عبر ودروس من الأزمة السورية ..

 ما وقع في اليوم الاخير من شهر آب الذي كان شهراً ملتهباً بكل معنى الكلمة سواءٌ من حيث تعرض الشعب العربي السوري لابشع جريمة شهدتها بلاد الشام - منذ مذابح صبرا وشاتيلا سيئة الذكر –حيث تم في هذا الشهر ابادة المئات من ابناء الشعب السوري الشقيق باستخدام السلاح الكيماوي ضد الاطفال والشيوخ والنساء من المدنيين العزل

 وايضاً من حيث عملية التجييش والتعبئة التي قام بها الغرب في سبيل التحضير لتوجيه ضربة عسكرية ضد النظام الحاكم بالحديد والنارعلى ارض سوريا ، وايضاً من حيث خيبة الامل التي تلقاها الكثير من الذين انتظروا بفارغ الصبر توجيه تلك الضربة التي سميت بالعقابية لسوريا الاسد وما من شك ايضاً بان البعض في المنطقة قد غمرتهم الفرحة كون تعطيل اوتاجيل تلك الضربة جاء على (خرطة مشط ) النظام (الكيميائي ) الحاكم في سوريا ومؤيديه في المنطقة .

مهما كانت النوايا المبيتة لدى الغرب بقيادة الولايات المتحدة من حيث النتيجة التي ظاهرها ان الجبهة الغربية المؤيدة لتوجيه ضربة عسكرية لسوريا قد منيت بهزيمة سياسية ساحقة سواء على يد جبهات المعارضة في تلك الدول او على يد الضغوط السياسية او الردعية التي تمثلت بتحركات كل من روسيا والصين التي لوحت باستخدام سلاح (الفيتو) في مجلس الامن ضد اي قرار قد تتقدم به الولايات المتحدة او احد حلفاؤها او بتحركات ايران التي لوحت وهددت بتدويل وتحويل تلك الازمة الى حرب اقليمية او دولية لن يعرف احد متى وكيف واين ستنتهي ، اما باطن تلك النتيجة التي وصلت اليها تلك الازمة فقد يكون امور اخرى( تكتيكية ) ... سواء من الناحية العسكرية او السياسية .....

هذه الامور الباطنة ان وجدت في الخفاء فلن تكون سوى الايام المقبلة كفيلة بكشف خفاياها وسبر اغوارها وتحديد نتائجها ، على الرغم من كل تلك الامور الظاهر منها والباطن فان ما وقع في اليوم الاخير من شهر آب لا يخلوا باي حال من الاحوال من دروس وعبر يجب ان نستفيد منها نحن العرب سواء على المستوى الشعبي والمجتمي او على مستوى الانظمة والحكومات من خلال ممارساتها السياسية والديبلوماسية او حتى العسكرية.

اول الدروس المستفادة ... هو ما شاهدناه وراقبناه من ممارسات ديمقراطية داخل دول الغرب كانت في اعلى مستوى من تحكيم سيادة الشعب وتفعيل قوة القانون التي ظهرت جلية من خلال رجوع تلك الحكومات قبل اتخاذ قرارتها الهامة الى شعوبها الممثلة بالمجالس التشريعية المنتخبة من الشعب سواء مجلس العموم البريطاني الذي لم تجد حكومة بريطانيا في نفسها حرجا من النزول عند رغبة شعبها وبرلمانه المنتخب في عدم المشاركة في الحرب على سوريا ولو بشكل مؤقت ، وسواء ايضاً الرئاسة الامريكية التي وان كانت تمتلك كل السلطة وكل الصلاحية القانونية في السير قدماً بقرارها شن تلك الحرب الا انها لم تجد بداً ولا حرجأً من العودة للمثلي الشعب في الكونجرس وربط ارادتها بشن الحرب بارادة الشعب وممثلي الشعب .

دروس عملية وعبر اخرى مستفادة من تلك الاحداث من حيث اننا كعرب يجب ان نعرف ان الدول حولنا التي تشكل منظومة هذا النظام العالمي سواء من المؤيدة لشن تلك الحرب او المعارضة انما تتخذ قراراتها وتقوم بتحركاتها المحسوبة بناء على امنها القومي ومصالحها السياسية والاقتصادية وانه لا يعني تلك الدول – جميعها – باي حال من الاحوال لا دماء ولا اشلاء ابناء الشعوب التي تنتهك على ايدي بعض الانظمة الغاشمة والدموية وان دموع الثكالا وصرخات وآهات المكلومين لا ولن تحرك ساكناّ في تلك الدول الا اذا شعرت تلك الدول ان هناك خطراً يتهدد امنها القومي اومصالحها الاقتصادية والسياسية تلك هي الاسس والمبادىء التي تقوم عليها ممارسات وتحركات الدول سواء في العلاقات الدولية السياسية زمن السلم او في النزاعات والازمات الدولية زمن الحرب .

يجب ان نعرف نحن العرب اننا نعيش ضمن نظام من الدول تحركها –خارج حدودها الجغرافية - المصالح وليس الاخلاق وان المعسكر الغربي بقيادة الولايات المتحدة قد يقوم بتوجيه ضربة عسكرية للنظام السوري ولارض سوريا فقط اذا وجد ان ما يقع على يد النظام السوري واحلافه في المنطقة يهدد الامن القومي لدول ذاك المعسكر او مصالحهم ونفوذهم الاستراتيجي في المنطقة كما يجب ان نعلم وان يعلم النظام السوري ايضاٍ علم اليقين ان معسكر ما يسمى بالممانعة المتمثل بروسيا وايران وحتى الصين لن يقوم باطلاق ولا رصاصة واحدة نصرة للنظام المستبد بسوريا الا اذا وجد ان له مصلحة عليا في الوقوف الى جانب ذاك النظام تفوق ما يمكن له ان يخسره من وقوفه الى جانب نظام الاسد .