وكاله جراءة نيوز - عمان - يستعد كوفي عنان لزيارة دمشق في محاولة لاحتواء الأزمة السورية لكنه كوسيط مخضرم يحق له أن يتصور أن وقته سيكون مثمرا أكثر بكثير لو قضاه في موسكو الحليف الاستراتيجي لسورية.
ويقول محللون إن روسيا هي القوة الخارجية الوحيدة التي يمكنها أن تحدد ما إذا كانت مهمة العاشر من آذار التي سيقوم بها عنان المبعوث الخاص للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية ستحول دون تحول الاستجابة الدولية المتشرذمة إلى تهافت عنيف على تعزيز النفوذ في المنطقة.
ويرى الكثيرون إن الصراع الداخلي في سورية يتحول إلى صراع بالوكالة بين تكتلات دولية متنافسة بين السنة والشيعة في الشرق الأوسط وعالميا على خطوط الحرب الباردة بين زعماء الديمقراطيات والدول السلطوية.
والسؤال المطروح على الكثيرين وربما منهم عنان الأمين العام السابق للأمم المتحدة هو ما إذا كان الرئيس المنتخب فلاديمير بوتين سيكون مستعدا لقطع الدعم السياسي عن الأسد في مقابل صفقة تعزز بشكل ما نفوذ موسكو المستقر منذ فترة طويلة في أقرب حليف عربي لها.
وقالت المجموعة الدولية لمعالجة الأزمات التي انتقدت الاستجابة الدولية ووصفتها بانها تحولت من عدم الفعالية إلى التحريض إن أفضل ما يمكن أن يأمل عنان في تحقيقه هو الحصول على تأييد روسي لانتقال منظم للسلطة عن طريق التفاوض يحافظ على سلامة مؤسسات الدولة السورية.
وأفادت مذكرة اصدرتها المجموعة يوم الخامس من آذار بأن «عنان يواجه خلافات قائمة منذ فترة طويلة جدا»، مشيرة إلى أن التباين بين أعداء الأسد الخارجيين الكثيرين جعل الحكومة تعيش في «حالة إنكار» لعمق الأزمة. لكنها ألمحت إلى أنه يمكن اقناع روسيا بتغيير موقفها لتقنع دمشق بأن ميزان القوة يميل في غير صالحها وان خطوات مرحلة الانتقال يجب أن تبدأ الآن.
وكتبت المجموعة في المذكرة تقول «موسكو عامل رئيس بالنسبة للنظام وخسارتها تعني خسارة عامل اساسي يسهم في تحقيق التماسك الداخلي. ويعتقد ان المجتمع الدولي مازال في حقيقة الأمر مختلفا بشأن آفاق تحقيق تغيير سياسي حقيقي».
وتابعت المجموعة انه إذا تمكن عنان من اقناع روسيا بدعم خطة للانتقال «سيكون أمام النظام أن يختار بين الموافقة على التفاوض بنية خالصة أو مواجهة عزلة شبه كاملة من خلال فقده لحليف رئيسي».
وهناك شكوك عميقة بشأن ما إذا كان بوتين سيفكر ولو من بعيد في تغيير سياسته التي قد تزعزع تحالفا يرجع تاريخه إلى الحرب العالمية الباردة ويوفر لروسيا المنشأة العسكرية الوحيدة لها خارج حدود الاتحاد السوفياتي السابق.
ويقول المحللون إن بوتين بعد أن تعلم الدرس من ازمتي ليبيا وساحل العاج اللتين أجاز مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة التدخل العسكري فيهما عام 2011 اصبحت اولويته الأولى هي أن يظهر تحديه للجهود الغربية لفرض تحول سياسي على دول ذات سيادة في مناطق تشهد تنافسا كبيرا على النفوذ فيها.
ويشير البعض إلى ان الحكومة الروسية لديها عقود بمليارات الدولارات لتوريد السلاح الروسي ويشيرون كذلك إلى استخدام موسكو حق النقض (الفيتو) لعرقلة مشروع قرار ضد دمشق في مجلس الأمن الدولي الشهر الماضي.
ولكن روسيا تقول منذ أن استخدمت الفيتو إنها مستعدة لبذل المزيد من الجهود ولاستخدام نفوذها في مجلس الأمن لوقف العنف كما كثفت جهودها للتعامل مع الدول العربية مشيرة إلى انها تريد التعامل بدبلوماسية قوية في سورية.
وفي واشنطن قالت فيكتوريا نولاند المتحدثة باسم وزارة الخارجية للصحفيين «ما زال يتعين أن ننتظر لنرى كيف سيتصرف الروس... نأمل أن يشجعهم حسهم الانساني وتعاطفهم على الانضمام إلينا في الضغط على نظام الأسد لإسكات بنادقه».
وقال بوتين في حديث مع عدد من الصحف الاجنبية في الثاني من آذار إن روسيا لا تربطها علاقات خاصة مع الاسد وإن السوريين يجب ان يقرروا بأنفسهم من يحكم بلادهم.
وأضاف «عندما تولى بشار الأسد السلطة زار لندن وعواصم أوروبية اولا... لا تربطنا علاقات خاصة بسورية. لدينا فقط مصالح في انهاء الصراع».
وقال ديمتري ترينين مدير مركز كارنيجي في موسكو إن بوتين لا يعتبر الاسد حليفا وإنه ليس مرتبطا به بأي شكل وسيكون مستعدا للحديث مع عنان بشأن سبل إيجاد حل للأزمة.
ولكن ترينين قال إن بوتين الذي «لن يذرف الدمع» إذا تم التخلي عن الاسد في إطار عملية يتفق عليها السوريون أنفسهم لن يسمح من حيث المبدأ بمشاركة روسيا في أي جهود للإطاحة برئيس دولة أجنبية.