ايها المسلمين احذروا واعتصموا بحبل الله

 .. مع هَوَج الفتن التي تعصف بالأمة الإسلاميّة ، وعَوَج المناهج العصريّة الهدّامة ! ماذا نحتاج – من أجل النجاة والسلامة - ؟ المسلمون اليوم قد تاهوا - إلا من رحم الله – في فتن مظلمة ؛ لا يصلح فيها – بلا هادٍ – المسير ، " يرقق بعضُها بعضاً " ، " يمسي الرجل فيها مؤمناً ويصبح كافراً " ، " القابض فيها على دينه كالقابض على جمر من نار " كما أخبر البشير النذير ؛ من باب الوصيّة لأمته والتحذير ..

أتى المسلمين ( ربيعٌ ! ) فعمّ ، وتمّ في بعض الديار ؛ ورأينا ( زَهْرَه ! ) و الثمار ... : قتل ، وتشريد ، ودمار ... وفي ديار أخرى ينثرون حبّ البذرِ ، وينشرون نفسَ الفِكْر .. إضرابات ومظاهرات ، واستقواء على الحكومات .. ! ؛ حتى ( صار ) أمنُ الناس في خطر ، ( تحجّمت ) هيبة الدولة والنظام ، وتحجّرت عقول كثير من الناس والعوام .. قتلٌ ، وعنفٌ ، وتناحرٌ ، ومشاجرات .. في البيوت ، والشوارع ، والمدارس ، والجامعات .. !!

والقادمُ – إن لم نتدارك حاضرنا ، ويعظنا ما يجري وما فات – أبلى وأعظم مما نعانيه من المصائب الجائحات ، أونعاينه من الفتن الجامحات .. ونخشى الانفلات ..! نحن – الآن – في بُنيّات ضيّقة ، شائكة ، وعرة .. وفتن ضارية شابكة مُسْتعرة .. الناس فيها قد أجهدت قلوبهم ما اقترفت الأيدي من المعاصي واكتسبَت .. وأخذت عقولهم ما اغترفت الأفكار من المعاني العصريّة وسَبَت .. وأمّا نفوسهم فقد غرقت في خِضمّ ( الفتن الجارية! ) وترسّبَت .. { فهلْ إلى خروجٍ مِن سَبيل } ؟ - بالعلم ، والعمل بالعلم ...

روى البخاري عن أَبِي موسى الأشعري - رضي الله عنه - عن النَّبِي - صلى الله عليه وسلم- قَال : " مثَلُ ما بعثَني اللَّهُ بِه من الْهُدَى والْعِلْمِ كمثَل الْغَيْث الْكثيرِ أَصابَ أَرضًا ، فَكان منْها نَقِيَّةٌ قَبِلَتِ الماءَ ، فَأَنْبتَت الْكَلأَ والْعُشْبَ الْكثيرَ، وكانت منها أَجادبُ أَمْسكَت الماءَ، فَنفَعَ اللَّهُ بِها النَّاسَ، فَشرِبُوا وسقَوْا وزرعوا، وأَصابت منها طَائفَةً أُخرى ، إِنَّما هي قِيعَانٌ لا تُمْسكُ ماء ، ولا تُنْبِتُ كَلأً ، فَذَلك مَثَلُ مَن فَقِهَ في دين اللَّهِ ونفَعهُ ما بعَثَني اللَّهُ بِه ، فَعَلِمَ وَعَلَّمَ ، ومثَلُ من لَم يرفَعْ بِذَلك رأْسًا ، ولَم يقْبل هُدى اللَّه الَّذي أُرْسلْتُ بِه" وقد بوَّب الإمام البخاري لقول الله تعالى: { فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ } بابًا فقال : " باب العلم قبل القول والعمل " فمن يرفع بالعلم – اليوم – رأسَاً ؟ ومن يقيمُ السّنة – في عمله – نهْجاً وأساسَاً ؟ ومن يقبل هُدى الله - تعالى - الذي أرسل به رسولَه ؛ فأنقذ خلْقاً كثيراً وناساً ؟

لئلا يزيد الشقٌّ في الواقع ، ويتّسع الخرقُ على الرّاقع فلا بدّ من النهوض ، والالتفات نحو حال التربية في البيوت والمساجد ، والمدارس والجامعات والمعاهد .. ننشر منهج السلف في ( التربية والتعليم ) : التوحيدُ أولاً ، و تعظيم السّنة ، وتهديم البدعة ، ثمّ تعليم الأخلاق ، وتعميم حُبّ الفضائل ، وبغض الرذائل ، وتفهيم الناس معنى ( وسطيّة الإسلام ) عند الجهابذة من العلماء الأوائل ، وكذا بيانُ المسلك السليم في الحوادث والنوازل ، والفتن الغوائل ... وهذا يلزمه – حتْماً – علماء راسخون مُلتزمون ، مؤثّرون ، لا يُقدّمون على أحكام الشريعة شيئاً ، ولا يُؤْثِرون! يعلّمون الناس أصولَ دينهم ، وما به عزّتهم وتمكينهم ، وأسباب النجاة من النار ، والفوز بجنة العزيز الغفّار ..

وبخلاف ذلك فلن نجني إلا مزيداً من التناقض والتباغض والتباعد ، وإلا التدابر والتناحر بين الأخوة ، والتعاند .. وسيستشري بينا العنف – أكثر – والصراع والتوعُّد .. *** في وطننا الأردن العزيز – وفي سائر ديار الإسلام - لن يحدث الإصلاحُ المنشود - الذي يرضاه الربُّ الواحد المعبود - " إلا بما صلُحَ به أوّلُ هذه الأمة " لا زائدة على هذا .. ؛ والحذرَ – كلُّ الحذرِ – من التنقيص ، و ( الانتقاص ! ) ؛ ففيهما الشّرُّ ، والذّل ، والانتكاس .. ! فالدّعوة السلفيّة هي : " مدرسة علميّة بحتة ؛ تقوم على تشجيع الاجتهاد ، وتحارب الجمود ، وتنشر العلم ، وتربي الفضيلة ، وتنمي الأخلاق ، وهذا سرُّ نجاحها ، بشهادة المحب والمبغض ـ عدا المتناقضين ـ

والقريب والبعيد.. السلفية تعني بـ ( التصفية والتربية ) ، ( التعليم والتزكية ) ، وهي دعوة إبراهيم : { وابعث فيهم رسولاً منهم يتلو عليهم آياتك ، ويعلمهم الكتاب والحكمة ، ويزكيهم } ، وهي مِنَّةُ الله ، ونعمته على المؤمنين : { لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ، ويزكيهم ، ويعلمهم الكتاب والحكمة.. } ، وهي معجزة الأمي والأميين : { هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم يتلو عليهم آياته، ويزكيهم، ويعلمهم الكتاب والحكمة } " كما قال الشيخ الفاضل أكرم بن محمد زيادة. و ( الدعوة السلفيّة الهادية بموقفها من الفتن الجارية ) تؤصل – بتميّزٍ وصدق – لمنهج علميّ سلفيّ للتعاطي مع ما يجري - في بلادنا وغيرها - من المُلمات ، وكذا .. تُفصّلُ – بتحيّزٍ للحق – الرؤية السليمة النقيّة التي تُخرجنا من ( نفق التصادمات ) ، وتجنبنا – وبلاد المسلمين – الويلات.. إنها دعوة العلم والفهم ، ودعوة ( استقراء الواقع ) بالنظر السليم ، و إتباعٍ للآثار والتسليم.. دعوة لا تُغريها ( مفاتن السياسة الزائفة ! ) ، ولا تغْويها ( محاسن الرياسة الحائفة !) ولا تُغذّيها ( الدوافع الحزبيّة الجائفة !) كلا ولا تهزمها المناهج المُنحرفة المُخالفة ، أو تهمزها ( المناهج الفكرية العلمانيّة ! ) المُتحالفة...

ينبغي للمسلم – الآن – أن يضع هذه ( الدعوة ) في سويداء قلبه ، ويبتغي السلامة ، ويتفكّر في أمره ، وعلى ما هو مقيم عليه مع هذه الفتن والمناهج الهدّامة.. يتحرّى الحقَّ وأهلَه ، وينبذ المغرضَ والفتّان وجهلَه ..! أمّا أهل الإسلام في ديارنا الأردنيّة ... فـ ( دعوتنا ) إليهم سلَفيّة : أنْ { اعْتصموا بحبل الله جَميعَاً وَلا تَفرَّقوا ، واذْكروا نعْمَةَ الله عليكم .. } ، و " لا تباغضوا و لا تقاطعوا و لا تدابروا و لا تحاسدوا و كونوا عباد الله إخوانا كما أمركم الله " ؛ فـ " المسلم أخو المسلم ، لا يظلمه ، ولا يخذله ، ولا يكذبه ، ولا يحقره " ، و " كل المسلم على المسلم حرام : دمه وماله وعرضه ".

وادرؤوا الفتنة – عن بلدكم – ما استطعتم إلى ذلك سبيلاً .. بالدعاء والإنابة إلى الله ، والكلمة الطيّبة ، والإخلاص – لله تعالى – بالقول والعمل واحفظوا حقّ العلماء عليكم ، واعرفوا لهم قدْرهم ؛ فإنهم " ورثة الأنبياء " ، وصمام الأمان وقت الفتن ، وهم الذين يسوسون الناس حقيقة .. فاسْمعوا لهم ، ولا تَسْمعوا عليهم ، أو تُسمّعوا بهم.. أدعو الله – تعالى – أن يجعل بلدنا آمناً مطمئناً مستقراً وسائر بلاد المسلمين ، وأن يحفظها في كنفه ورحمته ، وأن يوفق ولاة أمورنا لكل خير وصلاح ، ويجعلنا عوْناً لهم فيه ، وأرنا الحقّ ولا تجعْله مُلتبساً علينا فنضلّ ، اللهم و احفظ علماء الأمة من كلّ شرّ وسوء. وصلّ اللهم وسلّم وزد وبارك على سيدنا محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعين