اوباما واللعب على الحبال

اوباما امريكا اللعب على الحبال لعل الرئيس الامريكي باراك اوباما من اكثر الرؤساء الامريكان الذين يملكون صفات وميزات ومهارات لا تنطبق على الكثير ممن سبقوه من ساكني البيت الابيض بلونه وليس بقراراته وقد يكون من بين هذه الميزات الاصل ولون البشرة والوضع العائلي والمالي وخلافه ولكن ما سأركّز عليه هو تمتّع هذا الرئيس بميزة اللعب على الحبال في قضايا رئيسة بالنسبة لكثير من الدول ومنها افغانستان وباكستان والعراق وليبيا وفلسطين وكوريا وايران ولبنان وسوريا وغيرها من دول اخرى على امتداد العالم وعلى طول مدة الرئيس حتى الآن .

ولا بدّ انّ الرجل ذكي وديناميكي حتى استطاع الوصول الى إقناع اعضاء الحزب الديموقراطي لاختياره مرشّحا عن الحزب في انتخابات الرئاسة لعام 2008 منتصرا على هيلاري كلنتون ذات الشهرة الكبيرة وزوجة الرئيس المحبوب لدى الامريكان بيل كلنتون .

واعطى اوباما الكثير من الوعود شرقا وغريا حتّى ان السامع اعتقدانه المنقذ القادم لرفع الغطرسة الامريكية عن الشعوب الطامحة للحريّة والعدالة وباتت الآمال تداعبنا نحن العرب بان الفرج بخلاصنا من غطرسة إسرائيل قد اقتربت وانّه سيكون المخلّص للشعب الفلسطيني مما هم قيه ومنذ الايام التي سبقت تنصيبه بالرئاسة قام اليهود بحربهم على غزّة بل واستخدموا الفوسفور الابيض وهو محرّم استخدامه عالميا إضافة لأسلحة دمار شامل اخرى اوقعت الف وخمسمائة شهيد وخمسة الآف جريح وكان موقفه مائعا حتّى انه استجدى اليهود لايقاف حربهم التي جائت في بداية عهده وهو فال سيئ عليه .

وكانت تعهداته انهاء الحروب مع العالم الاسلامي واخراج امريكا من مناطق النزاع خاصّة في العراق وافغانستان واغلاق معتقل غوانتنامو في كوبا خلال العام الاول من حكمه ولم تمضي سوى برهة قليلة حتّى بدأ اللعب على الحبال كما يفعل لاعب السيرك الذي يمشي على الحبال وهمّه الوحيد ان يحفظ توازنه لكي لا يسقط وحتّى الآن افلح الرئيس في ذلك فهو لم يصدق في ايِّ من وعوده ولكنّه ما زال حافظا لمركزه رئيسا لأقوى دولة في العالم المعاصر .

ففي الباكستان ما زال العديد من القتلى يقعون تحت قذائف الطائرات بدون طيّار وكذلك افغانستان لا زالت طالبان تحارب الجيش الامريكي الذي لم يخرج منها حتى الآن ولم يستطع اوياما التوفيق لمصالحة وطنيّة في البلاد بالرغم من انّه تمكّن من إغتيال الشيخ اسامة بن لادن في الباكستان بتآمر مع باكستانيّين وبالرغم من محاولة تنسيق المواقف بين الباكستان وكارازاي الافغان وتركيّا .

امّا غوانتنامو فلم يُغلق حتّى الآن متحجِّجا بحجج واهية والحقيقة انّه لم يستطع التدخُّل لدى وكالة الاستخبارات المركزيّة الامريكية كما لم يستطع نقل المحاكمات لمحاكم مدنية ، اما العالم العربي فقد سارع باللعب على الحبل الديني حيث سارع لإلقاء خطاب في جامعة القاهرة وتجولت وزيرة خارجيته بمنديل في الجامع الازهر والقى خطابا حافلا بالوعود والتفاؤل والكذب .

وقد سارع بعد انتخابه لتعيين ممثل له لحل القضية الفلسطينيّة وهوجورج ميتشيل الذي سارع بتقديم استقالته بعد تأكّده بان الاسرائيليين ليسوا كالايرلنديّين ولا يمكن الوصول معهم الى ادنى مستويات التفاهم لفرض حل للقضيّة الفلسطينية والرئيس لم يحرّك ساكنا ليقنعهم بل رضخ لشروطهم وهي الرجوع لطاولة المفاوضات دون شروط من الفلسطينيين خاصّة شرط توقّف الاستيطان للرجوع للتفاوض بل وكان اليهود يُصدروا تراخيص لبناء مستوطنات جديدة او توسيع القائم منها امام زيارات اوباما او نائبه او وزير خارجيّته للمنطقة إمعانا في غطرستهم وإذلالهم لإدارة اوباما .

ولعب الرئيس على حبل الشرق الاوسط لم يكن ناجحا لوجود طرف اسرائيلي متمسِّك بمخطّطاته الموضوعة سابقا بمعرفة الامريكان خاصّة بوجود طرف هزيل من العرب والفلسطينيين امام اليهود واكثر ما قام به اوباما انّه اقنع الاسرائيليون والاتراك على إعادة العلاقات ودفع تعويضات لقتلى سفينة مرمرة .

كذلك لعب الرئيس اوباما على الحبل الكوري وفشل لأن كوريا الشماليّة لم ولن تقبل التهديد من اي احد لايمانها بسيادتها وبابناء شعبها وعلاقاتها المتوازنة مع الصين واليابان وروسيا . وكثير من الحبال لم يحفظ اوباما توازنه عليها جيدا كالحبل الايراني والحبل الليبي والحبل اليمني والحبل المصري الذي ما زال حتى الآن يتأرجح عليه .

ولكن الحبل الذي يكاد الرئيس ان يهوي عليه فهو الحبل السوري والذي يكاد ان يكون كالحبل السُرّي له لما له من اهميّة سياسيّة للرئيس الذي بدا متردّدا منذ البداية وهو يعلم ان الروس لن يتخلّوا عن سوريا كحليف رئيس واخير في المنطقة وكقوّة شرائيّة للاسلحة الروسيّة وغيرها وحدد الرئيس خطّا احمر للتدخّل وهو استخدام النظام السوري للاسلحة الكيماوية

وفي الحادي والعشرين من شهر آب الماضي أُسقط في يد الرئيس حيث تجاوز الاسد الخط الاحمر وقُصفت الغوطة بصواريخ محمّلة بغاز السارين وخجل الرئيس من نفسه واعلن انه وحلفاءه الانجليز والفرنسيّين سيقومون بالضربة العقابية ورفض مجلس العموم البريطاني المشاركة مستذكرين الاكاذيب الامريكية في ضرب العراق قبل عشرة اعوام وثم تراجع الرئيس وطلب موافقة الكونغرس مع انها غير ضروريّة له ولكن لكي يغطّي مسؤولية الضربة وبعدها تردّد الحليف الفرنسي

واعتقد انه لم يبقى معه إلاّ الحلفاء العرب وبقي على الرئيس ان يحارب لاقناع الرافضين من النواب والشيوخ في مجلسي الكونغرس ليقبلوا بالضربة ويناصروا الرئيس وقد اقترح كيري متهكما ان يسلّم الاسد اسلحته الكيماويّة للمجتمع الدولي لحماية بلده من الضربة معربا عن توقّعه برفض الاسد ذلك وبسرعة البرق التقط الروس استغاثة الرئيس بوجود المعلِّم لديهم فاقترحوا ان تقوم الامم المتّحدة بمراقبة الاسلحة الكيماويّة السوريّة وجائت الموافقة السوريّة بمثابة المحافظة على توازن الرئيس الامريكي فوق الحبل السوري وهو ينظر الى الارض ليجد اكثر من مائة الف قتيل بينها الف وخمسمائة مقتول بغاز السارين منهم اربعمائة طفل ورضيع بينما البعض ما زال ينتظر قرار الكونجرس وبعد ذلك قرار البيت الابيض هل يجرجر اثواب الخيبة وتعود البوارج من البحر الابيض

ام هل يكون قرار البيت الابيض ليبيّض وجه الرئيس الاسود حتّى الآن وفي انتظار خطاب الرئيس مساء الثلاثاء لكل حادث حديث خاصّة اننا نمر في ذكرى الاعتداء على برجي التجارة في نيويورك قبل اثنتي عشرة سنة والتي اوجدت ما يسمّى الحرب على الإرهاب.