أربع برقيات لابد منها
جراءة نيوز - عربي دولي:
تاريخيا, يمكن أن نقول -عن يقين- إن الأمة الإسلامية لم تنقسم إلا بسبب الصراع على السلطة وليس بسبب الصراع على الدين.
وما نعيشه في مصر الآن هو -بكل وضوح- صراع على السلطة يخوضه الإخوان ومن يوالونهم( التحالف الوطني لدعم الشرعية) ضد كل الشعب المصري. والسلطة بالنسبة لهم ليست إلا مجرد وسيلة, ضمن وسائل أخرى, للتمكين من أجل الهيمنة وفرض المشروع الإخواني الذي يحمل زورا اسم الخلافة الإسلامية.
فهم لا يصارعون الآن دفاعا عن ديمقراطية, لأنهم لا يؤمنون بالديمقراطية ويعتبرونها, ومعظم من يحالفونهم, بدعة غربية, وطبعا كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار فهم مع الحكم المطلق لمن يسمي بـ ولي الأمر, ولهم رأي واضح في الإجابة عن سؤال: الحاكمية لمن؟ أي الرأي والحكم النهائي والمرجع لمن: للشعب أم لولي الأمر( المرشد). كما أنهم لا يصارعون من أجل شرعية, لأن الشرعية مصدرها الحقيقي الشعب, والشعب له أن يعبر عن هذه الشرعية مباشرة وهذا هو الأصل أو عبر صناديق الاقتراع وهذا هو الاستثناء الاضطراري عندما يستحيل تمكين الشعب أن يعبر عن رأيه مباشرة. والشعب في مصر استطاع أن يخرج بعشرات الملايين ويسقط حكم محمد مرسي, وما قام به الجيش هو تنفيذ حكم وإرادة الشعب, وليس الانقلاب على شرعيته كما يزعمون.
الأهم من ذلك أن الإخوان لا يصارعون من أجل وطنية, أي أن الوطن المصري ليس هو الآن مركز اهتمامهم ولم يكن في يوم من الأيام, فلو أنهم يصارعون من أجل الوطن ومصالحه يسارعون في وأد الفتنة واحتوائها, ولملمة شتات الأمة, والتعالي عن المصالح الخاصة والانحياز للشعب واختياراته, لكنهم اختاروا أن يصارعوا الوطن, فهم يصارعون الشعب خلال ممارساتهم لأسوأ أنواع العنف مع المعارضين أو مع الأبرياء, وهم يتعاملون الآن مع جيش مصر باعتباره العدو, وحريصون على أن يكونوا أداة في يد أعداء مصر( الأمريكيين والإسرائيليين ومن يوالونهم من المصريين والعرب والأتراك) لكسر جيش مصر, وهم يحاولون التوحد مع الأعداء لتحقيق هذا الهدف إما باتباع السيناريو السوري أي بإحداث انشقاق وانقسام داخل صفوف الجيش وتشكيل ما كانوا يأملونه جيش مصر الحر على منوال الجيش السوري الحر, لخوض صراع مباشر ضد الجيش واتخاذ هذا الصراع مدخلا لطلب التدخل العسكري الأجنبي الذي لن يكون هدفه مجرد تدمير القدرات العسكرية والاقتصادية لمصر بل وفرض خيار التقسيم, ولنا في أحداث التدخل العسكري الخارجي في العراق عبرة يجب ألا ننساها. وإما باتباع السيناريو الجزائري أي خوض حرب استنزاف طويلة المدي ضد الجيش المصري لتدميره باعتباره العقبة الكأداء أمام فرض وتنفيذ مشروعهم.
ردود وتعليقات بعض قادة الاعتصامات الإخوانية وبعض رموز الإخوان التي وردت على لسانهم خلال لقاءاتهم مع عدد من المبعوثين الأجانب أو محطات التليفزيون أو مراسلي الصحف تكشف وتؤكد أنهم يخوضون ما يسميه علماء العلاقات الدولية بـ الصراع الصفري وهو ذلك النوع الجهنمي من الصراع الذي تكون نهايته حصول طرف واحد على كل المكاسب وحصول الطرف الآخر على صفر مكاسب, أي يخوضون صراع: إما قاتل وإما مقتول ضد الشعب المصري وضد الجيش المصري. من بين هذه التصريحات والتعلىقات حول تصورهم لنهاية ما يحدث الآن داخل مصر ورؤيتهم للحل الأمثل كانت على النحو التالي:
المسألة بسيطة للغاية.. لن نغادر مكاننا.. سنزيد الاحتجاج والاعتصامات.
إن فض الاعتصام يستلزم100 ألف قتيل, وهي فاتورة لا يستطيع الجيش تحملها.. نحن سنقدم100 ألف شهيد, وعلى الجيش أن يفعلها إن استطاع.
ما حدث عند دار الحرس الجمهوري كان درسا قاسيا لهم( الجيش), ومنذ ذلك الحين لم يطلقوا رصاصة.
الحل الوحيد يكمن في عودة الرئيس( محمد مرسي) وعودة الدستور وعودة مجلس الشعوري, وبعدها يمكننا الجلوس للتفاوض.
التفاوض خطوة لاحقة لتنفيذ الشروط وبعدها( كل الخونة لازم يتطهروا), كل الخونة الذين انقلبوا على الديمقراطية.
لا سلمية بعد اليوم وسيناء هي ثأرنا مع الجيش.
هذه مجرد مقتطفات من تعليقات كاشفة لنوعية الصراع الذي يخوضه الإخوان متحالفين مع الإدارة الأمريكية وبعض الأتباع وجماعات المصالح الموالية للأمريكيين من عرب وأتراك. وأهم ما تؤكده هذه التعلىقات أن الإخوان ليسوا على استعداد للتراجع لا لشيء إلا لأنهم مجرد رأس الرمح في المشروع الأمريكي- الصهيوني الذي يستهدف مصر وشعب مصر وجيش مصر كما سبق أن استهدف العراق وكما يستهدف سوريا, لأن مصر هي الجائزة الكبري في مشروع الشرق الأوسط الأمريكي( الكبير والجديد), وسقوط مصر معناه الانتصار النهائي للمشروع الصهيوني على أرض العرب.
نحن أمام صراع حقيقي وخطير, وما أطلق علىه وزير خارجية فرنسا من انقسام أو استقطاب مصري هو الخطوة الأولي في مشروع التدخل الخارجي في أزمة يجري تصنيعها في أروقة الاستخبارات الأمريكية والإسرائيلية بمشاركة أجهزة استخبارات عربية وإقليمية( تركية على وجه الخصوص). الأزمة في بدايتها والصراع في بدايته, ولذلك أجدني مضطرا إلى توجيه أربع برقيات سريعة لمن يهمهم الأمر:
البرقية الأولي للإدارة الأمريكية ورئيسها باراك أوباما: لا تحاول مع مصر والشعب المصري. مصر هي دائما مقبرة الغزاة, وكما أسقطت مصر الإمبراطورية البريطانية التي لم تكن تغيب عنها الشمس عام 1956, قادرة على أن تسقط حلم الإمبراطورية الأمريكية الذي تحاول لملمة أشلائه بعد فشلكم في أفغانستان والعراق.
البرقية الثانية للإخوان: لا تنخدعوا بوعود أمريكية, لا تتحالفوا مع عدو أمتكم ودينكم, لا تشتروا الدنيا وزينتها على حساب الآخرة, لا تخسروا أنفسكم وتدبروا قول ربنا في قرآنه الكريم يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق( سورة الممتحنة.. الآية1). صدق الله العظيم.
البرقية الثالثة لمن يحكمون مصر: يجب أن تكونوا على مستوي التحدي وعلى مستوي ثقة شعبكم, لا تفرطوا في سيادة ولا تهدروا كرامة وعزة مصر لأن المصريين لن يسمحوا بذلك.
البرقية الرابعة للشعب المصري: أيها الشعب العظيم مصر في خطر, مصر مستهدفة, وجيشها مستهدف, وحدتنا هي قوتنا وثورتنا هي وسيلتنا وغايتنا هي الحرية والعزة والكرامة.