كيف تصبح شخصاً فاشلاً في 2016 ؟!
مؤخراً أصبحت أغلب الأحاديث المستقبلة للعام الجديد 2016 تتحدث عن بث الأمل في النفوس وتعلية الهمم وإرشادك إلى سبيل النجاح وكيف تصبح أفضل في العام الجديد، لكن في الحقيقة وجدت أن أفضل طريقة لمواجهة المشكلة هو التحدث عنها بدلاً من التحدث حولها والاعتراف بها بدلاً من ردمها والبناء من جديد على أساس فاسد.
لذا إن كنت تتوقع من هذا المقال أن أحدثك عن كيف تغير من حياتك في العام الجديد وأبث إليك كلمات من الأمل الزائف وكيف أنك أقوى وأفضل من غيرك فأنت مخطأ، في الحقيقة سأحدثك عن أقصر وأسرع الطرق للفشل في هذا العام.
1- الق اللوم على 2015 لعدم تحقيق طموحاتك فيه
إحدى طرق الفشل السريعة للغاية في إقناع النفس والآفة المستشرية في وطننا العربي هي إلقاء اللوم على الزمان في عدم تحقيق ما أردناه أو في حدوث تغييرات سيئة لحياتنا فيه.
بالطبع الزمن ما هو إلا بضع دقات لعقارب الساعة لا تفعل شيئا ولا تزيد من حياتك أي نجاح أو تنقص منه ولا تتدخل بشكل مباشر في أسلوب معيشتك.
الزمن ليس هو من جعلك تخفق في حل الامتحان، وليس من حرضك على الكراهية والبغضاء، وليس هو المسئول عن فقدانك لشخص عزيز عليك.
2015 كانت سنة عظيمة لفائز بجائزة نوبل، أو لعداء حطم الرقم القياسي العالمي، أو لفريق حاز على بطولة العالم، بالتالي فإن العيب ليس فيها بكل تأكيد.
لن تمد لك العقارب يدها لتنقذ حياتك ولن تأخر من نفسها قليلاً كي لا تتأخر على مواعيدك، ولن تزيف من دقاتها كي تمنحك مزيداً من الوقت الذي لن تستفيد منه في شيء.
2- انتظر شخصاً ما أو معجزة ً ما في 2016 كي تغير حياتك
للأسف سأحمل إليك خبراً سيئاً قد يكدر عليك مزاجك قليلاً. لن يحدث أي تغيير في حياتك في العام الجديد ما لم تسع إليه بنفسك. انتظار الشخص المنقذ لك في الحياة على طريقة الأدبيات الفلسفية القديمة لن يجدي شيئاً ، هناك 7 مليارات من البشر غيرك يعيشون على نفس الكوكب جلهم مشغولون بأمور أنفسهم وبحياتهم الخاصة، وقد تنتظر هكذا طوال حياتك بلا أي جديد. ولن يأتي هذا الشخص أبداً.
كذلك انتظار حدوث مفاجأة لك أو معجزة تنزل عليك من السماء فجأة وبلا أي مقدمات لتأخذك إلى نعيم ورخاء لن يحدث، فقد ولى زمن المعجزات منذ عهد بعيد وأصبح البقاء في هذه الدنيا لمن يصنع معجزته بنفسه وينهض من مكانه كي ينظر إلى باقي العالم محاولاً التغيير فيه وليس انتظار تغيير منه.
3- استمر في التأجيل واضاعة الوقت في العام الجديد
من أهم طرق الفشل هي التسويف، التسويف يعني أن تأجل أعمالك إلى الأوقات الحرجة كي تنفذها فيها. أن تترك المادة حتى ما قبل موعد الامتحان رغم أنك لا تفعل شيئاً في هذا الوقت، أن تنفذ المشروع المطلوب منك قبل ساعات فقط من موعد تسليمه.
أعلم أن هذه العادة منتشرة بشكل كبير لدينا. استمر عليها في 2016 ولا تحاول التخلص منها أو تغييرها.
استمر كذلك في تضييع وقتك على مواقع التواصل الاجتماعي ليل نهار والضغط على زر التحديث في الفيسبوك كي تتابع المنشورات الجديدة بلا أي فائدة. وحينها سيتسابق الفشل في القدوم إليك. وستصبح هذه العادات إدماناً طوال حياتك لن تتخلص منه أبداً.
4- استمر في الوظيفة الكلية الحياة التي لا تناسبك
الكثير من الأشخاص يحب أن يصبح سجيناً في دنياه للظروف التي نشأ عليها ووجد نفسه فيها. دخل كلية لا يريدها فماذا يفعل؟ يستمر فيها بلا أي تغيير ويهمل في دراسته ويرسب العام تلو العام وحين تسأله عن السبب فيكون جوابه أن أقداره وظروفه هي التي أوقعته في تلك المأساة.
كذلك ربما يكون في وظيفة لا يحبها ولا تناسب مجاله ومع ذلك يستمر فيها دون البحث عن بديل آخر.
صدقني أنت تحيا في القرن العشرين، ومعنى ذلك أنه لا يوجد مخلوق على وجه الأرض يمكن أن يجبرك على شيء لا تريده، الوظيفة لها بدائل كثيرة، والكلية في زمن الكورسات المفتوحة على الإنترنت يمكنك دراسة ما لذ وطاب من المواد التي تفضلها، والظروف المادية الصعبة ربما لو بحث قليلا عن مصدر آخر للدخل سيتغير حالك.
أعلم أن الأمر قد لا يبدوا بمثل هذه السهولة لكن من قال بأن الحياة في هذه الدنيا سهلة؟ أو من المفترض أن تكون كذلك؟
منذ نشأتك في الحياة كنت حيواناً منوياً يتصارع مع 300 مليون حيوان منوي آخر كي يسبقهم جميعاً ويفوز بالجائزة. طوال حياتك ستقابلك الكثير من المتاعب والمصائب والعثرات، هي سنة الحياة التي لا تتبدل. الأهم هو كيف تتعامل مع كل ذلك؟
قديماً قالوا إن الألف ميل بدأ بخطوة واحدة، ولن تبلغ المجد حتى تلعق الصبر، بالتأكيد ليست هذه جمل تحفيزية بالية لكنها من صميم الظروف التي نحياها.
المليونير الذي تراه على الشاشات بدايته كانت بضعة دولارات، دكتور الجامعة كان طالباً مثلك يحضر كل يوم ويذاكر بجد كي يصل إلى ما هو عليه، زميلك وجد السفر أفضل له فلم ينظر إلى آلام الغربة وكيف سيبتعد عن الأهل والأصدقاء وإنما شق طريقه بكل جرأة وتحدي وسافر هنا وهناك وترك الوظيفة التي لا تناسبه وبحث عن أخرى أفضل وأخرى أفضل حتى وصل إلى ما هو عليه الآن.
الاستمرار في الظروف السيئة بحجة الظروف السيئة طريق رئيسي من طرق الفشل في هذه الحياة.
4- لا تقرأ
وهل هناك طريق للاخفاق في الحياة أشد تأثيراً من عدم القراءة؟ مادمت انساناً حياً يأكل ويشرب وينام ويتكاثر فلا يمكن أن تعيش حياتك بدون القراءة!
تذكر دائماً هذه الكلمات:
القراءة هي أساس كل نجاح، هي التي تفتح خلاياك الشبقة للمعرفة، هي التي تزيل الصدأ عن عقلك وروحك.
بإمكانك أن تستمر في الفشل في الحياة في العام الجديد إذا ما قررت أن لا تقرأ، وأن لا تزيد من معدل قرائتك وتنوع مصادر مكتبتك في شتى أنواع المعرفة الإنسانية.
6- اجعل عام 2016 كما هو عام 2015
لا تقم بأي تغيير في 2016، استمر على نفس العشوائية في المهام ولا تضع جداول زمنية لحياتك ولمهامك اليومية.
لا تخضع أي أفكار لك للنقد والتغيير، استمر في الاعتقاد بأنك وصلت مرحلة الكمال الفكري التي لا تحتاج منك لمراجعة أي فكرة لديك، استمر في الظن بأن رأيك اعتقادك أسلوبك هو الوحيد الصحيح والباقي المختلف معك فكرياً على خطأ، وكاره لك ولطائفتك ولمعتقدك.
استمر في الشك بكل ما حولك وبمن حولك وأن هناك مؤامرة كونية تحاك ضدك وضد وطنك نظراً للتقدم الهائل الذي أحرزته في الحياة وأن العالم بأسره يتجاسر عليك كي يفسد عليك معيشتك الرغدة التي لا يوجد لها مثيل.
صدقني إذا ظلت حياتك على هذا النحو فأضمن لك أن تصبح فاشلاً بامتياز في العام الجديد 2016.