ما وراء الحرب الامريكية على سوريا
افرزت الضربة الاميركية الاوروبية المنتظرة على سوريا ، بعد التيقن انها اصبحت هدفا استراتيجيا للعدوان الامريكي الغربي ، موجات من العنعنات والعنتريات هنا وهناك ، اخذت تؤلب احيانا وتهدد احيانا اخرى لاسقاط دمشق
وقسمت هذه الازمة العرب عربين ، والمسلمين طائفتين ، منهم المستسلمين ومنهم دون ذلك ،حتى ان بعض أئمه المساجد ، او ما يسمون بشيوخ السلاطين الضالين المضلين ، والذين يفتون بوجوه سياسية تتناسب مع سياسة الحكام ، بعيدة عن مناهج الشرع واحكام الدين يفتون لارضاء اسيادهم باسم الإسلام - والاسلام منهم بريء – اصبحوا بذلك في صف العدوان ؛ بسبب ما يتشدقون به ويؤيدونه لقصف ديار المسلمين في سوريا ،ويتوسلون الى أعضاء الكونغرس الموافقه على تفويض سيدهم أوباما لتدمير دمشق - التي طالما ظلت عاصمة الخلافة الاسلامية العتيدة ردحا من الزمن - بصواريخ الجحيم
اصبح هؤلاء الشيوخ الامعات بذلك طرفا في المعادلة الظالمة ، يستنصرون اعداء الدين على اخوانهم ، ويستقوون بهم ، بدلا من ان يصدعوا ويصغوا لصوت الحق والاصلاح ورأب الصدع ،ويمتثلوا لامر الله جل شأنه حيث يقول في سورة الحجرات ( وان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فاصلحوا بينهما ، فان بغت احداهما على الاخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء الى امر الله ،فان فاءت فاصلحوا بينهما بالعدل واقسطوا ان الله يحب المقسطين ) صدق الله العظيم
فهل حاول هؤلاء الرؤساء والملوك واصحاب الحجى والمستنيرون من العرب والمسلمين ،اصلاح ذات البين والاصرار عليه ؟! ام انهم وكلوا اميركا وانابوها وايدوها ؛ فاصبح بيدها الحل كله تحقيقا لمطامع اسرائيل حليفتها المدللة في المنطقة ، وتلبية لرغبات من يساندها من اصحاب المصالح في بلادنا ؟؟!!
لا ريب ان الموقف الاميركي هذا يثير الشكوك بسبب سياستها الجديدة التي تقررها من خلال اسرائيل تجاه منطقة لها فيها مصالح حيوية وكثيرة ،حتى بلغ التنسيق مع اسرائيل اوجه وفي كافة المجالات السياسية والاقتصادية والامنية ، وبخاصة في عهد اوباما ؛ فاصبح حكام اسرائيل يشاركون في صنع القرار الاميركي ،وبخاصة في الشرق الاوسط ،فقد نصح نتنياهو اوباما بتأجيل الضربة المقترحة ،فوصفه هذا بالحكيم .
فهل الدوافع الاخلاقية والانسانية ومتطلبات القانون الدولي هي التي تحرك اميركا ؟؟!! ام ان اميركا لايحركها الا امن اسرائيل فنسيت مع ذلك مصالحها الحيوية في المنطقة واستغلت خنوع العرب وذلهم وانكسارهم لها ؟! لقد اكتفت الادارة الاميركية خلال السنتين والنصف الماضيتين بالمراقبة الدقيقة لهجمات النظام ورصد قوة سوريا العسكرية ،ولم تتدخل طالما كانت هذه القوة لا تؤثر على امن اسرائيل .
ان سوريا كانت - على علات حكامها وظلمهم وبطشهم - آخر قلاع المقاومة والممانعة امام الصلف والتعنت الصهيوني ، وقلب التحالف الكبير ضد قوى الشر ، وقد اصبحت الان فريسة دسمة ،تحاول اميركا ومن خلفها الصهيونية المتمثلة باسرائيل الانقضاض عليها
وقد وضعت لذلك هدفا معلنا يقف حائلا امام نظر المستبصرين لمعرفة الاهداف الحقيقية ، فلا العاطفة الانسانية الامريكية ولا حميتها الادبية هبت للثأر لقتل مئات الالاف من العرب والمسلمين بسبب الكيميائي او غيره ، لان ذلك لا يعنيهم ،بل ان تحالف اميركا ومحورها الشيطاني من العرب والمستعربين والصهاينة والذين يلبسون ثوب الحضارة الفاضح من الغربيين، سيزيد النار اشتعالا بدل ان يحاولوا اطفاءها بالطرق السلمية والتفاوضية ، فعما قريب سوف تشتعل المنطقة باكملها ولن ينجو منها احد .
ان الصهاينة واسيادهم في اميركا ما برحوا منذ تاسيس الكيان الصهيوني الغاصب يتجيشون على بلاد المسلمين في المنطقة لتفتيتها وتجزئتها الى كيانات ودويلات صغيرة مختلفة ومتصارعة ، تحت السيطرة والتبعية الاميركية يكون للكيان الصهيوني اليد الطولى عليها ، فيبسط نفوذهعليها ويساعد على نهب خيراتها .
ان البحث عن الهدف الحقيقي للعدوان الكبير الذي سيستهدف المنطقة باكملها هو بناء شرق اوسط جديد معدل عما رسمته نسخة غوندا ليزا له ، ومطابق لما وضعه برنارد لويس الصهيوني البريطاني الاصل الامريكي الجنسية ووافق عليه الكونجرس الامريكي ،والذي يوضع الان قيد التنفيذ ، واول الخطوات لتنفيذ ذلك هو ردع وتجريد القوة العسكرية الاقوى في المنطقة والمتاخمة لاسرائيل الى حد التدمير والاضعاف والانكفاء الى ما دون قدرة الوقوف ثانية ، اضافة الى الاهداف والمرامي الاخرى التي تخدم حليف اميركا الاستراتيجي في المنطقة اسرائيل ،واعادة رسم خارطة الطاقة الجديدة من النفط والغاز في آن واحد
لقد وجدت اميركا الفرصة سانحة بعد طول تخطيط وانتظار ، فسال لعابها واشتدت شهيتها الغالبة على سلوكها ، لقد استغلت اميركا الازمة الحالية في المنطقة ،وهي تحاول الان ادارتها في نطاق الفوضى الخلاقة لصالح ربيبتها وتهيئة جو المسرحية التراجيدية على انقاض الشعوب العربية الاسلامية لصالح اسرائيل ، لقد خططت لاحراق دمشق رمز العروبة والاسلام على غرار حملة المغول .
ان السيناريو الذي تمت حياكة نسيجه تحت جنح الظلام ، هو القصف الكيميائي الذي جرى ليكون ضحاياه الاطفال والنساء ويتهم به النظام ، ثم تقرع بسببه طبول الحرب لتاديب النظام واسقاط التوازن الذي كانت تشكله سوريا وحزب الله مع الكيان الصهيوني ، اذن فالهدف هو حزب الله وقوة سوريا ، الذي اذا تم تدمير ها فلن تبقى قوة تقف امام اسرائيل ، فتؤول الامور اليها وتكتمل خارطة السيطرة على المنطقة وشعوبها الخاسرة ،وحينئذ يبنون الشرق الاوسط الجديد كيفما شاءوا
ان هذه الحر ب اللعينة سوف يمتد لظاها ليشمل لبنان وايران والعراق والشرق الاوسط بكافة دوله وشعوبه، وسوف لن تكون اسرائيل في مأمن فقد يكون الهجوم على سوريا ونتائجه على اسرائيل !!، ولا هي انظمة الخليج الداعمة والمتشفية بمأمن
ومن يدري ان تكون شرارة الحرب هذه تبدأ بفتنة الشام التي لن تنتهي ولا يمكن ان تنتهي الا بحرب عالمية كبرى تأكل معها الاخضر واليابس ،حرب مدمرة ثالثة ،حرب ضروس تكون الصواريخ العابرة التي تشعل الحرائق في كل مكان ابسط وسائلها ، تدفع البشرية ثمنها الباهظ.
ستبدأ الحرب بغتة لا يدري بموعدها احد باستثناء نتنياهو واوباما ،ربما تكون غدا او بعد غد، او بعد اسبوع او بعد شهر، اما ما يقال انها تكون بعد مشاورة الكونغرس ،او مجلس الامن او مجلس العموم البريطاني، او الراي العام الاميركي او الاوروبي
كل ذلك لا يعدو ان يكون خدعة وتمويها على بدء موعد تاريخ الضربة بل عندما تحين ساعة الصفر يبدا الهجوم الكبير باطلاق وسقوط المئات من صواريخ بعيدة المدى على المطارات والقواعد والثكنات والمخازن الاستراتيجية للجيش السوري وربما استهداف شخص الرئيس الاسد ، هي حرب لا شك تبدأ بصاروخ ولكنها لا تنتهي الا بما لا يقل تغير الشرق الاوسط ان لم نقل النظام العالمي باجمعه وتحقيق الاهداف المرسومة .