الهباش: لا إلغاء للاتفاقيات مع الاحتلال

قال مستشار الرئيس الفلسطيني للشؤون الدينية والعلاقات الإسلامية وقاضي قضاة فلسطين محمود الهباش إن "الجانب الفلسطيني لا يتحدث عن إلغاء الاتفاقيات الموقعة مع الجانب الإسرائيلي، وفق "أوسلو"، وإنما يطالب بتنفيذ متبادل لها".
وأضاف، من فلسطين المحتلة، ان القيادة الفلسطينية ستقوم "بمراجعة تنفيذ أكثر من 20 اتفاقاً، من الاتفاقات الأمنية والسياسية والاقتصادية وغيرها، الموقعة منذ اتفاق "أوسلو"، والتي لم تلتزم سلطات الاحتلال بتنفيذها".
وأكد ضرورة "تنفيذ تلك الاتفاقيات، التي يلتزم الجانب الفلسطيني بها، بشكل تبادلي، وإلا لن يكون باستطاعة القيادة الفلسطينية الالتزام بها".
وأوضح بأن ما ورد في خطاب الرئيس محمود عباس أمام دورة الأمم المتحدة، مساء الأربعاء الماضي، "تعبير عن قرار سبق أن اتخذه المجلس المركزي الفلسطيني، في شهر آذار (مارس) الماضي، لتحديد شكل العلاقة مع الاحتلال، في ضوء تنكره لكافة الاتفاقيات المبرمة بين الجانبين".
وأشار إلى أن "هذا الموضوع على طاولة القيادة الفلسطينية، حيث ستقرر شكل وحدود وطبيعة تنفيذ ما ورد في خطاب الرئيس عباس"، مبيناً أن "الاجتماعات قائمة للتشاور وبحث شكل الخطوات المقبلة".
ردود فعل متباينة
وقد تباينت ردود الفعل بشأن ما ورد في خطاب الرئيس عباس أمام المنبر الأممي، والذي يحمل بالنسبة إلى بعضها خيارات مفتوحة، ما بين جدية إلغاء اتفاق "أوسلو" أو مجرد التهديد فقط، وذلك عندما أعلن أن "لا يمكنه الاستمرار بالالتزام بالاتفاقيات الموقعة مع الجانب الإسرائيلي ما دام مصراً على عدم الالتزام بها".
وأرجع مسؤولون فلسطينيون الحديث بتلك اللغة إلى "تفاقم الأوضاع المتدهورة في الأراضي المحتلة نتيجة سياسة الاحتلال الإسرائيلي، وانسداد الأفق السياسي، وانشغال دول المنطقة بقضاياها الداخلية بعيداً عن الاهتمام الكافي بالقضية الفلسطينية".
من جانبه، قال خبير القانون الدولي أنيس قاسم أن ما أعلنه الرئيس عباس "لا يعني أنه ألغى اتفاقيات "أوسلو"، وأوقف التعاون الأمني، حيث ما ورد على لسانه مشروط بعدم القدرة على الاستمرار في المفاوضات في الوقت الذي لا يلتزم فيه الاحتلال باتفاق أوسلو".
وأضاف، ، لقد جاء الرد فوراً من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عبر تأكيد الاستعداد للتفاوض ولحل الدولتين مقابل الاعتراف بيهودية الدولة، وكأنه يريد القول بأن الكيان المحتل لم يلغ أوسلو".
واعتبر أن "الكلام ما يزال يدور في دائرة رمزية المناورة التي تمارسها السلطة الفلسطينية منذ فترة بعيدة، لدرجة أن سلطات الاحتلال والأطراف المعنية لم تعد تأخذ هذه التصريحات على محمل الجدّ".
وأوضح بأن "ما ورد في خطاب الرئيس ليس قراراً بل هو أقرب إلى الملامة القاسية التي لا ترتق حتى إلى التهديد"، مفيداً بأن "إلغاء "أوسلو" يتطلب من القيادة الفلسطينية "حلّ" السلطة، باعتبارها وليدة الأمر العسكري رقم 4، بما يقتضي منها لفسخ أوسلو رفض هذا الأمر العسكري".
ويشمل ذلك، وفق قاسم، "كل الاتفاقيات الموقعة مع الاحتلال، بما يعني العودة إلى نقطة الصفر"، مشيراً إلى أن "القرار بإلغاء أوسلو لا يأتي ضمن خطاب بشكل منفرد، بل يستوجب صدوره عبر بحث عميق في أوساط القيادة الفلسطينية، بمختلف أطيافها، لبحث الآثار المترتبة عليه والتحضير لاتخاذ إجراءات وقائية مضادّة لردود الفعل القاسية من الاحتلال والولايات المتحدة والمجموعة الأوروبية".
مرحلة جديدة
من جانبه، اعتبر المجلس الوطني الفلسطيني أن "الرئيس عباس أسس لمرحلة جديدة من مراحل النضال الفلسطيني وبناء الدولة والتحرر من الالتزام بالاتفاقيات التي ترفض سلطات الاحتلال الالتزام بها، وعدم القبول باستمرار الوضع الراهن، لأنه يعني الاستسلام لمنطق القوة الإسرائيلية الغاشمة".
ودعا "أبناء الشعب الفلسطيني وكافة فصائله الوطنية والإسلامية للتلاحم والتكاتف لمواجهة استحقاقات المرحلة القادمة، بتنفيذ قرارات المجلس المركزي الملزمة".
بيدّ أن حركة "حماس" انتقدت خطاب الرئيس عباس، الذي "لن ينفذ منه شيئاً"، بحسبها، معتبرة، على لسان القيادي البارز إسماعيل الأشقر، أنه "لم يرتق إلى مستوى شعب يرزح تحت الاحتلال و يعاني من ويلاته".
وقال إن الحديث عن عدم الاستمرار في الاتفاقات المبرمة مع الاحتلال مادام لا يلتزم بها، غير واقعي، لافتاً إلى أن "السلطة الفلسطينية تقول كلاما ولا تنفذه"، على حد وصفه.
من جانبها، طالبت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين "بإلغاء اتفاقات أوسلو، وما ترتب عنها من نتائج والتزامات في ضوء السياسة الإسرائيلية الاستيطانية والتهويدية، ورفض الإقرار بالحقوق الوطنية الثابتة للشعب الفلسطيني وفي مقدمتها حق العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس".
وأشارت إلى أهمية "الذهاب إلى جميع المؤسسات الدولية لملاحقة الاحتلال على جرائمه العدوانية، والعمل الجاد لتنفيذ وترجمة قرارات المجلس المركزي، حول وقف التنسيق الأمني وإلغاء اتفاق باريس الاقتصادي وتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني."
ودعت إلى "تنفيذ اتفاق القاهرة وعقد اجتماع للجنة تفعيل وتطوير منظمة التحرير، وللمجلس الوطني، بهدف رسم استراتيجية عمل وطنية جديدة وإعادة بناء الوحدة الوطنية على أسس سياسية وتنظيمية واضحة وراسخة"، مطالبة "بإغلاق الأبواب التي تفتح أمام العودة إلى مربع المفاوضات العبثية والضارة".
ترتيب البيت الداخلي
بدوره، قال رئيس التجمع الوطني للشخصيات المستقلة منيب المصري إن "تأكيد الرئيس عباس على قرارات المجلس المركزي تأتي في سياق السعي لترتيب البيت الداخلي، وحماية الشعب الفلسطيني من جرائم الاحتلال المتواصلة، ووضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته القانونية والأخلاقية تجاه ممارساته العدوانية".
ودعا، في تصريح أصدره أمس، إلى "رصّ الصف الفلسطيني من أجل حماية القدس ومقدساتها الإسلامية والمسيحية"، مؤكدا أن "إنهاء الانقسام يعدّ بداية الطريق لإعادة القضية الفلسطينية إلى سلم أولويات المجتمع الدولي، ودحر الاحتلال، وبخاصة أن التجمع قدم خطوات عملية لإنهاء الانقسام ودعم صمود القدس".
وبالمثل؛ دعت الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين إلى "عقد لجنة تفعيل وتطوير المنظمة لتطبيق قرارات المجلس المركزي وترجمة خطاب الرئيس عباس إلى قرارات ملموسة وملزمة للجميع". إلا أنها اعتبرت أن "خطاب الرئيس عباس مفتوح على احتمالات متعددة وبدون تحديدات زمنية، وبانتظار ردود دولة الاحتلال، وردود دولية واقليمية".
وأكدت ضرورة "وضع الحلول والآليات التنفيذية لقرارات المجلس المركزي، والتوجه إلى محكمة الجنايات الدولية، وتقديم الشكاوي ضد جرائم الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني".
وطالبت "بتحديد سقف زمني لإنهاء الانقسام وإجراء الانتخابات وتشكيل حكومة وحدة وطنية كاملة الصلاحيات لضمان المصالحة الوطنية الشاملة، وذلك ضمن برنامج الانتقال من سلطة تحت الاحتلال إلى دولة فلسطينية على حدود 4 حزيران (يونيو) 1967 تحت الاحتلال".
من جانبه، قال المكتب السياسي لجبهة النضال الشعبي الفلسطيني إن "الرئيس عباس لم يحسم الموقف من اتفاقات أوسلو والتنسيق الأمني مع الاحتلال، ولم يضع استراتيجية جديدة لمواجهة التحديات القائمة، والعمل الجاد لإعادة بناء منظمة التحرير ومؤسساتها".
وأضاف، في بيان أمس، إن "عدم وضوح الموقف أضعف الوضع الفلسطيني"، مطالباً "بوقف التنسيق الأمني وإلغاء الاتفاقات المذلة التي مضى عليها أكثر من عشرين عاماً والتي استخدمها العدو غطاء لعدوانه ومخططات الاستيطان والتهويد والضم".