آخر الأخبار
  الامن العام يحذر مجدداً من هذه المدافئ   السلامي: لا يمكن مؤاخذة أبو ليلى أو غيره على الأخطاء   حسان للنشامى: رائعون ومبدعون صنعتم أجمل نهائي عربي   البوتاس العربية" تهنّئ المنتخب الوطني لكرة القدم بحصوله على لقب وصيف كأس العرب   علي علوان يحصد لقب هداف كأس العرب 2025   الملك للنشامى: رفعتوا راسنا   الملكة: فخورون بالنشامى، أداء مميز طوال البطولة!   منتخب النشامى وصيفاً لكأس العرب 2025 بعد مواجهة مثيرة مع المغرب   الشوط الثاني: النشامى والمغرب ( 3-2 ) للمغرب .. تحديث مستمر   تحذير صادر عن "إدارة السير" للأردنيين بشأن المواكب   تحذير صادر عن مدير مركز الحسين للسرطان للأردنيين   رئيس وزراء قطر: اجتماع وشيك للوسطاء بشأن اتفاق غزة   أبو الغيط: الأردن في قلب الاحداث ودبلوماسيته نشطة للغاية   النائب الهميسات يوجه سؤالاً للحكومة بخصوص مديرة المواصفات والمقاييس   الحكومة الاردنية ستنظر برفع الرواتب بموازنة عام 2027   الملك يهنئ أمير دولة الكويت بذكرى توليه مقاليد الحكم   عثمان القريني يكشف عن موعد مباراة الاردن والمغرب وحقيقة تغير موعدها   تفاصل حالة الطقس في المملكة حتى السبت   العيسوي يلتقي وفدا من أبناء عشائر حلحول- الخليل بالأردن   وزير البيئة: بدء إعداد البرنامج التنفيذي للحد من الإلقاء العشوائي للنفايات

العراق: العبادي يسعى لإنقاذ النظام من الداخل خشية إطاحته شعبيا

{clean_title}
تتعدد القراءات لمغازي الخطوات الاخيرة التي اتخذها رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، لتنفيذ وعوده للعراقيين، خصوصا تخليص البلاد من النظام الطائفي الفاسد، الذي رسخه سلفه نوري المالكي، وسط تساؤلات عن مصير "انقلاب القصر على النظام، وما اذا كان سينتهي، زوبعة في فنجان؟!
فاجراءات العبادي الذي يكمل في الشهر المقبل عاما من رئاسته، يرى مراقبون أنها تعبير عن "رفضه البقاء في الصندوق الذي وضعوه فيه، فقرر تغيير هيكل الحكم الذي قلصه إلى مجرد موظف حكومي لا يحل ولا يربط"!
فتحت تحت ضغط الشارع العراقي المحتقن، اقدم العبادي على طرد نوابه، وقيادات الدولة باستثناء رئيسي الجمهورية والبرلمان، ومحا إدارات من الحكومة، وجرّد معظم المسؤولين والنواب من حراسهم الشخصيين، وهم بالآلاف. وتعهد بأنه لن يسمح بتعيين وكلاء وزارات ومستشارين ومديرين عامين وفق المحاصصة الحزبية والطائفية، وأنه سيشكل لجنة مهنية لاختيار المرشحين على ضوء معايير الكفاءة والنزاهة!
واعتبر المراقبون، أن العبادي اضطرّ إلى اتخاذ قرارات مقنعة للجمهور الغاضب في الشوارع، والذي لم يهب صارخا هذه المرة طالبًا النجدة من "داعش" أو من سطوة الميليشيات، بل من الحر الشديد الذي يعيشه الناس ومعظم مدن العراق تعيش دون كهرباء، نتيجة ضعف الخدمات الحكومية!
بيد أن عقدة المنشار، كما يرى المراقبون تبقى طبيعة الحكم وفساده، لافتين الى أن العبادي، الذي ورث تركة ثقيلة من حقبة المالكي، وجد نفسه أمام مواجهة الفساد المالي والإداري والبدء بحزمة إصلاحات هيأت لها المظاهرات الشعبية، فضلا عن وقوف المرجع الأعلى علي السيستاني معه، اضافة الى مسعى العبادي في الخروج من عنق زجاجة حزبه(حزب الدعوة) الذي ما يزال يتزعمه المالكي.
وطبقا للحراك الشعبي العراقي، فإن الشعار الأبرز الذي رفع خلال المظاهرات التي بدأت من محافظة البصرة أقصى الجنوب العراقي منذ نحو شهر كان هو محاربة الفساد. وعنوان هذا الفساد هو عدم تأمين الطاقة الكهربائية على الرغم من إنفاق الحكومات المختلفة أكثر من 50 مليار دولار، بينما لا يتعدى إنتاج الطاقة 11 ألف ميغاواط، علما بأن حاجة العراق الفعلية هي 21 ألف ميغاواط، والمبالغ المصروفة على هذا الملف بإمكانها تجهيز أكثر من هذه الكميات من الطاقة.
وعشية إعلان العبادي نقاطه السبع للإصلاح، أعلن نائبه، بهاء الأعرجي أنه قرر التوجه إلى الادعاء العام للتحقيق معه في تهم فساد. أمّا مساء يوم إعلان حزمة الإصلاحات فقد تناولت قنوات فضائية ووسائل التواصل الاجتماعي خبرا بدا لافتا لدلالته، ويقول إن سلطات مطار بغداد الدولي منعت المالكي من السفر، وحصلت مشادة بين حماية المطار وحمايته.
واعتبر المراقبون أنه بصرف النظر عن أي حيثية تتعلق بمحتوى خبر منع المالكي من السفر، فإن دلالته هي الأهم حيث إنه بالنسبة للوعي الجمعي العراقي فإن المالكي هو "أكبر اللاعبين" على صعيد الهدر، بل يقول بهاء الأعرجي إن "معظم المبالغ التي تم إهدارها والبالغة نحو تريليون دولار أميركي كانت خلال حكم المالكي الذي بلغ ثمانية أعوام".
ويضيف الأعرجي أن "العراق باع بين 2004 و 2014 نفطا بقيمة 800 مليار دولار، يضاف إلى ذلك أنه حصل على معونات ومساعدات مالية بنحو 200 مليار دولار، لكن لم يكن لها نصيب على أرض الواقع من حيث الإنجاز، فضلا عن عدم تقديم حكومتي المالكي حسابات ختامية لمعظم فترة توليه السلطة. ويكشف الأعرجي أن "حكومة العبادي تسلمت ميزانية شبه خاوية ليس فيها سوى ثلاثة مليارات دولار فقط".
المراقبون يرون أن "مشكلة العبادي، ومشكلة الحكم في العراق، هي شخصيات مثل المالكي، ورؤساء الأحزاب، الذين قرروا تقاسم الحكم معه. وقد أدركت القوى الداخلية والخارجية مبكرًا أن العبادي رئيس وزراء بصلاحيات منزوعة. والسبب أن المالكي دمر مؤسسات الدولة، بتشجيعه الفساد لتمكين رجاله بالصلاحيات المطلقة".
ويصف المراقبون نوري المالكي:"ديكتاتوريا بدرجة أفسد القضاء والأمن، حتى قضى على مشروع العراق الحلم، كدولة مؤسسات. أمّا الجرائم التي ارتكبتها حكومته فهي مخيفة، من تلفيق التهم ضد خصومه، والإفراط في استخدام الأمن، ونهب المال العام بدرجة مريعة، وتجاهل الدستور واحتقار البرلمان إلى درجة لم يأخذ موافقتهم ولم يطلعهم على نفقات حكومته إلا بعد أن خرج من الحكم، حيث أرسل ميزانيات ست سنوات معًا، في خطوة لم يعرف لها مثيل في تاريخ الحكم في العالم".
ويقول الخبير الاقتصادي باسم بطرس، إن "ما يمر به العراق هو ما تواجهه في العادة الدول الريعية التي تعتمد على اقتصاد وحيد الجانب مثل النفط دون الالتفات إلى ميادين أخرى مثل الزراعة والصناعة والسياحة وسواها، إضافة إلى الإدارة العشوائية للاقتصاد". لكن وزير التخطيط الأسبق والنائب الحالي مهدي الحافظ، يرى أن "الأزمة السياسية في العراق وصلت إلى مرحلة الخلل البنيوي التي لا يمكن معالجتها دون تغيير جذري في قواعد النظام وآلياته وعلى كل المستويات"، عادا "النظام السياسي الحالي القائم على أساس المحاصصة الطائفية والعرقية والحزبية هو بمثابة العقبة الكبيرة أمام أي إصلاحات، وبالتالي فإن عملية التغيير، ومن خلال استثمار زخم الشارع الرافض لهذه المحاصصة، إنما تكمن في تشكيل حكومة تكنوقراط تضع خططا جديدة للعمل وتحارب الفساد في كل مفاصله من خلال الضرب بيد من حديد على الفاسدين، ووضع الشخص المناسب في المكان المناسب حتى لا يكون الحديث عن محاربة الفساد مجرد كلام عام".
ويجمع المراقبون على أنه بعد أنّ "ضجّ العراقيون من الفساد وسوء الإدارة الحكومية، وجد العبادي أنها فرصة للانقضاض على سبب عجزه فانتفض مع المنتفضين، على أمل أن يزحزح الرابضين على الخدمات الحكومية ويبدأ في تنفيذ وعوده للشعب العراقي".
ويعتبر المراقبون ان نجاح العبادي في انقلابه الأبيض، وإنْ اعتمد على دعم المرجعية الدينية، مرتبط باقصائه المالكي ورجاله، في الأمن والجيش والقضاء والبنك المركزي وسواها من مؤسسات الدولة، وإلاّ فان كل ما يجري محض زوبعة في فنجان سيتمكن النظام الفاسد من الالتفاف عليها كما كان الحال منذ تفجر احتجاجات الربيع العربي في ربيع 2011 .