاع عن حقوق المهجّرين في وطنهم، وبدعم ومشاركة لجنة المتابعة العليا لقضايا فلسطينيي 48.
وشارك في المسيرة، شخصيات سياسية من كافة الأطر الوطنية، واعضاء الكنيست من القائمة المشتركة. وقد طغت على المشاركة الواسعة الأجيال الفتيّة والشابة، في رسالة واضحة للمؤسسة الصهيونية الحاكمة، بأن الذاكرة تنتقل من جيل الى جيل، دون أي تراجع، بل بتمسك أكبر بالحق الفلسطيني المشروع على وطنه. وظللت المسيرة آلاف الأعلام الفلسطينية، والأعلام السوداء، كما رفع المشاركون مئات اليافطات التي تحمل كل واحدة منها اسم لقرية مدمّرة، من اصل 535 قرية دمرتها العصابات الصهيونية في العام 1948 وما بعده.
وسيحيي الفلسطينيون غدا الذكرى في قرية طيرة الكرمل جنوب حيفا التي بنيت على انقاضها مدينة "طيرات هكرمل" الاسرائيلية.
ويحيي الفلسطينيون في الضفة الغربية وغزة والشتات ذكرى النكبة في 15 ايار(مايو) التي شهدت تهجير حوالى 760 الف فلسطيني من اراضيهم مع قيام دولة اسرائيل عام 1948.
وقال رئيس "المتابعة" محمد بركة، في كلمته في المهرجان الخطابي الذي اختتم المسيرة، ردا على مزاعم الصهيونية، بأنه لم تتم جرائم تهجير، بل إن الفلسطينيين "هربوا"، وقال، إن الصهيونية تختلق مسوغات أخلاقية لجرائمها. إذ يقولون للعالم، إنهم لم يهجّروا الفلسطينيين، بل إن الفلسطينيين غادروا وهربوا، ونحن نسأل، هربوا من ماذا؟ فهل يعقل أن يجلس انسان في بيته، ثم يقرر أن يفر هاربا من دون سبب، أليس هربا من احتلالكم ومن مجازركم، من مجازر دير ياسين والطنطور وعيلبون وعيلوط، ومن عشرات المجازر. فالنكبة بالنسبة لشعبنا ولنا نحن اللاجئون هي ايضا كارثة على المستوى الشخصي.
وقال بركة، ما زالت تدوي في ذهني همسات النساء المختبئات في مغارة في بطن جبل في قرية صفورية، بلدي وبلد أهلي وأجدادي، همسات النساء اللاتي طلبن من جدتي التي جفّ حليبها في صدرها، أن تقتل رضيعتها التي كانت تصرخ جوعا؛ فقد خشيت النسوة أن تسمع العصابات الصهيونية عويلها، فيكتشفون المخبأ وينكلون بالنساء جميعا. هذا ما روته لي شاهدة عيان هي أمي الراحلة، فهل ما خشيته نسوة صفورية، كان مجرد سوء ظن بالصهيونية، أم أنهن أردن الصاق فرية تنتهك انسانية المشروع الصهيوني؟.
وتابع بركة، إن النكبة، كانت مسلسلا من المجازر والتهجير، هذه الحقيقة ولا يمكن اصلاح آثار النكبة، إلا بعودة اللاجئين الى وطنهم ولا شيء خلاف ذلك. وتابع قائلا، فلنفترض جدلا، أن الفلسطينيين هربوا من بيوتهم، فهل هذا يصادر حقهم في العودة الى بيوتهم. ولنحسب أن شخصا دخل الى بيته وحش، أو أن حريقا نشب في جنبات بيته، فخرج لينقذ نفسه، فهل هذا يصادر حقه في العودة الى بيته. فعقلية المجازر، هي الوحش الذي انتهك حرمة بيوتنا، وهمجية التشريد هي الحريق الذي نشب في جنبات بيوتنا. لقدم هدمتم بيوتنا وقرانا، وهجّرتهم أهلنا وقتلتم ولاحقتهم ونكبتم، وتريدون انتاج مسوغات أخلاقية لجرائمكم.
وتخلل المهرجان كلمات من لجنة المهجّرين، ومن أهالي النقب، اضافة الى القاء قصائد وأناشيد وطنية.
وهي المرة الاولى التي تقام فيها المسيرة على اراضي النقب الفلسطيني في قرية وادي سبالة المهجرة التي اقيم على اراضيها كيبوتس شوفال.
وقال الدكتور علي الهزيل من قرية سبالة "ان سكان النقب وبئر السبع هاجروا نتيجة الخوف والترهيب وارتكاب المجازر مثل مجزرة بايكة القواسمي وعسلوج وجبارات وغيرها. ولقد وثقها باحثون يهود وعرب".
وتابع "كان يسكن 150 الف بدوي فلسطيني في النقب ومدينة بئر السبع هاجروا الى الاردن وقطاع غزة والضفة الغربية ولم بيق منهم بعد حرب 1948 سوى 9400 فلسطيني جمعتهم اسرائيل في منطقة اطلقت عليها اسم السياج".
ويوجد نحو 260 الف بدوي في اسرائيل معظمهم يقيمون في صحراء النقب في الجنوب، ويقيم اكثر من نصفهم في قرى غير معترف بها دون بنى تحتية وفي فقر مدقع.
ويوم غدا، ستنظم "مسيرة العودة" في قرية الطيرة جنوب حيفا في شمال اسرائيل. وكانت الطيرة ذات منازل حجرية تقع على سفح جبل الكرمل وتحيط بها بساتين الزيتون واللوز. وكان عدد سكانها 6113 نسمة تقريبا قبل ان تحتلها قوات الهجاناه اليهودية الاسرائيلية في 16 تموز/يوليو 1948 بعدما قصفتها البحرية الاسرائيلية.
وبنيت على انقاضها مدينة طيرات هكرمل التي يسكنها نحو 19 الف يهودي ولا يوجد فيها سكان عرب.
ويقدر عدد فلسطينيو 1948 اليوم ب 1,4 مليون نسمة يتحدرون من 160 الف فلسطيني بقوا في اراضيهم بعد قيام دولة اسرائيل عام 1948. ويشكلون 20% من السكان ويعانون من التمييز ضدهم خصوصا في مجالي الوظائف والاسكان.