كنت هناك...!!!

بقلم: هبة نظمي البتراء هي المدينة المحفورة في الصخر والمختبئة خلف حاجز منيع من الجبال كالفتاة الخجولة تختبئ خلف ثوب والداها او والدتها عند زيارة احد الاقارب لهم، بالكاد يسهل اختراقها تحظى بسحر غامض بسحر الانبهار.

إن المرور بالسياق، وهو ممر طريق ضيق ذو جوانب شاهقة العلو التي بالكاد تسمح بمرور أشعة الشمس مما يضفي تباين دراماتيكي مع السحر القادم ذلك الضيق يجعلك في حالة تشويق في حالة شغف لما تتوقع رؤيته. وفجأة يفتح الشق على ميدان طبيعي يضم الخزنة الشهيرة للبتراء المنحوتة في الصخر والتي تتوهج تحت أشعة الشمس الدافئة.

سياح يتمتعون بالمنظر الخلاب والتاريخ لمدينة الأنباط، أثمن كنوز الأردن أجمل المواقع السياحية، أحدى عجائب الدنيا السبعة وأنا معهم وصلت هناك بعد صلاة العصر رأيت العديد من الجنسيات وسمعت العديد من اللغات واللهجات المختلفة الرائعة، كنت في حالة عشق وغرام تلك الحالة التي يشعر بها كل من تكتحل عيناه بها، نعم أسرت قلبي عند وامتثالي أمام عظمة هذا الإنجاز التاريخي الباهر.

إلا ان رحلتي هناك قد تعكر صوفها ... في البداية عند دخولي وعند شباك التذاكر اخرجت هويتي وأستعجب الموظف لـلهجتي المصرية وسألني سؤال شخصي لا يحق له الا انني اعلم ان السر القوي خلف ذلك السؤال الفضول العربي " اردنية وبتحكي مصري !!!

كيف يعني ؟ " كنت لطيفة معه وأخبرته بالسبب وذهبت لأعيش تجربة مميزة تجربة دفعتني للتساؤل هل تخل الانباط بأنهم سيكونون تاريخ يوماً من الايام؟ كيف عاشوا في تلك الكهوف ؟ هل كانوا سعداء؟ وتبخرت كل تلك التساؤلات الجميلة عندما اخترق رأسي صوت أحدهم قائلاً " تاكسي !! " نظرت له باندهاش وصدمة تاكسي هنا في هذا المكان المبهر ؟؟ ورأيت أمام مجموعة حمير وخيول وحناطير أطلق عليهم البدو ولا اعلم ان كانوا بدو في الواقع او لا؟

الا انني تفاجأة عندما عملت ان احد الحمير اسمة " مرسيدس" والأخر " جيت " الحاحهم كان شديد وقد أزعجني وأزعج الكثير من السياح، شكرت الله كثيراً أن ملامحي خداعة فكل من قابلني ظنني إيطالية او لاتينية او امريكية وشكرته أيضاً لانني اعرف القليل من الاسبانية والانجليزية التي ساعدتني في التواصل مع العديد من السياح وقد اعرب الكثير عن انزعاجهم من البدو اللحوحين في ركوب سياراتهم او جمالهم او شراء شيء منهم. بالإضافة قد تضايقت بشدة من البائعين داخل البتراء فقد كان يسألون اسئلة شخصية جدا أحدهم تحدث معي بلهجة بريطانية مزيفة ظناً منه أنني أجنبية و سألني بكل وقاحة هل انا متزوجة ؟

هل يوجد رجل في حياتي ؟ وكان يروي لي قصته المزيفة حول كونه عازب في الثلاثين ينتظر حب حياته ؟ فهل تبحث عن حب حياتك بين السياح؟ كانوا يتطلعون في جسدي وجسد العديد من السائحات . وقد قالت لي احداهن " انها احبت البتراء ولكن لم تشعر بالراحة من نظرات البائعة لها فهي وللمرة الاولي تشعر وكأنها قطعة لحم". وأخرى سألتني بكل اهتمام " لماذا يعمل الاطفال هنا ؟ ألم يبدأ العام الدراسي ؟ " وتحدثت معي بصدق معربة عن مشاعرها قائلة " انا لا اشتري منهم لكي لا اشجعهم علي ترك الدراسة والمدرسة ولو كنا في العطلة الصيفه لكان اختلف الامر "

وقالت لي مجموعة من السيدات الفرنسيات لكنتهم الانجليزية الممتعة عن انبهارهم الشديد وعن اعجابهم بالتنظيم ونظافة المكان واستمتاعها بالاستماع إلي عازف الربابة هناك، فقد قلن لي بأنهن فهمن موسيقاه بدون أن يتكلم كلمة واحدة او يترجم له نغماته شعرن بتراخيه وعراقته عبر عزفه الفريد. هناك بالتأكيد العديد من الجنسيات وشعرت بحالة غريبة عندما تحدثت مع احدهم ووجدته سائح اسرائيلي كنت بين شقين شقي العربي الذي لا ينسي نزيفه وبين المضيافة والصحفية فيجب ان اكون علي الحياد

لم اتحدث معه مطولاً لكي لا أنقض عليه لمجرد حمله للجنسية الاسرائيلية واستمعت له جيداً عندما قال " يوجد في البتراء العديد من المواقع المقدسة وكلها ليست اسلامية جميعها حضارة قبل الاسلام " لم استطع التحكم في لساني الطويل ولكنني اجبته " وهل قال لك احد العرب ان البتراء تاريخ اسلامي؟ " التاريخ الاسلامي واضح كوضوح الشمس لا يحتاج لتاريخ الانباط.

في نهاية الرحلة وجلوسي عند المدرج لأنظر لما سأخلفه خلفي وارحل ... أخذتُ نفساً عميقاً إنها البتراء التي نحتها العرب الأنباط في الصخر وجعلوا منها موقعاً إستراتيجياً هاماً شكل صلة وصل ونقطة تلاق بين شبه الجزيرة العربية جنوباً وبلاد الشام شمالاً إلى قلب أوروبا وحتى الصين على طريق تجارة الحرير والتوابل.,,, نعم كنت هناك.