«نطف منوية» من الأسـرى في سجون الاحتلال تنسج الفرحة والأمل لزوجاتهم وعائلاتهم
جراءة نيوز - عربي دولي:
في سجون الاحتلال الإسرائيلي قصص وحكايات.. أسرى فلسطينيون وعرب طال اعتقالهم، ولا أحد يعرف متى ينتهي أسرهم.. ومن بين هؤلاء، أسرى تركوا زوجاتهم يعشن على أمل الانتظار المؤبد، الزوج الأسير يحلم كغيره، بأن يكون أباً، فيما زوجته تحلم كذلك بالأمومة.. فماذا يفعل أسير فرقه السجّان عن زوجته، وانتزعه ليلة زفافه، أو بعدها بأيام قليلة، ثم طال به المقام في غياهب السجون قصراً، وحالت قضبان السجن، دون تحقيق حلمه وزوجته، في تكوين أسرة، يزيّنها البنون؟؟.
الدكتور سالم أبو خيزران، رئيس جمعية الخصوبة والوراثة الفلسطينية، ومدير عام مركز رزان لعلاج العقم وأطفال الأنابيب، أكد أن أحد الأسرى، المحكومين بالسجن المؤبد، هاتفه ذات يوم، من داخل السجن، وطلب أن يرسل عن طريق زوجته نطفاً منوية، خلال زيارتها له، ليجري تجميدها ومن ثم تخصيب زوجته، عن طريق أطفال الأنابيب، ويوضح: «شعرت بالاستغراب في البداية، لأن هذه القضية غريبة، ولم يسبق أن طُُرحت، فترددت قليلاً، لدرجة أن أحس الأسير بذلك، وقال أنه مدرك لكل أبعاد هذه العملية، ولديه خلفية كاملة عنها، وعن نظرة المجتمع لما سيقوم به، وأنه هو المسؤول عن كل هذه الأمور، وطلب مني أن أقوم فقط بتجميد العينة المرسلة، ريثما يحصل على فتوى شرعية تجيز ذلك، ولم أستطع إلا أن أقول (حاضر) لهذا المناضل، الذي ضحى بشبابه في سبيل الوطن، واشترطّتُ عليه ألاّ تُرسل العينة إلا عن طريق زوجته، وأن يتم ذلك برفقة شاهدين اثنين من أهله، وآخرين من أهلها، ليكتبوا تعهداً بهذا الأمر». وأضاف أبو خيزران: «بعد ذلك، اتصل بي ثلاثة أسرى لذات الغرض، وقمنا بتجميد بعض العينات المرسلة من قبل الأسرى، لكن لم يتم إجراء عملية زرع لأي من هذه العينات آنذاك، بسبب الإشكاليات المترتبة على ذلك».
مؤخراً، رُزق الأسير الأردني، علي نزال، بمولود من نطفة مهربة من داخل سجنه، حيث يقضي حكماً بالسجن لمدة (20) عاماً، وتمت عملية الولادة في المستشفى العربي التخصصي بمدينة نابلس، بعد عملية تخصيب ناجحة، أجريت في مركز رزان لعلاج العقم وأطفال الأنابيب.
وجاءت عملية ولادة «شريف» وهو الاسم الذي حمله المولود، بعد أسبوع فقط، من نجاح الأسير الفلسطيني محمد الريماوي، بالإنجاب بذات الطريقة، وهي الثالثة من نوعها، بعد الأسير عمار الزبن، وهو أول أسير ينجح بالإنجاب من خلال النطف المهربة من داخل السجون.
ويشير الدكتور أبو خيزران، إلى وجود (32) حالة حمل لزوجات أسرى، تمكنّ من تهريب نطف أزواجهنّ، في حين يحتفظ المركز بعشرات النطف لأسرى آخرين، ينتظرون الوقت المناسب لإجراء عمليات الإخصاب والزراعة.
ويتكفل مركز زران والمستشفى العربي التخصصي بكافة نفقات الرعاية الصحية، طوال فترة الحمل، وحتى الولادة، لكل زوجات الأسرى المقبلات على الإنجاب، تقديراً وتعظيماً لتضحيات الأسرى، الذين ضحوا بأغلى ما يملك الإنسان، في سبيل حرية أبناء شعبهم.
وتقول ليديا الريماوي (36) عاماً، أنه في أعقاب «معجزة» ابن الأسير عمار الزبن، تشجعت لخوض التجربة ذاتها، فعرضت الأمر على زوجي وأهلي، وجميعهم دعموا الفكرة وشجعوني، وبفضل الله نجحت تجربتي من المحاولة الأولى، وتحقق الحلم، أما طفلتها رند (13) عاماً، فقالت: «عندما اعتقل والدي، كنت ابنة ثمانية أشهر، ولم أكن أتخيل أن يصبح لي أخوة، وبفضل الله، جاءنا «مجد» وغمر حياتنا بالفرح والأمل.
وحول رأي الشرع بهذا الأمر، يوضح العلامة والمفكر الإسلامي الفلسطيني، الشيخ بسام جرار، أنه لا مانع من إجراء عملية التلقيح الاصطناعي من قبل الزوجين في مثل حالات الأسرى، على أن يتم نقل العينات بوساطة مؤتمنة، فلا يجوز أن تنقل عن طريق إدارة السجون مثلاً، خشية حدوث تلاعب بالعينات، مشدداً على أهمية قيام الزوجين بإبلاغ محيطهما بما ينوون فعله، من أجل الإشهار.
وتنقسم آراء الشارع الفلسطيني بين مؤيد ومعارض، ومتقبل للفكرة ورافض، ففي حين يعتبره البعض أمر غير مألوف، ولا يسير وفق الطبيعة الإنسانية، فضلاً عن أن المجتمع الفلسطيني غير معتاد على مثل هذه الأمور، يتفهم البعض الآخر حاجة الزوجين للأطفال، بحيث تجد الأم من يعينها خلال فترة أسر زوجها الطويلة، إضافة إلى حق الزوج الأسير في إيجاد من يحمل اسمه ويخلفه، هذا فضلاً عن أن غالبيتهم، سيكونون غير قادرين على الإنجاب، إذا ما قُدّر لهم البقاء داخل السجن، إلى حين انتهاء مدة حكمهم.