الهجرة النبوية

 الهجرة النبوية لبنة أساسية في بناء دولة إسلامية حديثة قوامها العدل والمساواة مستمدة من القران والسنة النبوية ،سطرت فيها الصفحات الأولى لمقدمة التاريخ الإسلامـــــي الذي حواه الكتاب العزيز الذي لاياتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.

فمن حق الأمـــة الإسلامية أن تعتز وتفخر بهذا الدين الذي قال فيها الله سبحانه وتعالى (كُنْتُم خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ۗ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ ۚ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ).

هذا الدين الذي نزل على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أخرجهم من الظلمات إلى النور وان الكفر يخرجهم من النور إلى الظلمات قال تعالى ( الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ... البقرة( 257 ).

فالأمة القائمـــــة على الحق فهي على بصيرة من أمرها لا تخشى لومة لائم تضحي بالغالي والنفيس في سبيـــل العقيدة التي ترسخت في قلوبها،إن الهجرة قامت على فئة قليلة من صحب رسول الله صلــــى الله عليه وسلم امنوا به وأحبوه وأطاعوه .

نفذوا ما أمرهم هجروا الأهل والأحبــة والأولاد والأموال والوطن في سبيل هذا الدين قال صلى الله عليه وسلم عندما ترك مكة والله إنك لأحب أرض الله إلي ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت "،لذلك نقول حب الأوطـان من الإيـمان والحب العملي هو: الحفـاظ على الــوطن من التخريب ونبذ العنف بشتى الأشكال .

فهذه الأمة تؤمن إيمانا مطلق إن الباطل مهما امتد جذوره وترعرع بين أهله فلا بد أن ينهار.فهجرته صلى الله علية وسلم من بلد إلى بلد لم تكن بطيب النفس وإنما لحماية أنفسهم وحفاظا على الدين من الظلم والاضطهاد .

وهي مقدمة لغزوات الرسول صلى الله عليه وسلم , واختبار له وأصحابه على الصبر والثبات على الصعاب وعذاب السفر لان السفر قطعة من العذاب كما قال صلى الله عليه وسلم وكان حقا على الله نصرهم قال تعالى (وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ) وان أجرهم وقع على الله .

قال تعالى (مَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً ۚ وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴿النساء 100 ( فالهجرة حدث عظيم تركت دروس في كيفة وضع أركان ألدوله الحديثة وإنشاء القاعدة الأمينة التي تؤمن لهم الدعم والمساندة في نشر الدعوة المحمدية.

وقد حث صلى الله عليه وسلم على الهجرة من دار الكفر للمسلم الذي يتعرض للتهديد إلى دار الإسلام الذي يجد فيها الأمان على نفسه ودينه كما قال * لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة ، ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها , ولكن لاهجرة بعد الفتح أي من مكة إلى المدينة. وقد تميزت هجرته صلى الله عليه وسلم بالسرية والكتمان والاستعانة بالدليل وإظهار لقدرة الله صلى الله عليه وسلم في نصرة عبادة قال تعالى: إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ۖ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَىٰ ۗ وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ. التوبة 40.

وقد استخدم المشركون المكر في قتل الرسول صلى الله عليه وسلم عندما أمر أبي جهل أن تشارك كل قبيلة بفتى شاب لقتل الرسول صلى الله عليه وسلم فيضيع دمه ولا يستطيعوا مطالبته. قال أبو جهل: إن لي فيه رأيًا ما أراكم وقعتم عليه بعد، فقالوا: وما هو يا أبا الحكم؟ قال: أرى أن نأخذ من كل قبيلة فتى شابًّا جلدًا نسيبًا وسيطًا فينا، ثم نعطي كل فتى سيفًا صارمًا، ثم يعمدوا إليه فيضربوه بها ضربةَ رجلٍ واحدٍ ، فيقتلوه، فنستريح منه، فإنهم إذا فعلوا ذلك تفرَّق دمه في القبائل جميعًا، فلم يقدر بنو عبد مناف على حرب قومهم جميعًا، فرضوا منا بالعقل فعقلتاه لهم.. قال: يقول الشيخ النجدي: القول ما قال الرجل، هذا الرأي لا رأي غيره، فتفرَّق القوم على ذلك وهم مجمعون عليه. .

ولكن أمر الله أقوى من أمرهم والله خير الماكرين قال تعالى (ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين ) فأتى جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم واخبره وأمره بالخروج من مكة وطلب عليه الصلاة والسلام من علي أن ينام في فراشه وان يتغطى ببرده التي كان يتغطى بها صلى الله عليه وسلم فخرج صلى الله عليه وسلم وهو يذر التراب ويقول شاهت الوجوه وقراء عليهم آيات من سورة ياسين وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون .

فهجرته صلى الله عليه وسلم جمعت بين روعة الكفاح والفداء وبهجة اللقاء والنصر, وظهر فيها الأدوار ممن تعاونوا معه صلى الله علية وسلم وهذا جزا من التخطيط في تنفيذ العمليات فعلي رضي الله عنه نام في فراش رسول الله وعبد الله بن ابي بكر يسمع الاخبار وينقلها وأسماء بنت أبي بكر تنقل الطعام والشراب وعامر بن فهيره يطمس أثار الأقدام بغنمه وغار ثور الذي اختبئ به صلى الله عليه وسلم وصاحبه وخيوط العنكبوت التي نسجت على باب الغار والحمامتان اللتان أظلت الكفار في عملية تمويه حقيقي،فمن الهجرة نخلص الدروس والعبر.

الهجرة ورد الأمانات : عندما اخبر جبريل عليه السلام النبي صلى الله عليه وسلم طلب من علي رضي الله عنه برد الأمانات إلى أهلها المشركين فأي أخلاق هذه التي يتمتع بها النبي صلى الله عليه وسلم. لهجرة اخذ بالأسباب : قال تعالى " ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شي قدرا " سورة الطلاق3 الإخوة قال تعالى " الإخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين.

نتمنى في هذا الزمن أن نهجر الضغينة ونخلص من الفساد ونحافظ على مقدرات الوطن"