استشهاد 5 فلسطينيين في يوم دام آخر

في يوم دامٍ آخر، استشهد، أمس، خمسة فلسطينيين، من بينهم فتاة ذات السبعة عشر ربيعاً، بنيران قوات الاحتلال الإسرائيلي، التي فرضّت طوقاً عسكرياً محكماً حول القدس المحتلة، وعزلت رام الله، وحوّلت الخليل إلى معكسر ثكنيّ.
وواصل الفلسطينيون انتفاضتهم في مختلف القرى والمدن الفلسطينية المحتلة ضدّ عدوان الاحتلال، فيما عمّ الخليل إضراب شامل حداداً على روح شهدائها الذين سقطوا في اليومين الفائتين خلال المواجهات العنيفة مع قوات الاحتلال.
سياسياً؛ قال مسؤولون فلسطينيون إن وزير الخارجية الأميركي جون كيري يريد، من خلال تحركه للتهدئة، "الضغط على الجانب الفلسطيني لإعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه"، مؤكدين أن ذلك لن يتحقق شريطة "وقف الاستيطان والإفراج عن الأسرى وتحديد سقف زمني لإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية على حدود العام 1967 وعاصمتها القدس المحتلة".
وفي الميدان المتفجرّ؛ أطلقت قوات الاحتلال النار على الفتى معتز أحمد عويسات (16 عاما)، من مسافة قريبة، في حي جبل المكبر، جنوب شرق القدس المحتلة، ما أدى إلى استشهاده، فيما عززت إجراءاتها الأمنية المشددة بالأسلحة والعتاد والجنود، تزامناً مع فرض طوق عسكري محكم حول المدينة المحتلة.
كما أطلق مستوطن نيران عدوانه ضدّ الشاب فضل محمد عوض القواسمي (18 عاماً)، بعدما اعترض طريقه أثناء عبوره شارع الشهداء وسط مدينة الخليل، جنوب الضفة الغربية، ليحتفل بعدها، مع أقرانه المتطرفين، بجريمة القتل، عبر توزيع الحلوى على المستوطنين في المدينة المحتلة. فيما منعت قوات الاحتلال طواقم إسعاف الهلال الأحمر من تقديم العلاج الطبيّ اللازم للشاب القواسمي، حيث تركته ملقى على الأرض ينزف إلى حين ارتقى شهيداً.
وتكرر نفس المشهد العدواني مع استشهاد الفتاة الفلسطينية بيان أيمن عبد الهادي العسيلي (17 عاماً) بعدما أطلقت قوات الاحتلال النار عليها في منطقة واد الغروس قرب مستوطنة "كريات أربع" في الخليل المحتلة، بحجة محاولتها طعن مجندة اسرائيلية.
وقالت عائلة العسيلي "بأنه تم إبلاغهم من الجانب الإسرائيلي بأن الفتاة بيان (17 عاماً) قد قتلت بعد قيامها بطعن مجندة"، فيما زعمت قوات الاحتلال بأن الفتاة قد استشهدت نتيجة "إطلاق النار عليها من قبل مجندة إسرائيلية من حرس الحدود تعرضت للطعن في يدها بصورة طفيفة". واقتحمت قوة من جيش الاحتلال منزل عائلة الشهيدة، الكائن في منطقة واد الغروس شرق الخليل، واعتدت بالضرب على مواطنيه، كما اعتقلت والد الشهيدة.
وكانت مواجهات تعدّ الأعنف منذ مطلع الشهر الجاري، قد اندلعت أمس في منطقة باب الزاوية، وسط مدينة الخليل، بين جنود الاحتلال والشبان الفلسطينيين، فيما أطلق جنود الاحتلال الرصاص المطاطي وقنابل الغاز والصوت بكثافة تجاه المواطنين، مما أدى إلى إصابة عدد منهم.
وبموازاة ذلك؛ أغلقت قوات الاحتلال الطريق الرئيس المؤدي لقرى شمال شرق رام الله بالسواتر الترابية، حيث أغلقت الطريق الرئيس الذي يصل قرى سلواد، والمزرعة الشرقية، ودير جرير، ودير دبوان، وكفر مالك، والطيبة، والتجمعات البدوية، بمدينة رام الله، بالسواتر الترابية.
ولم تسلم أشجار الزيتون من عدوان المستوطنين، حيث تصدى الفلسطينيون أمس لاعتداءات المستوطنين على المزارعين أثناء قطفهم الزيتون، في قرية بورين قضاء نابلس.
وقال الناشط السياسي الفلسطيني أحمد أبو رحمة إن "مجموعة من الشبان الفلسطينيين وعدداً من المتضامنين الأجانب قد تصدّوا للمستوطنين الذي حاولوا الاعتداء على المزارعين الفلسطينيين أثناء قطفهم للزيتون".
وأضاف، لـ"الغد" من فلسطين المحتلة، إن "مقاومة الاحتلال شملت مختلف القرى والمدن الفلسطينية، وعند الحواجز العسكرية وجدار الفصل العنصري". وأوضح بأن "سلطات الاحتلال حوّلت مدينة الخليل إلى معكسر للجيش الإسرائيلي، ومدينة القدس المحتلة إلى ثكنة عسكرية بحيث لا يستطيع أي فلسطيني المرور إلا بعد خضوعه لتفتيش عدواني من قبل قوات الاحتلال". ولفت إلى أن "الوضع يزداد توتراً في ظل تصاعد العدوان الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني، والذي أسفر، حتى الآن، عن سقوط نحو 40 شهيداً و1500 جريح، غالبيتهم في حالات حرجة". وأكد بأن "انتفاضة الشعب الفلسطيني مستمرة، حيث لن تثنيه آلة القتل والظلم والقهر والعدوان الإسرائيلية، بل سيواصل مقاومته العادلة إلى حين إزالة الاحتلال وتحقيق حقوقه المشروعة في التحرير وتقرير المصير وحق العودة".
وفي قطاع غزة؛ أصيب عدد من المواطنين بحالات اختناق جراء اطلاق قوات الاحتلال لقنابل الغاز في تجدد المواجهات شمال قطاع غزة.
وأفادت الأنباء أنه "بعد انتهاء مسيرة للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين في منطقة معبر بيت حانون اشتبك الشبان مع قوات الاحتلال التي اطلقت قنابل الغاز باتجاههم، مما أدى إلى وقوع عدد من الاصابات بالاختناق".
المساعي السياسية الأميركية
من جهته، قال الرئيس الأميركي باراك اوباما "نحن قلقون للغاية حيال انفجار العنف"، مؤكدا "قناعته بانه من حق اسرائيل حفظ النظام والقانون وحماية مواطنيها من الهجمات بسكاكين وأعمال العنف في الشوارع".
في المقابل؛ يستعد كيري لزيارة المنطقة من أجل بحث سبل "تهدئة الأوضاع" في فلسطين المحتلة، وذلك في إطار محاولات من أطراف دولية، لاسيما الأميركية منها، لتحقيقه"، وفق عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير جميل شحادة.
وقال، لـ"الغد" من فلسطين المحتلة، إن "الإدارة الأميركية منسجمة مع الموقف الإسرائيلي من خلال التصريحات والرؤية المحدودة التي تنظر فقط لوضع المستوطنين، بدون الأخذ بالأسباب واعتداءات الاحتلال المتواصلة ضد الشعب الفلسطيني والانتهاكات المستمرة بحق المسجد الأقصى المبارك".
وأوضح بأن "كيري يريد الضغط على الجانب الفلسطيني من أجل إعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه"، مؤكداً بأن "الشعب الفلسطيني لن يقبل أن يعود إلى المرحلة السابقة، بل يريد الحق في إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1967، والمعترف بها والخالية من المستوطنين". وزاد قائلاً "إذا استهدف كيري من مجيئه البحث في تلك المعادلة كحل للوضع الراهن، فسيواجه الرفض من قبل القيادة والشعب الفلسطيني".
وبين أن "هناك استحقاقات تهربوا منها وعليهم جميعاً الضغط على الطرف الإسرائيلي من أجل الالتزام بها، عبر وقف الاستيطان والإفراج عن الدفعة الأخيرة من "الأسرى"، المعتقلين ما قبل "أوسلو"، ووضع برنامج زمني محدد للانسحاب الإسرائيلي من الأراضي المحتلة عام 1967، وذلك من أجل تهدئة الأوضاع". وأكد بأنه "إذا رفض الاحتلال ذلك، فالشعب الفلسطيني موجود على أرضه وقراه ووطنه في دولة فلسطين، وسيستمر في الدفاع عن نفسه مدعوماً بتأييد دولي واسع لعدالة قضيته، في مواجهة التغول والعدوان الإسرائيلي الاستيطاني".
من جانبه، قال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير صائب عريقات أنه "وجه رسالة، أمس، إلى المقر الخاص للأمم المتحدة المعني بحالات الإعدام الخارجة عن نطاق القانون، كريستوف هينز، وطالبناه رسمياً بإجراء تحقيق فوري في حالات القتل التي ترعاها دولة الاحتلال بحق عدد من أبناء الشعب الفلسطيني خلال الأسابيع القليلة الماضية".
وأضاف، في تصريح أمس، إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين "نتنياهو يجهد بالتحايل على المجتمع الدولي من أجل تبرير سياساته القمعية والتصعيدية غير القانونية بدلاً من الاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني وإنهاء الاحتلال العسكري عن أرض فلسطين".
وتابع "تتنكر دولة الاحتلال لحقوق الإنسان الأساسية للشعب الفلسطيني، وتواصل بناء الاستيطان، وتهجير المواطنين الفلسطينيين قسرياً وهدم منازلهم، وحولت مدينة القدس المحتلة إلى ثكنة عسكرية تطوقها عشرات الكتل الاسمنتية التي تحد من الدخول والخروج إلى مناطق مختلفة في جميع أنحاء المدينة".
وأكد بأن "السبيل الوحيد لتحقيق السلام والأمن للجميع هو إنهاء الاحتلال الإسرائيلي عن فلسطين، ومع ذلك، تصر دولة الاحتلال على فرض حرب شاملة على الشعب الفلسطيني التي عجزت عن كسر إرادته من أجل الحصول على حريته".