خفايا رفع الكهرباء وتجاهل الحكومة للبدائل!!!

تذرعت الحكومة الأردنية بوصول مديوينة الشركة الوطنية للكهرباء الى 2.748 مليار دينار أردني وتوقعات أن تقفز إلى 4 مليار دينار أردني ووصول كلفة الطاقة المستوردة ل 6.4 مليار دينار مشكلة ما يقارب من 20 % من الناتج المحلي الاجمالي لرفع اسعار الكهرباء مبررة ذلك بحماية موازنة الدولة من الاستنزاف ومنع ارهاق الإقتصاد الوطني وتعطيل عجلة النمو الإقتصادي!

وتناست الحكومة في ذلك ما سيرتبه رفع أسعار الكهرباء من كلف اقتصادية واجتماعية باهظة على المواطنين متجاهلة وعي المواطن بأن الرفع يأتي ضمن تنفيذها لاملاءات الصندوق الدولي تنفيذا ل"اتفاقية الاستعداد الائتماني" الذي وقعته مع صندوق النقد الدولي؛ للحصول على 2 مليار دولار على مدار ثلاث سنوات، "لإصلاح قطاع الكهرباء واختلالات المالية العامة والحسابات الخارجية"، و"تعزيز النمو المرتفع"، و"إصلاحات في الإنفاق والضرائب وتحسين مناخات الاستثمار وتعزيز الشفافية وزيادة النشاط التجاري".  

وتجاهلت الحكومة هنا ما سيترتب عليه من كلف اقتصادية واجتماعية باهظة سيدفع ثمنها في النهاية المواطن من ذوي الدخول المتوسطة والمتدنية،رغم انه لن يترتب عليهم أي زيادات في دفع فواتير استهلاكهم للكهرباء.

التأثيرات تتمثل بالتضخم نتيجة لأرتفاع أسعار الكهرباء على القطاعات الاقتصادية والتي يمكن أن تتجاوز 10% خاصة وانها ارتفعت بنسبة 7% خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الجاري 2013 ما يتسبب بزيادة الضغوط الاقتصادية وبالأخص اذا ما علمنا أن ثلاثة أرباعهم على أجور منخفضة تقل عن 400 دينار شهريا وهو خط الفقر للأسرة المعيارية ...

ورغم كل التاثيرات السلبية فأنه يتوقع أن تلجأ الحكومة إلى خيار رفع أسعار الكهرباء خلال العام الحالي بنسبة 15% على كافة القطاعات باستثناء الزراعة وصغار الصناعيين والقطاع المنزلي،وحسب التقديرات الحكومية فان الرفع لن يوفر سوى 51 مليون دينار لتبلغ خسائرها التراكمية 3367 مليار دينار مع نهاية العام الحالي.

والحكومة في تلك السياسات أهملت خيارات بينها الاستثمار في مجال الطاقة البديلة كمصدر أساسي للطاقة، مثل: طاقة الرياح، والطاقة الشمسية، إضافة إلى الزيت الصخري؛تنفيذا لتوصيات لجنة الأجندة الوطنية التي وضعت عام 2006، والتي اهملتها الحكومات المتعاقبة ...

وغفلت الحكومة عما سيؤدي له القرار من رفع كلف الإنتاج لمختلف السلع والخدمات؛ الأمر الذي سيؤدي إلى خروج جزء منها من السوق؛ لعدم قدرتها على تحمل الأعباء الإضافية جراء رفع أسعار الكهرباء، بما يؤدي إلى فقدان العديد من العاملين أعمالهم؛ وبالتالي زيادة نسب البطالة والدفع باتجاه زيادة مستويات الفقر،وما سيؤدي إليه من تراجع القدرة التنافسية للصادرات الصناعية الأردنية إلى الخارج.

وكل ذلك سيشكل وبحسب خبراء ومختصين الى مزيدا من الضغوط على الحساب الجاري لميزان المدفوعات الذي يعاني من الكثير من الصعوبات، وسيؤدي أيضا إلى تراجع قدرات القطاعات الصناعية الأردنية التصديرية وغير التصديرية على تشغيل المزيد من الأيدي العاملة،لا بل يمكن أن يؤدي ذلك إلى التخلي عن بعض الأيدي العاملة الموجودة.

وبحسب مختصون فأن رفع أسعار الكهرباء سيؤثر سلبا في البيئة الاستثمارية وقدرتها على جذب الاستثمارات والمحافظة على الاستثمارات القائمة في الأردن ما سيشكل كارثة على الوضع الاقتصادي العام،ما يعد ضربة لكافة الجهود التي بذلت وتبذل في سبيل تشجيع الاستثمار وهو الأساس للنمو الاقتصادي والتنمية في الأردن،ما سيدفع الأردن إلى مزيد من الاعتماد على المساعدات والمنح الخارجية، بما يترتب على ذلك من كلف اقتصادية (زيادة الديون الخارجية والداخلية وخدماتها) وسياسية.

ويرجح مختصون زيادة الطلب على الكهرباء لتصل طاقة الحمل القصوى في المملكة إلى 3590 ميغاواط في عام 2015، وإلى 4773 ميغاواط في 2020 ما يبرز الأزمة الحقيقية التي تعيشها المملكة وتوقعات استمرارها ويستوجب حلول جذرية تعالج الاختلالات الكبيرة التي تسببت بها السياسات الحكومية في مجال الطاقة خلال العقود الفائتة،وعدم عناية الحكومات المتعاقبة بخيارات الطاقة الأخرى مثل: الغاز الطبيعي، والصخر الزيتي، إلى جانب خيارات الطاقة البديلة المتوفرة في الأردن، مثل: طاقة الرياح، والطاقة الشمسية.

والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة لماذا تتجاهل الحكومة ما يطرحه الخبراء والمختصون من حلول استراتيجية وأخرى عاجلة لا بد من اتخاذها لمعالجة مشكلة الطاقة؟؟،وبين الحلول الطاقة البديلة أو المتجددة التي لا بديل عنها لحل مشكلة الطاقة في الأردن على المدى الاستراتيجي.

وبين الحلول والبدائل استغلال خامات الصخر الزيتي والتي تشير الدراسات إلى أن احتياطاتها رابعا عالميا؛ بحجم احتياطي يزيد على 70 مليار طن تحتوي على ما يزيد على 7 مليارات طن نفط وسيوفر استغلاله خلال السنوات السبع المقبلة 100 ألف برميل نفط يوميا وفقا لخبراء ومختصون،اكدوا أن ذلك سيمكن من سد النقص في مصادر الطاقة في الأردن في ظل ارتفاع أسعار النفط في الأسواق العالمية.

وكل هذه الحلول تجنبا لما قد ينتج عن رفع الكهرباء من تاثيرات سلبية تتمثل برفع قيمة الأسعار لدى القطاع التجاري التي قد تصل إلى 100% وهو ما سيتحمله بالتالي المستهلك،اذ سوف ترتفع على المستهلك وجميع سلسلة التزويد سترتفع تكاليفها


وبحسب قرار رفع تعريفة الكهرباء الذي عممه هيئة تنظيم قطاع الكهرباء على شركات التوزيع، اشتملت التعريفة الجديدة شريحتين للقطاع الصناعي, الصغير الاولى أو الصناعيين الصغار والتي تتمثل بمصانع النسيج والورش الصغيرة والمخابز الآلية والنصف آلية والمسالخ الآلية ومصانع الحلويات ومعامل تحميض الأفلام ومشاغل ومصانع الخياطة ومطاحن الحبوب وجواريش الأعلاف ومزارع التفقيس ومعاصر الزيتون والمحادد والمناجر ومعامل الطوب والبلاط ومناشير الحجر ومصانع الأحذية ومشاغل الألمنيوم وصناعات المواد الغذائية , من 1-10 الاف كيلو واط شهريا

وحددت الهيئة تعريفة للطور الواحد والثلاثة أطوار للشريحة الأولى من 1 إلى 10.000 كيلو واط ساعة شهريا والثانية لمن تتجاوز الـ 10.000, حيث ان الهيئة حددت للشريحة الأولى 57 فلس لكل كيلو واط ساعة مباع بالفترة من 15 اب 2013 ولغاية نهاية العام, و66 فلس للشريحة الثانية عن نفس المدة, و66 فلس للشريحة الأولى و75 فلس للشريحة الثانية خلال العام 2014, أما في العام 2015 فقد حددت الهيئة 75 فلس للشريحة الأولى و87 فلس للشريحة الثانية, وستصبح في بداية عام 2016 87 فلس للشريحة الأولى و100 فلس للشريحة الثانية, أما في العام 2017 فتحددت بـ 100 فلس للشريحة الأولى و115 فلس للشريحة الثانية.

وتبلغ تعريفة المشتركين الصناعيين المتوسطين حيث ستطبق على المزودين من شبكات شبكات الفولطية المتوسطة 33, 11, 6.6 كيلو واط أو المشتركين المزودين من شبكات الفولطية المنخفضة ويزيد حملهم عن 200 واط، وقسمت بالشكل التالي:

تعريفة الحمل الأقصى الشهري 3.79 دينار بالفترة من 15 اب ولغاية نهاية العام 2013،أما تعريفة التزويد النهاري سوف تصبح 72 فلسا لكل كيلو واط مباع خلال الفترة النهارية من 15 اب ولغاية نهاية العام 2013, لتصبح فيما بعد 83 فلسا من بداية 2014 ولغاية نهاية العام، ثم ستصبح 96 فلسا من بداية 2015 ولغاية نهاية العام، ثم 110 فلس من بداية 2016 ولغاية نهاية العام، إلى أن تصل 127 فلسا في العام 2017.

وبالنسبة لتعريفة التزويد الليلي سوف تكون الأسعار 61 فلسا للكيلو واط مباع خلال الفترة الليلية من 15 اب ولغاية نهاية 2013، ثم سترتفع 9 فلس لتصبح 70 فلسا في العام 2014، ثم 81 فلسا في العام 2015, ثم 93 فلسا في 2016, إلى أن تصل لغاية 107 في العام 2017.

ويبقى ترشيد الطاقة الملاذ الوحيد للقطاع في الفترة الحالية، منتقداً غياب الرسميين عن جلسات ولقاءات متخصصة تبحث تحديات التي تواجه قطاع الطاقة في المملكة، داعياً الحكومة الى وقف حالة التضارب في القرارات والتباين في مختلف الجهات الرسمية المعنية

وبين الحلول التي يطرحا المختصون إدارة الإنارة في شوارع المملكة من خلال تحديد الإضاءة بشكل يكفل توفير مصروف الإنارة إلى النصف من خلال تعطيل إنارة بعض الأعمدة ، بمعنى آخر إستفادة المنطقة المضاءة بشكل أقل وعدم إطفاء الإنارة في الشارع بأكمله بحيث يمكن العمل على إنارة عامود وإطفاء العامود الذي يلية وهكذا مما يوفر نصف التكلفة لجميع الشوراع المضاءة.

ومن الحلول التي يوصي بها الخبراء زيادة الإيرادات من خلال تسريع العمل في القضايا المعلقة لدى دائرة ضريبة الدخل والمبيعات حوالي 800 مليون دينار عن سنوات سابقة ! ولو بمصالحة ب 50% اي تسوية مالية،وفرض ضريبة إضافية على دخول السيارات الغير أردنية لا يقل عن 250 دينار للسيارة الواحدة، وفرض ضريبة إضافية على غير الأردني لدى وفوده على الأردن بما لا يقل عن 100 دينار للشخص الواحد، وفرض ضريبة إضافية على المشروبات الروحية بكافة أنواعها، وكذلك على علب السجائر الأجنبية،وزيادة نسبة الرسوم المفروضة على غير الأردني بنسب متفاوته لقاء شراءه لشقة سكنية أو منزل أو خلافه من أجل تحقيق جزء من العدالة حيث أن غير الأردني القاطن في المملكة يستفيد من الدعم المقدم بشكل متساوي مع الأردني.

كما يوصي الخبراء بتخفيض عدد السيارات الحكومية قدر المستطاع وإقتصار العمل على الضروري منها، وتحديد سيارة واحدة لأي موظف حكومي وسائق واحد مهما كانت درجته الوظيفية في الحكومة،والبدء في العمل على مشروع البطاقة الذكية من أجل إيصال الدعم للسلع الأساسية لمستحقيه.

الغريب أن كل تلك الآثار والبدائل ما زالت تتجاهلها الحكومة لتعتمد جيب المواطن بوصفه الحل الأسهل بمنضورها وبين المبادرات التي لم تعقب الحكومة بخصوصها مبادرة سلمها مجموعة من النواب تعد الأولى من نوعها مقترحات وبدائل إلى جلالة الملك عبد الله الثاني، للمساهمة في وضع البدائل العملية للحكومة لمساعدتها في إيجاد حل للحيلولة من اتخاذ قرار رفع أسعار الكهرباء على المواطن الأردني

المبادرة التي سلم مقترحاتها إلى مقام جلالته النائب زكريا الشيخ والتي كانت محط حضور تحت قبة البرلمان تهدف وفق النواب إلى وضع البدائل لسد عجز الموازنة الأردنية الناجم عن الدعم الحكومي لقطاع الكهرباء والبالغ مليار ومائتي مليون دينار أردني، والذي من شأنه الابتعاد عن جيب المواطن وعدم اللجوء إلى رفع أسعار الكهرباء لهذا العام مرحليا وللأعوام القادمة.

وترتكز المبادرة على تأسيس صندوق وطني تحت مسمى «صندوق المبادرة الوطنية للإنقاذ الاقتصادي النيابية»، يكون برئاسة رئيس مجلس النواب، وعضوية كل من رئيس الديوان الملكي ورئيس مجلس الأعيان، ورئيس اللجنة المالية في مجلس النواب، ووزراء المالية والعدل والأوقاف والمفتي العام للمملكة الأردنية الهاشمية.

وتتضمن المبادرة دعوة الشخصيات الوطنية السياسية والاقتصادية والاجتماعية وأصحاب الشركات والمؤسسات الكبرى والنقابات المهنية، والأحزاب السياسية، ودعوة رجال أعمال وشخصيات مالية للمساهمة الفاعلة في الصندوق، ورجال الأعمال الأردنيين في داخل الأردن والمغتربين منهم للمشاركة في جمع مبلغ مليار ومائتي مليون دينار أردني لسد العجز المطلوب خلال عام 2013 كحل عاجل ومرحلي لهذا العام..

وتقترح المبادرة زيادة التعرفة الكهربائية على الشركات الكبرى والمولات التجارية وبشكل تصاعدي كل حسب استهلاكه، والتواصل مع شركات الاتصالات، البنوك الوطنية، شركات النقل، شركات التعدين، اصحاب شركات الطيران، اصحاب الجامعات والمؤسسات التعليمية، أصحاب المستشفيات الخاصة، وكلاء بيع السيارات، أصحاب شركات الأدوية، وغيرها من الجهات التي يتم اقتراحها من قبل أعضاء المبادرة.

ومن بين الأسس التي ستتبعها المبادرة دعوة التلفزيون الأردني واصحاب الفضائيات الخاصة ووسائل الإعلام المختلفة لإطلاق تلثون في وقت واحد لمدة يوم كامل (24) ساعة أو أكثر ان اقتضت الضرورة لحث القادرين ماليا من ابناء الوطن من الداخل والخارج للمساهمة في الصندوق، وتشكيل لجنة نيابية «لزيارة الأشقاء في دول الخليج العربي والدول الإسلامية المانحة» لحثهم على المساهمة بمنح غير مشروطة لصالح دعم الصندوق.

وتتضمن المبادرة تفعيل قضايا مكافحة الفساد والجرائم الاقتصادية وإرجاع الأموال المنهوبة جراء تلك القضايا ووضعها في الصندوق، مع إجراء التعديلات اللازمة على قانون الجرائم الاقتصادية لتمكين الدولة من إيداع المبالغ المحصلة من هذه القضايا في الصندوق آنف الذكر.

والجدير ذكره أن النواب أصحاب المبادرة فضلاً عن النائب زكريا الشيخ: عاطف الطراونة، خليل عطية، هيثم العبادي، عبد المحسيري، هايل الدعجة، يوسف القرنة، عبد الرحيم البقاعي، جميل النمري، مصطفى حمارنة، ميرزا بولاد، فلك الجمعاني.

وهنا تثار التساؤلات اين وصلت المبادرة واين وصلت البدائل والحلول والأستراتيجيات والى متى يبقى جيب المواطن هو الحل ؟؟ ومتى ستكون الحلول والمبادرات منهجا للحكومات في تعاملها مع مشاكل الوطن وبالأخص المركزية منها كملف الطاقة وتحديدا الكهرباء؟؟