الابراهيمي وجنيف 2 ولعبة الحظ مع زهرة باربي
على الرغم من مواصلة الابراهيمي جولاته المكوكية التحضيرية والتمهيدية بين عواصم الدول المعنية العربية والاجنبية ، وسعيه الحثيث إلى اقناع كافة الاطراف بضرورة الجلوس على طاولة مفاوضات واحدة ؛ للبحث عن ايجاد حل سياسي مشرف للخروج من النزاع المسلح الدائر في سوريا ، والذي طال امده ، حيث مضت عليه سنتان ونصف ،وتسبب بخسائر بشرية كبيرة تربو على المائة الف انسان، ناهيك عن الدمار الشامل في العمران والمنشآت وغيرها. وعلى الرغم من المبادرة الروسية – الامريكية ،واتفاق الدولتين لحل النزاع بالطرق الدبلوماسية ؛ حيث لن تستطيع الحروب
وعلى الرغم من ان ثمة اجماع دولي على ذلك ؛ فقد اصبحت الازمة السورية تشكل خطرا يهدد السلام والاستقرار في المنطقة والعالم اجمع ، وعلى الرغم من الاعتراف الاممي بنتائج مؤتمر جنيف 1 كأرضية وحيدة لتحقيق التسوية السياسية في سوريا ،واستحسان مجلس الامن الدولي له بقراره رقم 2118 بالاجماع ودون شروط.
وعلى الرغم من بيان اجتماع لندن لمجموعة الدول الاحدى عشرة - الصديقة لسوريا - على وضع ثقلها الجماعي وراء نجاح مؤتمر جنيف 2 ،بقيادة الامم المتحدة ، بشكل يفضي إلى تشكيل جهاز حكم انتقالي بالاتفاق بين كافة الاطراف، يتمتع بكافة الصلاحيات التنفيذية، والتأكيد على ان هذا الاتفاق يكون بموافقة الائتلاف الوطني السوري، وبالتالي فان الرئيس السوري بشار الاسد لن يكون له دور بتاتا في حكومة سورية مستقبلا، حيث كان هذا المؤتمر محاولة لاعادة النظر في بيان جنيف 1 سنة 2012 .
وعلى الرغم من ان هذه الدول التي وصفت بانها صديقة لسوريا اعتبرت ان تغيير النظام في سوريا هو الهدف الاساسي ، علما بان روسيا انتقدت وثيقة لندن هذه وعارضتها.
وعلى الرغم من كل ذلك؛ فان على الابراهيمي ان يلعب لعبة زهرة الحظ ، او زهرة باربي كما توصف حديثا ،تلك اللعبة التي كان يلعبها اجدادنا وجداتنا لمعرفة حظوظهم، وما يحدث لهم في المستقبل، ليتأكد الابراهيمي من امكانية وجود حظ لعقد مؤتمر جنيف2 ام لا ، وما عليه الا ان ياخذ زهرة ويبدأ بقطف اوراقها واحدة تلو الاخرى، ويقول مع قطف كل ورقة ،مرة يعقد..ومرة لا يعقد
وهكذا إلى النهاية ليجد مع نهاية اخر ورقة حظ عقد المؤتمر العتيد يعقد او لا يعقد... وذلك للاسباب الآتية:- أولا – ثمة بعض الفصائل والكتائب المتشددة في المعارضة ترفض حضور المؤتمر مطلقا ؛لانه ليس خيارا او مطلبا للشعب السوري ،ويعتبرونه تكريسا لشرعية النظام ، وهو ما يتنافى مع المبادىء الاساسية للثورة التي رفع شعار اسقاط النظام بكامل رموزه ومؤسساته، وما هو الا حلقة في الالتفاف على الثورة واجهاضها ،وفرض شروط عليها ،وان حضوره يعتبر متاجرة بدم الشهداء.
ولان القوى الراعية للمؤتمر لا تضمن او تكفل تنحي الاسد وانسحاب جيشه ،واطلاق سراح المعتقلين، اذن فهو مضيعة للوقت والجهد ،وانهم خبروا المؤتمرات وجربوها فلا تفيد شيئا؛ لذلك لا يمكن الجلوس مع القتلة -كما تقول هذه الفصائل- وهم يرون ان البديل الوحيد المقبول لديهم هو المقاومة حتى انتهاء وجود النظام وزبانيته. اما الائتلاف الوطني السوري لقوى الثورة فيقف من المشاركة في المؤتمر موقف المتردد، ولم يتخذ قرارا بذلك، ولكنه يطالب بايجاد ظروف وضمانات مناسبة للمشاركة ، مثل عدم مشاركة الرئيس بشار الاسد في المرحلة الانتقالية، وعدم مشاركة ايران في المؤتمر.وهكذا باتت المعارضة منقسمة على نفسها، ومنهم من يرفض حتى الجلوس مع ممثلي النظام.
وعلى الرغم من ان وشنطن ودولا اخرى عربية وغربية تسعى لاقناع المعارضة وتشجيعها بضرورة المشاركة، لان حضورها هام وحاسم ولا مؤتمر بدون معارضة ، كما ان وشنطن لا تمانع من حضور ايران بشرط اعترافها بنتائج مؤتمر جنيف 1 ،وبخاصة ان الابراهيمي يشترط مشاركة ايران الضرورية والمثمرة والطبيعية حسب رايه ،لان ايران هي الحليف الاقليمي الرئيس لسوريا ، اما ايران نفسها فقد اعربت عن استعدادها للمشاركة في حالة دعيت لذلك، وهي تؤكد من جانبها على ضرورة التوصل إلى اتفاق لانهاء الازمة المستفحلة وعلى الرغم من رفض النظام السوري مشاركة اطراف اجنبية في القرارات المتعلقة بمصير البلد، فما زال موعد المؤتمر العتيد لم يحدد بعد
وقد تجنب الابراهيمي تحديد موعد عقده ،وربما ترك ذلك للامم المتحدة نفسها التي هو مبعوثها . فهل يحسم الاجتماع الثلاثي التحضيري الذي سيعقد في لندن في الخامس من هذا الشهر، المتكون من روسيا والولايات المتحدة الامريكية والامم المتحدة الامر ويحدد موعدا لعقد المؤتمر، بعد الاتفاق الكامل على ذلك ،وهل يمكن بعد ذلك توزع رقاع الدعوات لحضور مؤتمر جنيف 2 ؟؟!! ام هل يتم تأجيل عقده بالرغم من تعدد مرات تأجيله بسبب الصعوبات السياسية المفترضة كما يدعون؟؟!! وهل تأتي نتائج عقد جنيف 2 بحل سحري للازمة المستعصية التي طال امدها ؟؟ وهل تكون قراراته بافضل من قرارات مؤتمر جنيف 1؟؟ او تكون شبيهة بها وتكريسا جديدا لها لتعكس الخلافات المستفحلة نفسها؟؟ ام ان مستقبلا مشرقا ينتظر سوريا ليعود للشعب السوري بريقه وحيويته ونشاطه؟؟!!
ان اسهل طريقة لمعرفة مستقبل سوريا هو تصفح عقليات كبارهم ومعرفة اخلاق اطفالهم، ومعرفة اعداد القتلى والشهداء، وقراءة عقول المتصارعين المتحكمين الذين يديرون مجازر بين اناس لا يعرفون بعضهم بعضا ؛لحساب هؤلاء المتحكمين الذين يعرفون بعضهم بعضا ولا يقتلون بعضهم البعض ....
وقراءة صور بؤس احوال الشعب المتردية التي تجاوز الفساد فيها حدا اصبح القانون معها عقيما ،اذ يسقط في ايد فاسدة من منفذي المدعين بالعدالة ،او يصبح خاضعا للتحايل الظاهر والخفي من جانب بيئة فاسدة، ان بعض الحكام تحميهم دول لها مصالحها في وجودهم ،وهم يستمدون القوة منهم ، فالراعي الذي يفتخر بالذئب لا يحب الخراف. وسيموت الطغاة وينتهي حكمهم اما الشهداء فيموتون ويبدأ حكمهم.