ورطة إسرائيل بتشجيع الإعدامات الميدانية

ينعكس إرهاب الاحتلال الإسرائيلي، والعقلية الإرهابية التي تسيطر على المؤسسة الحاكمة بكل أذرعها، في الإعدامات الميدانية، الدائرة بشكل خاص في الاسابيع الأخيرة، وهي ظاهرة ليست جديدة. فكثير من أشرطة التصوير أظهرت أن هذه الإعدامات ما كانت لتمنع عملية، أو استمرار العمليات، بل أكدت أن القصد منها هو القتل، وقتل العربي تحديدا، فكثير من الشهداء ضحايا هذه الإعدامات لم يكونوا في وضعية تنفيذ عملية. ولكن الجانب الآخر لهذه الجريمة المتواصلة، هو أنها بدأت تطال الإسرائيليين أنفسهم، كما حدث حتى الآن في ثلاث حوادث وصلت إلى الإعلام، وآخرها عملية بئر السبع.
فالإعدامات الميدانية التي شهدتها القدس المحتلة مرارا في السنوات القليلة الماضية، بعضها وقع على خلفية حوادث طرق عادية، تم إلباسها "طابعها أمنيا"، هي من حق اليهود ضد العرب فقط، ونموذج مجزرة مدينة شفاعمرو، التي ارتكبها إرهابي يهودي وتمت تصفيته في المكان، كي لا يواصل قتل العرب (الشهداء)، هي مثال صارخ، فهناك تمت محاكمة 7 من أبناء المدينة العرب، وقبعوا في السجن لمدد تراوحت من 7 أشهر الى عامين، وجرى وصم بعضهم "بماض جنائي"، سيكون عقبة في حياتهم العملية.
وفي الأسبوعين الأخيرين، دعا الكثير من الساسة والعسكريين، الإسرائيليين إلى حمل السلاح حينما يخرجون من البيت، فيما أصدر وزير ما يسمى "الأمن الداخلي" غلعاد أردان تعليمات لتسهيل الحصول على رخصة السلاح، التي ستكون من نصيب كل "مدني" حصل خلال خدمته العسكرية، على أدنى رتبة ضابط ميداني في الجيش والشرطة. وحسب البيانات الرسمية، فحاليا يوجد 300 ألف رخصة حمل سلاح لأمثال هؤلاء، من أصل حوالي 6 ملايين يهودي، وهذه نسبة هائلة، بعد احتساب القاصرين، والمسنين، وهم من يعملون أصلا أو يخدمون ضمن الخدمة الالزامية في الجيش والشرطة.
وحالة الهلع في الشارع الإسرائيلي، وتشجيع سرعة الضغط على الزناد باتت تأتي بنتائج لم تردها إسرائيل. ففي عملية بئر السبع، التي وقعت في محطة الحافلات المركزية، أطلق الجنود النار على لاجئ من أرتيريا، لكونه أسمر اللون، رغم أنه كان في حال هرب بين الإسرائيليين. وأصيب بإصابات بالغة، ليهجم عليه المتواجدون وينهالوا عليه بالضرب المبرح حتى الموت.
وأدت هذه العملية بالذات الى أن يتراجع رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو أمس، عن تصريحات سابقة دعم فيها الإعدامات الميدانية، وطالب في كلمة له أمام كتلة الليكود البرلمانية أمس، بأن "لا يأخذ المواطنون القانون بأيديهم".
وإن كان هذا لاجئا أجنبيا، فإن ما حصل في مدينة بات يام في نهاية الأسبوع الماضي، كان "أشد خطورة" من ناحية إسرائيل فقد نشب شجار بين يهوديين وأحدهم حمل سكينا، فأطلقت الشرطة النار عليه وأردته قتيلا. وقالت عائلة القتيل إن الشرطة أطلقت النار عليه بدافع القتل. وسبق هذا، كما نشرنا في عدد سابق من "الغد"، في مستوطنة "كفار آتا" الجاثمة على أنقاض قرية "كفر إتا" الفلسطينية، بين مدينتي حيفا وشفاعمرو، إذ أقدم يهودي على طعن عامل يهودي في أحد المجمعات التجارية، بعد أن اعتقد أن العامل عربي. وأطلق حارس المُجمع النار على الجاني إلا أن الرصاص لم يصبه، حتى صرخ معلنا أنه يهودي. وقد ظهر العامل الضحية في قنوات التلفزة، وهو يهودي من أصل شرقي وأسمر البشرة، يروي ما حدث له وقال، لو أنه رأى ذلك اليهودي ينوي طعن زميله العربي في المجمع لدافع عنه وحماه.
وتقول الكثير من التقارير الإسرائيلية، إن اليهود الشرقيين، وذوي السحنة السمراء، كأولئك المهاجرين من جمهوريات سوفييتية سابقة، باتوا يتخافون على أنفسهم، وأن اليهودي اليمني الذي ظهر في شبكات التواصل الاجتماعي يرتدي بلوزة كتب عليها باللغة العبرية: "اهدأوا فأنا يهودي يمني"، لم يعد وحيدا. واستنادا لما تقوله "جمعية حقوق المواطن" الإسرائيلية، فإن اليهود ذوي البشرة السمراء، سيكونوا أيضا عرضة للقانون العنصري الجديد، الذي بدأ الكنيست في تشريعه هذا الأسبوع، ويجيز لعناصر الشرطة والجنود، بتفتيش أي شخص في الشارع، دون أن تكون حاجز للاشتباه به بأنه ينوي تنفيذ عملية، وهو قانون يستهدف الفلسطينيين.