بؤس أنثى خريفية
وفي طرف من الليل تنحدر دموعها بخجل .. تتمزق الأسئلة على حافة شفتيها .. تتوارى نبرة بكائها في أزقة الصمت الخانق .. ترتمي في حجرات وحدتها .. وما زال يسكنها بعض الأماني والامل .. تبحث عن ظل رجل .. وضحكة طفل .. وعش بالفرح ينهمر .. هربا من كئابة نفس وظلم .. ومجتمع يعاني من أعوجاج في عقلية ضحلة .. هي ليست بعيدة عنكم .. هي بينكم .. أبنة أو أخت أو قريبة أو زميلة عمل .. أنها من يطلق عليها أسم لا أحبذه وتبعث حروفه الأكتئاب “العانس” !
الباحثة عن زوج تكمل به أنوثتها لا عن رداء أبيض ثمين .. الباحثة عن أنيس ورفيق بعد أن بدأت تقرضها الوحدة .. الباحثة عن معيل بعد أن أهانتها الحياة وارهقتها المعيشة.. الباحثة عن أسرة تكتمل فيها أمومتها وسعادتها .. ولكن هل أصبحت العنوسة ظاهرة؟ وما هي الأسباب ؟وما هي المخاطر؟
وهل يمكن أن توجد الحلول؟ لقد أصبحت العنوسة ظاهرة أجتماعية تؤثر سلبا وتقف عائقا لنهوض المجتمعي ، ففي الأردن أرتفعت نسبة العنوسة الى ٤٥٪ والأمارات ٧٠٪ ولبنان ٨١٪ بينما في فلسطين ٧٪!
ومن يعرف طبيعة المجتمع في فلسطين لن يستغرب هذه النسبة القليلة .. ويحدد عمر العانس بحسب المجتمعات ، فالمجتمع البدوي والقروي يعتبر من تزيد عن ٢٥ سنة عانس ، أما مجتمع المدن فيعتبر من تتجاوز الثلاثين من العمر عانس وذالك نظرا لطبيعة الحياة
وما يتعلق بالتعليم أما أسباب زيادة العوانس حتى أصبحت ظاهرة فهي : ١- غلاء المهور وعدم قدرة الشباب على تحمل تكاليف الزواج. ٢-وضع شروط تعجيزية من جهة أهل الفتاة أو الشاب . ٣-قلة عدد الراغبين للزواج لتوفر الفتن . ٤-غلاء المعيشة وصعوبة توفر سكن . ٥-الرغبة في أستكمال الدراسة سواء من طرف الشاب أو الفتاة. وللأسف لهذه الظاهرة مخاطر وأنعكاسات قاسية على الفتاة والمجتمع مثل هذه المخاطر : أصابتهن بالأكتئاب والحيرة والفراغ والعزلة وقد يصل الى الحقد على المجتمع وقد تكون سبب في أنتشار الجرائم الجنائية بين الشباب والسرقة وتعاطي المخدرات والخلوة والعلاقات المحرمة بين الجنسين وأنتشار الأمراض الجنسية ..
وأخيرا سأتطرق الى الحلول وقائية كانت أو علاجية : نستخرج من القرآن الكريم حلول جذرية كما في قوله تعالى : ” وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَىٰ مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ ۚ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ “سورة النور: ٣٢ ١-تخفيض المهور والكماليات ؛ ينبغي على أهل الفتاة البحث عن رجل مناسب يستطيع أن يسعدها ، يحافظ على أبنتهم ودينها ويصونها . ٢- ينبغي على أهل الفتاة والفتاة القبول بالشاب المتقدم أذا كان رجل رشيد ولكنه معسور الحال ، لان الأرزاق من عند الله والفقر لا يعيب .
٣-ينبغي على الفتاة عدم رفض الزواج بحجة أكمال الدراسة وخاصة مرحلة التعليم العالي ولان الزواج ليس عقبة أن تم الأتفاق مع الزوج على السماح لزوجته بأستكمال تعليمها .. ٤- تيسير الزواج وتزويج الأكفئ وترسيخ المعاير الشريعية والأبتعاد عن الأعراف والعادات والتقاليد الدخيلة السلبية .
٥- تقبل المجتمع لسنة تعدد الزوجات لمن تنطبق عليه الشروط والتي تساهم في تقليل النسبة .. أحببت أن أعرض لكم هذه المأساة المجتمعية وأنا لست عانس ولا أتجاوز خمسة عشر عام من العمر ! ،ولكن لنضع معا النقاط على الحروف, من أجل مجتمع نقي تقي راقي أخلاقيا ومتقدم علميا .