الإسلام والمجتمع

الاسلام والمجتمع يكثر حديث الغرب عن ما يسمّونه التطرّف الإسلامي وغالبا ما يربطون ذلك ظلما بما يُسمّى الإرهاب ويعرف الغرب تماما ان التطرّف والتعصّب اليهودي اشدُّ تأثيرا على المصالح الغربيّة من اي تطرف اسلامي مزعوم كما ان التطرّف لدى المجتمعات الغربيّة نفسها اشدُّ خطرا واكثر تأثيرا على مجتمعاتهم ولكن ضعف العرب والمسلمين بشكل عام يجعل اليهود وزعماء الغرب يتعالون ويتهمونا بالباطل خاصّة في ظل تفشي الكذب والنفاق وبيع الضمائر وسيادة الفساد في مجتمعاتنا حتى ان ما يقال له التعصّب الديني واحيانا التزمّت في العبادات والمعتقدات واختلاف النظرة والمنظور لنفس النقطة تختلف وتتباين لدى افراد الاسرة الواحدة .

فلو استثنينا اراء الابناء نظرا لأن الظروف التي يعيشون فيها متطورة بسرعة كبيرة ومواكبتهم لتطور التكنولوجيا في الاتصالات والاعلام والتنقل واستيعاب ثقافات الغير بشكل متقدِّم عن ابائهم ولنبقى في النظرة المتباينة بين الاب والام في ما يتعلّق بمواضيع كثيرة ليس فقط تربية الابناء وتعليمهم .

وهناك نماذج مختلفة لارباب الأسر والنموذج الاول قد تكون المرأة متديّنة بتزمُّت وزوجها متديِّن دون تزمّت والنموذج الثاني قد يكون الرجل متديّنا بتزمت وزوجته متديّنة دون تزمّت والنموذج الثالث قد يكون الإثنان متزمِّمتين والنموذج الرابع قد يكون الإثنان غير متزمِّتين .

وفي جميع النماذج الاربعة هناك ثغرات قد تؤثّر على بناء الاسرة وبالتالي تلعب دورا في بناء المجتمع الرصين الذي يقوم على الحب والاحترام واستماع كل طرف لوجهة نظر الطرف المكمِّل له وهذه الفروق تكاد تضمحلُّ في النموذجين الثالث والربع خاصّة بعد ان زالت معظم الفروق في الواجبات والحقوق بين الجنسين في قرارات دولية واضحة لا لبس فيها كاتفاقيّة سيداو .

اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة "سيداو cedaw)عام 1979) ، ودخلت الاتفاقية حيّز التنفيذ في 3 أيلول 1981 كاتفاقية دولية وكانت الحكومة الاردنية قد وقعت على اتفاقية سيداو عام 1992، وبعد 15 عاما قامت بالمصادقة النهائية عليها وذلك بنشرها بالجريدة الرسمية في تموز 2007، وبذا تكون قد ادخلت الاتفاقية الدولية حيز التنفيذ ضمن نطاق القوانين الاردنية. وقد تحفظ الأردن آنذاك على ثلاثة مواد هي(16،15،9 ) ثمّ رفعت تحفظها على المادة 15 وقالت انه لا يعارض القانون الأردني ... والتي تتعلق بالمساواة بين الرجل والمرأة امام القضاء ومنحها حرية التنقل والسفر،وحرية الأشخاص وحرية إختيار أماكن سكناهم.

وتتكون الاتفاقية من 16 مادة اساسية تتعلق بالتدابير لتحقيق المساواة من حيث: تعريف التمييز، التشريع، الحريات الاساسية، التدابير المؤقتة، الادوار النمطية، الاتجار، المشاركة السياسية، التمثيل، الجنسية، التعليم، العمل، الصحة، الاستحقاقات، المراة الريفية، المساواة القانونية، الزواج والعلاقات الاسرية وباقي المواد تتعلق بالامور الادارية . ورفضت كل من أمريكا وسويسرا التوقيع عليها لأن بعض بنودها يتعارض مع دستوريهما !!!.

وحتى هذه الاتفاقيات الدولية. التي صار من الثابت أنها تحولت إلى أداة لتدخل القوى الكبرى في الشؤون الداخلية للشعوب....ومحاولة إعادة تركيب بُنى هذه الشعوب الثقافية، والاجتماعية، والتشريعية وفق المنظور الغربي الذي لا يعترف بالآخر وخصوصياته، خاصة إذا كان هذا الآخر نحن المسلمين... ذلك على المستوى الاممي وخاصّة فيما يتعلق بحقوق المرأة التي تشكّل تعدادا نصف عدد سكان الكون امّا على مستوى المجتمعات المحلّية فإنّ غالبيّة ربّات البيوت وازواجهنّ لم يسمعا بتلك الاتفاقية وتطبيقاتها العمليّة

ولكن وجهات النظر بشك عام تتباين في بعض الامور التي يسيطر عليها قناعة كل من الرجل والمرأة فيه وخاصّة فيما يتعلّق بامور تربية الابناء وتعليمهم او في عمل المرأة ونوع العمل المرغوب او في استعمال النت والمواقع المختلفة او في موضوع العلاقات الحميميّة بينهما كزوجين او العلاقات الاجتماعية المختلفة او نوعيّة الصداقات العائلية او غيرها من أمور .

والتزمّت في غالب الاحيان قد يكون ناتج عن علاقة مع صديق اوصديقة او عن عدم الثقافة الكافية اوعدم القراءة كعادة حميدة في الاصل او عن قناعة منغمسة في ماضِ قد مضى او حاضر جامد في مكانه او في مستقبل غير واضحة معالمه وقد اعطى الاسلام للمرأة حريّة لم تعطها إيّاها اي اتفاقيّة والتزمُّت الديني في المجتمعات غير خاضع لديانة معيّنة وانّما يختلف ويتأثّر بالعادات والتقاليد السائدة ونستطيع التحدّث عن ذلك التزمُّت في تطبيق الشريعة الاسلاميّة من ارباب البيوت رجالا ونساء وعلى سبيل المثال فان الرجل المتزمّت والمرأة المتزمّتة يعتقدون ان ملاطفة الزوج لزوجته او ملاطفة الزوجة لزوجها لا يجوز والبعض منهم قد يضعه في درجة المحرّمات مع ان انرسول (ص) كان يلاطف اهل بيته ويجاملهن كما ورد في كثير من قصص السيرة ومنها انه كان يجعل من الاهتمام بالأهل والحنو عليهم وحبهم معيارا لخيرية الرجل حيث قال خيركم.. خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي".

وتحكي عائشة أنها كانت تغتسل مع رسول الله (ص) في إناء واحد،فيبادرها وتبادره، حتى يقول لها دعي لي، وتقول له دع لي،وعنها قالت:كنت أشرب وأنا حائض فأناوله النبي (ص) فيضع فاه (فمه) على موضع فمي وكان رسول الله (ص) إذا صلى الصبح جلس في مصلاه وجلس الناس حوله حتى تطلع الشمس ثم يدخل على نسائه امرأة امرأة يسلم عليهن ويدعو لهن.

فإذا كان يوم إحداهن كان عندها". وفي عصر كان يبتعد عن الرفاهية ألاف السنين كان الرسول المحب خير معين لزوجاته..فقد روي عن السيدة عائشة في أكثر من موضع أنه كان في خدمة أهل بيته. وقد سئلت عائشة إذا ما كان رسول الله (ص) يعمل في بيته؟ قالت: "كان يخيط ثوبه ويخصف نعله ويعمل ما يعمل الرجال في بيوتهم". ومن صور الملاطفة والدلال نداء الزوجة بأحب الأسماء إليها أو بتصغير اسمها للتلميح أو ترخيمه يعني تسهيله و تليينه ، وقد كان يقول لعائشة :" يا عائش ، يا عائش هذا جبريل يقرئك السلام ".وكان يقول لها أيضا: يا حميراء .

والحميراء يراد بها البيضاء إذاً فقد كان صلى الله عليه وسلم يلاطف عائشة ويناديها بتلك الأسماء مصغرة مرخمة ... وأخرج مسلم من حديث عائشة في الصيام قالت "كان رسول الله (ص) يقبل إحدى نسائه وهو صائم ثم تضحك رضي الله تعالى عنها" إن المدقق في مجال العلاقات الأسرية لحياة الحبيب محمد (ص) يجد أن هناك معاني كثيرة نحن بأمس الحاجة لها في واقعنا المعاصر، ولو عملنا بها لساهمت في استقرار بيوتنا وتقوية علاقتنا الزوجية ونضرب بعض الأمثلة في هذا المقال عن احترام النبي (ص) لمشاعر الزوجة وتقديرها وبيان حبه لزوجاته.

إن للرجل طبيعته الخاصة في التعبير عن مشاعره بخلاف المرأة وطبيعتها، لأن المرأة إذا أرادت أن تعبر عن مشاعرها فإنها تتكلم وتقول أنا أحبك أو إني اشتقت إليك.. وأنا بحاجة إليك واني أفتقدك، وهذه الكلمات كثيرا ما ترددها الزوجة على زوجها، ولكن الرجل من طبيعته أنه إذا أراد أن يعبر عن مشاعره فانه يعبر بالعمل والفعل وقليلا ما يعبر بالكلام، فإذا أراد الرجل أن يخبر زوجته أنه يحبها فانه يشتري لها ما تريد مثلا أو أن يجلب بعض المأكولات أو المشروبات للمنزل أو بعض قطع الأثاث.. وهذه بالتأكيد طبيعة سلبية في الرجل تجاوزها الرسول الكريم.

فكان النبي (ص) يصف حبه وعاطفته لعائشة بأن يلاطفها ويدللها ويعطي الزوجة ما تتمنى سماعه من زوجها وحبيبها وهذا مقام عال في التعامل بين الزوجين، وفي الحديث أما ترضين أن تكوني زوجتي في الدنيا و الآخرة ؟ قالت : بلى قال : فأنت زوجتي في الدنيا و الآخرة . ونحن المسلمين ليس لدينا قضية صراع بين الرجل والمرأة، وإنما كل واحد منهما يكمل الآخر، ولهذا فأننا نقول بان الاحترام واجب من كلا الطرفين ولكل منهما، ونضرب مثلا في ذلك وهو حبيبنا محمد (ص)، عندما جاءته زوجته السيدة صفية تزوره في اعتكافه في العشر الأواخر من رمضان، فتحدثت عنده ساعة ثم قامت لتذهب، فقام النبي (ص) معها ليودعها إلى الباب، وفي رواية أخرى أنه قال لهالا تعجلي حتى أنصرف معك .

إذا كان ما ذكرته يدل على تودد الزوج لزوجته فإن على الزوجة كذلك ان تتودّد لزوجها ليشعر باحترامها له وخوفها عليه وبصفاته الذكوريّة التي وهبها الله له وقد قال رسول الله(ص): (إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح) كما على الزوجة ان لا تلهيها النوافل عن تلبية رعبات زوجهها واهتماماته سواء البيتية او المتعلقة بالتزاماته خارج بيته او صلة ارحامه وحتّى في رمضان افضل الشهور عند الله احل الله الملاطفة والمداعبة بين الزوجين ولكن حسب أحكام الشرع .

ولهذا فإننا نتمنى أن يسود الاحترام بين الزوجين، لأن الاحترام هو سر دوام المحبة الزوجية واستمرار الاستقرار العائلي للتنشئة الجيّدة للأبناء فالوسطيّة في كل شيئ مريحة ومحبّبة شرط ان لا تخرج عن الشرع والدين وقد وهب الله الانسان الالآء والنعم لكي يستمتع بها الناس ومنهم المسلمون والمؤمنون ويتذوّقوا متعتها وحلاوتها لكي لا يكونوا من النادمين والله اعلم.

اللهم احمي الاردن ارضا وشعبا وقيادة وأدم الحب بين افراد أسره واحفظ تماسكهم ....( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ) صدق الله العظيم