تأثير انخفاض النفط على السلع .. وقنبلة من العيار الثقيل في آلية تسعير المشتقات النفطية
بعد أن لامست أسعار النفط حاجز الـ 40 دولارا للبرميل توقعت وزارة الصناعة والتجارة حدوث انخفاض ملحوظ على أسعار معظم السلع الأساسية وغير الأساسية في الايام المقبلة، إلا أن هذه التوقعات التي أدخلت البهجة على قلب المواطن يبدو بأنها ستصطدم بجملة من الحقائق التي ستجعل من التخفيض الفعلي لأسعار هذه المواد خاصة الغذائية منها أمرا غير مؤكد.
توقعات وزارة الصناعة والتجارة هذه جاءت على لسان الناطق باسمها ينال البرماوي الذي أكد على أن الإنخفاضات ستطال كافة المحاصيل الزراعية من الخضراوات والفواكه بسبب ارتفاع كميات انتاجها، والألبان ومنتجاتها إضافة إلى مادة بيض المائدة.
إلا أن الأسعار الحالية للسلع الغذائية تشهد انخفاضا فعليا يلمسه المواطن منذ فترة وذلك نتيجة المنافسة بين التجار والركود الحاصل في السوق الأردني، وهو ما أكده نقيب تجار المواد الغذائية خليل الحاج توفيق الذي رأى بأن تصريح وزارة الصناعة والتجارة غير دقيق ولم يبنَ على دراسات حقيقة.
الحاج توفيق نبه إلى أن الأردن يعد من الدول المستوردة للغذاء، وأن انخفاض أسعار السلع المستوردة مرهون بانخفاض أسعارها ببلد المنشأ، مؤكدا أنه لا يوجد لغاية الآن انخفاض على أسعار المواد الغذائية وأنه من المحتمل ارتفاع بعض السلع نتيجة الأزمة الاقتصادية التي تشهدها الصين.
أما المحلل الاقتصادي خالد الزبيدي فقد ربط انخفاض اسعار السلع الغذائية في حال تخفيض أسعار المشتقات النفطية بعملية إعادة تسعير المخزون، وهي عملية مرتبطة بتاريخ شراء المواد المستوردة، بحيث نلمس انخفاضا على أسعار هذه السلع بعد فترة قد تمتد لأسابيع، فيما قد يتم تخفيض أسعار الخضراوات بشكل فوري.
الزبيدي أكد على ضرورة الأخذ بعين الاعتبار مسألة أسعار الكهرباء التي تصمم الحكومة الأبقاء عليها على الرغم من انخفاض أسعار المحروقات عالميا لا بل تتجه إلى رفع أسعارها في قادم الأيام وهو ما يعطل عملية العرض والطلب في السوق المحلية وبالتالي سيجعل من تخفيض أسعار السلع الغذائية أمرا غير وارد.
وفيما يخص أسعار المشتقات النفطية فقد كشف الزبيدي عن أن الحكومة لا تتمتع بالشفافية في وضع التسعيرة، حيث قال إن برميل النفط بعد تكريره ينتج ما يعادل 8 صفائح من مادة البنزين، مشيرا إلى أن سعر برميل النفط يعادل 28 دينارا تقريبا أما سعر الصفيحة محليا فيبلغ 13 دينار، ومن هنا نرى بأن الحكومة لا تعتمد على المكاشفة في هذا الملف.
ويضيف الزبيدي: "على الرغم من أن الأردن يمتلك مصفاة لتكرير النفط إلا أن أسعار بعض الدول أقل، فلبنان على سبيل المثال تبيع المشتقات النفطية أقل من الأردن بـ35% على الرغم من أنها لا تمتلك مصفاة لتكريره".
الرأي النيابي جاء مطالبا وزارة الصناعة والتجارة والتموين بتخفيض اسعار السلع والخدمات لا سيما الاساسية منها حتى يلمس المواطن هذا الانخفاض، وذلك بحسب رئيس لجنة الطاقة النيابية سامي قموه، الذي نبه إلى ضرورة الفصل ما بين الاقتصاد الاجتماعي والتجارة.
لكن قموه رأى بأن الاقتصاد الاردني يعاني من ازمات عديدة وبالتالي قد يحول ذلك دون قيام وزارة الصناعة بتخفيض اسعار السلع والخدمات الأساسية، مبينا أن زيادة المديونية التي أرهقت الاقتصاد الاردني بالاضافة إلى العجز التجاري كلها عوامل قد تحول دون تخفيض أسعار السلع.
وزاد قموه ما يجب أن تقوم به وزارة الصناعة والتجارة في هذه الاثناء بالتحديد هو تفعيل أدوات الرقابة على التجار والتأكد من التزامهم بالاسعار التي حددتها الوزارة.
وعن دور مجلس النواب في هذا الأمر أكد قموه أنه سيتم متابعة إمكانية تخفيض أسعار بعض السلع والخدمات مع وزارتي النقل والصناعة والتجارة.
بعد نحو 3 أعوام على قرار الحكومة بتحرير أسعار المشتقات النفطية والذي أدى إلى ارتفاع عدد لا بأس به من السلع الأساسية، ها هي أسعار النفط تشهد انخفاضا أقل مما كانت عليه قبل تحرير أسعار المحروقات لكن أسعار السلع الغذائية ما زالت على حالها، وتبقى مسؤولية عدم تخفيض الأسعار كرة تتقاذفها جميع الجهات المختصة إلى أن تستقر في جيب المواطن.