حظر جماعة الاخوان المسلمين في مصر

حظر جماعة الاخوان المسلمين في مصر لحظة أقل ما توصف به أنها تاريخية ... حظرت محكمة القاهرة للأمور المستعجلة جماعة الإخوان المسلمين ، و حظر أنشطة تنظيم الإخوان المسلمين في مصر والمنبثقة عنه وأي مؤسسة متفرعة منها أو تابعة إليها أو منشأة بأموالها أو تتلقى منها دعماً مالياً أو أي نوع من أنواع الدعم . أن جماعة الإخوان المسلمين والتي أنشأها حسن البنا في عام 1928

بين الحظر والمشروعية تراوحت 85 سنة عمر جماعة الإخوان المسلمين ، فقد لمع نجم الجماعة بسرعة في سماء السياسة والاجتماع في مصر منذ تأسست أواخر عشرينيات القرن الماضي على يد حسن البنا في محافظة الإسماعيلية، وقد اتخذت صفة الحركة الجامعة الشاملة التي تُعنى بالإصلاح الاجتماعي والسياسي، قبل أن تنتشر توجهاتها وتصبح تيارا سياسيا مؤثرا

لكن فهمها للإسلام كدين شامل لجوانب الحياة بما فيها السياسة ضاعف حولها الخصوم وأشهر في وجهها العداوات، وكانت الذروة الأولى للصدام عام 48، لتُختتم السنواتُ العشرون الأولى من عمر الإخوان بقرار حلٍّ ، تزامن مع حملة اعتقالات لأفراد الإخوان ، لتعيش الجماعة قرابة العامين محظورة للمرة الأولى ودون رأس تحرك تنظيمها.

في مطلع الخمسينيات رفع الحظر عن الجماعة ، وتم حظر ثان بعد محاولة اغتيال جمال عبد الناصر ، وقرر مجلس قيادة الثورة الذي سرعان ما حلَّ الجماعة مطلع عام 1954، خرج منها الإخوان إلى دائرة الضوء دون أن يغادروا دائرة الحظر القانوني في عصر السادات ومبارك ، شاركوا بقوة في الانتخابات النيابية والمحلية والنقابية والطلابية ، لكن التلويح بورقة الحظر والملاحقات الأمنية والقضائية كانت تحقق فيما يبدو إستراتيجية النظام في إبقاء الجماعة ، ولكن تحت سقف منخفض

 وحين قامت ثورة يناير 2011 شاركت فيها الجماعة مع سائرالشعب التي قررت طي صفحة وفتح أخرى ، قبل أن يؤسسوا حزب الحرية والعدالة برئاسة محمد مرسي ، ليتصدر الحزب المشهد السياسي في مصر بعد فوزه بالانتخابات البرلمانية. فاز الرئيس محمد مرسي ، فأهدرت حقوق المواطنين المصريين ، وافتقر المواطن إلى أبسط حقوقه وهي إحساسه بالأمن والطمأنينة ، كما ساءت أحواله المعيشية

 وتاهت عنه الحرية والعدالة الاجتماعية التي ناضل كثيراً حتى ينالها منذ ثورة الخامس والعشرين من يناير ، إلا أنه اصطدم بواقعه الأليم فلم ينل من هذا النظام إلا التنكيل والإقصاء والتهديد والاستعلاء ، فاستأثرت تلك الجماعة وقيادتها بجميع مناصب الدولة فزادت أحوال المواطنين سوءا ، فهب الشعب في يوم 30 من يونيو سنة 2013 متحصناً بقلمه وحشوده وسلميته التي لم يكن لها مثيل في تاريخ العالم

 رافضا هذا كيان الظالم متمرداً عليه متخلصاً من ظلمه ، منهياً لحكمه مستعيناً بسيفه ودرعه قواته المسلحة الباسلة التي ساندته في عصر المخلوع محمد حسني مبارك ، وهو فصيل من هذا الوطن لا ينفصل عن شعبه ولا ينصر غيره في مواجهة هذا النظام الظالم ، الذي أصم أذنيه عن تلبية نداءات شعبه ومطالباته وأعمى عينه عن رؤية الحقيقة فهبت لنجدته ونصرته.

أن الشعب يتأمل من هذه الثورة تكريس للدولة و سيادة القانون ودولة ديمقراطية ، مما يستلزم أن يكون لها عقدها الاجتماعي اللائق بها متمثلاً في دستور يعبر عن الهوية المصرية ويوضح توجهها الاقتصادي والاجتماعي، ويبرز انحياز الدولة المصرية الجديد لحقوق المواطنين والمواطنة ، محدداً أهدافها وغاية مؤسساتها الدستورية ومؤسساً لتحصين تلك المؤسسات بدعائم الاستقلال اللازم لتمكينها من أداء أعمالها برقابة شعبية ودون تسلط أو تبعية لأية جهة سوى الشعب مصدر كل السلطات

 إلا أنه فوجئ بموجة من التطرف والإرهاب والتخريب والعنف تجتاح أمنه وأمانه فاستقوى هذا الكيان بالخارج وطالب بالتدخل الأجنبي في شئون البلاد وحصد أرواح الأبرياء وحقوقهم ومزق الوطن واحتل المساجد وحرق الكنائس، واعتدى على منشآت الدولة فازداد بغياً وإجراماً ، بأن تمرس القتل والتنكيل والتمثيل بجثث رجال القوات المسلحة والشرطة والمواطنين ، فلم يرحم شيخاً ولا طفلاً صغيراً أو نبتاً مثمراً متستراً في ذلك بستار الدين وهو منهم ومن أعمالهم بريء ، فملئوا بطونهم وحشدوا عقول أتباعهم كذباً مستغلين في ذلك كثرة أموالهم وسطوتهم

فكان لزاماً على المحكمة بما لها من سلطة في تقدير الاستعجال ، والضرورة الملحة لحظر جماعة الاخوان المسلمين ، و تحصين البلاد من هذا الخطر ، بأن تحظر أنشطة تنظيم الإخوان المسلمين في مصر. الكاتب جمال ايوب