انطلاق "جنيف السوري" والمعارضة تقرر المشاركة

انطلقت المفاوضات الهادفة لوقف النزاع في سورية امس برعاية الامم المتحدة في جنيف وسط تحديات كبرى، فيما قررت المعارضة بعد مشاورات مكثفة المشاركة في المفاوضات.
وكانت الهيئة العليا للمفاوضات المنبثقة عن المعارضة السورية قد قررت المشاركة في محادثات السلام التي انطلقت في جنيف، وذلك بعد اربعة ايام من المشاورات المكثفة في الرياض، كما قال احد اعضائها .
واوضح ان الهيئة المجتمعة في الرياض لاتخاذ قرار حول المشاركة في المفاوضات، ستوفد "30 إلى 35 شخصا".
وكانت الهيئة العليا، قد علقت مشاركتها لحين تلبية مطالبها المتعلقة بايصال مساعدات إلى المناطق المحاصرة ووقف القصف على المدنيين قبل دخول الحوار.
وبدأت المحادثات في جنيف بعد ظهر امس بلقاء بين موفد الامم المتحدة الخاص ستافان دي ميستورا والوفد الحكومي السوري المؤلف من 16 عضوا الذي يقوده السفير السوري لدى الامم المتحدة بشار الجعفري.ولم يتم الادلاء باي تصريحات قبل بدء اللقاء.
وإشارة انطلاق هذا الحوار الذي يرتقب ان يستمر ستة اشهر وتم التوافق عليه اثر ضغوط كثيفة من المجموعة الدولية، كانت متواضعة بدون حفل رسمي او خطابات.
ويجري الحوار بطريقة "غير مباشرة" اي يتفاوض الطرفان مع دي ميستورا الذي يقوم بدبلوماسية مكوكية بينهما.
وتأمل القوى الكبرى ان يتمكن السوريون من وقف النزاع الذي اوقع اكثر من 260 الف قتيل وتسبب بتشريد الملايين منذ آذار (مارس) 2011.
وتنص خارطة الطريق التي حددت ضمن القرار الدولي 2254 الذي صدر في كانون الاول (ديسمبر) على وقف لاطلاق النار وتشكيل حكومة انتقالية في غضون ستة اشهر وانتخابات في غضون 18 شهرا.
لكن قبل بدء المحادثات، اشترطت الهيئة العليا للمفاوضات خلال اجتماعها في الرياض تلبية مطالبها المتعلقة بإيصال مساعدات إلى المناطق المحاصرة ووقف القصف على المدنيين قبل دخول المفاوضات.
وبحسب برنامج الاغذية العالمي فإن 18 منطقة محاصرة في سورية وان اكثر من 4,6 مليون شخص لا تصلهم مساعدات انسانية او يحصلون على كميات قليلة منها.
وأعلنت الهيئة قبل يومين انها وجهت رسالة إلى الامين العام للامم المتحدة بان كي مون طلبت فيه ان تلتزم الاطراف المعنية بتنفيذ القرار رقم 2254 الصادر عن مجلس الامن في كانون الاول (ديسمبر) والذي ينص على ارسال مساعدات إلى المناطق المحاصرة ووقف قصف المدنيين.
وتعتبر المعارضة ان هذه المواضيع حسمت في قرار مجلس الامن ولا يفترض ان تكون موضع بحث على طاولة التفاوض، متهمة النظام بـ"المساومة على الموضوع الإنساني"، وتتمسك بضرورة البحث على طاولة التفاوض في العملية الانتقالية في سورية.
وردت واشنطن على موقف المعارضة، معتبرة ان المطالب الإنسانية التي قدمتها "مشروعة"، لكن يجب الا تكون سببا لان تفوت المعارضة "الفرصة التاريخية".
والنقطة الابرز التي تعثرت حولها مفاوضات سابقة هي مصير الرئيس السوري بشار الاسد، حيث تطالب المعارضة برحيله عن السلطة فور تشكيل الهيئة الانتقالية وهو ما يرفضه النظام وحليفتاه روسيا وايران.
وتجمع عشرات المتظاهرين بعد ظهر امس امام مقر الامم المتحدة في جنيف ورددوا هتافات تقول "الاسد والقاعدة نفس الوسائل ونفس المعركة" و"الاسد ليس الحل لمواجهة الارهاب، انه سببه".
والقوى الغربية التي لطالما طالبت برحيل الرئيس السوري، خففت من حدة لهجتها في الاونة الاخيرة في مواجهة تقدم تنظيم الدولة الاسلامية الذي تعتبره التهديد الرئيسي.
ويشن تحالف دولي بقيادة الولايات المتحدة غارات جوية على مواقع لتنظيم الدولة الاسلامية في العراق وسورية.
وأمس قررت هولندا الانضمام إلى حملة الضربات الجوية في سورية تلبية لطلب من واشنطن وباريس.
وينظر المجتمع الدولي إلى مفاوضات جنيف على انها وسيلة لتركيز الجهود على مكافحة تنظيم الدولة الاسلامية الذي يسيطر على اراض واسعة في سورية والعراق.
وكان دي ميستورا اطلق من جنيف مساء الخميس نداء "إلى كل رجل، إلى كل امرأة، إلى كل طفل وطفلة من سورية داخل سورية أو خارجها في مخيمات اللاجئين أو في أي مكان كان"، قائلا "نحن بحاجة الآن لقدراتكم للوصول لحلول وسط في المناقشة، للتوصل إلى حل سلمي في سورية نحن الآن بحاجة إلى إسماع صوتكم. إلى كل من يحضر هذا المؤتمر، نقول: هذا المؤتمر فرصة لا ينبغي تفويتها".
وقال ان مفاوضات جنيف "لا يمكن ان تفشل".
وأعلن رئيس الهيئة العليا للمفاوضات رياض حجاب انه تلقى تاكيدات من دي ميستورا ان وفد الهيئة العليا سيكون الوفد الوحيد الممثل للمعارضة في مفاوضات جنيف. وقال ان "بقية المشاركين دعاهم بصفة شخصية كمستشارين له".
ومن المعارضين الذين تمت دعوتهم من خارج الهيئة العليا، هيثم مناع الرئيس المشترك لمجلس سورية الديموقراطية، وهو تحالف من المعارضين الاكراد والعرب، وهو موجود في جنيف، بالإضافة إلى رئيس "الجبهة الشعبية للتحرير والتغيير" قدري جميل المقيم في موسكو والذي وصل إلى جنيف ايضا. وتشكل مشاركة الاكراد الذين تصر موسكو على دعوتهم وترفض انقرة ولقاء الرياض ذلك، احدى نقاط الخلاف. ولم توجه اي دعوة بعد إلى حزب الاتحاد الديموقراطي، ابرز حزب سوري ممثل للاكراد.
ولكل هذه الاسباب، شككت ايران التي تعتبر من الاطراف الرئيسية في الملف السوري، في امكانية التوصل إلى نتيجة سياسية سريعة.
وقال الرئيس الايراني حسن روحاني في حديث مع عدة وسائل إعلام فرنسية ان التوصل إلى حل سياسي للازمة السورية سيستغرق وقتا مشيرا إلى انه ينبغي تجنب الافراط في التفاؤل حيال ما ستفضي اليه المفاوضات.
واضاف "املنا ان نرى هذه المفاوضات تثمر في اسرع وقت. لكن سيكون مفاجئا ان احرزت نتيجة مبكرة جدا، ففي سورية مجموعات تقاتل الحكومة المركزية وتتقاتل في ما بينها. هناك تدخل في الشؤون الداخلية السورية". واضاف "المسألة السورية معقدة جدا. اعتقد ان الحل يجب ان يكون سياسيا، لكن من الصعب التوصل إلى نتيجة في غضون اسابيع، عبر عدة اجتماعات. هذا سيكون تفاؤلا مفرطا، لان المسألة السورية معقدة إلى حد كبير جدا".