انها ارادة شعب

 بعد نجاح ثورة الخامس والعشرين من يناير، وتولي المجلس العسكري مقاليد الحكم، خرجت الحشود المنادية بنقل السلطة إلى رئيس منتخب، خوفاً من استيلاء العسكريين على الحكم، وعودة النظام السابق في صورة جديدة. تلبية لمطالب الجماهير، أجرى المجلس العسكري المنحل انتخابات رئاسية، فاز فيها مرشح الإخوان، الذي لم يكن معروفاً حينها، إلا أن الظروف ساعدته، لأن غريمه كان محسوباً على النظام السابق.

رغم أن منتسبي جماعة الإخوان، لا يتجاوزون الـ 5% من تعداد السكان، ورغم أن أكثرهم مختلفون معها، لعلمهم أنها جماعة وصولية، أكثر منها دينية، تستغل الدين، لجلب استعطاف الجماهير، وتسعى لتحقيق أجندات خارجية، ومكاسب شخصية، ومدعومة من الخارج، ولم تشارك في الثورة إلا بعدما علمت أنها ماضية في طريقها للنجاح، إلا أنهم أجبروا على الوقوف معها، لأنهم كانوا بين خيارين أحلاهما مر، إما الوقوف مع الإخوان أو عودة النظام السابق في صورة شفيق.

رغم اختلافنا مع جماعة الإخوان، إلا أننا تمنينا لها النجاح والتوفيق، وأن تكون عند حسن ظننا، وتبيض صورتها المحفورة في أذهاننا منذ تأسيسها، وأن تعمل لمصلحة الوطن، وتسعى لتحقيق مطالب الثورة، التي سرقتها، ونسبتها لنفسها، إلا أنها سارت في غيها، ونسيت أنها جاءت بإرادة شعبية، ولم تأت بإرادة التنظيم الدولي، أو الدول الممولة له.

استغلال الدين لغايات سياسية، نفق مظلم، أوقع الإخوان في فخ النفاق والرياء، الذي لا تحمد عقباهما، حتى إننا سمعنا منهم من يفتي زوراً وبهتاناً بوجوب مناصرة مرسي، ومن يكفّر مخالفيه، ومن يدّعى أنه رأى الرسول «صلى الله عليه وسلم» في المنام يقدمه للإمامة، ومن ينادي بالوقوف مع شرعيته، وكأنه مرسل من السماء، ونسي هؤلاء أن فتواهم ستكون وبالاً عليهم يوم القيامة، يوم الحسرة والندامة، يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.

الإخوان، قدموا أنفسهم للجماهير، على أنهم إسلاميون، ويسعون لتطبيق الشريعة، إلا أنه سريعاً ما ظهر كذبهم ونفاقهم، ورسبوا في كل الامتحانات التي أجريت لهم، واتضح ذلك جلياً عندما قال المعزول: «دمي فداء الكرسي»، حاملاً رسالته الأخيرة من مكتب الإرشاد لأنصاره ومؤيديه، وللمخدوعين بهم بأنه «متمسك بالشرعية الإلهية».

نسي هؤلاء أو تناسوا أن الذي يمنح الشرعية للرئيس أو ينتزعها منه هم الجماهير، وليس الصناديق، التي في كثير من الأحيان، تكون مزورة، أو جاءت نتيجة حادث طارئ. روجوا لما حدث على أنه انقلاب عسكري، ليشعلوا حماس الشباب، الذين انخدعوا بألاعيبهم الدنيئة، ويستعطفوا ولية نعمتهم أميركا وحلفاءها من بني صهيون، وهم يعلمون يقيناً أنه ليس انقلاباً عسكرياً، وإنما رغبة جماهيرية عامرة، دعت المجلس العسكري لتحقيق مطالبها المشروعة، بدلاً من دخول البلاد في حرب أهلية لا يعلم مداها إلا الله.

بعدما لفظتهم الجماهير، وسحبت منهم الثقة، عليهم أن يراجعوا أنفسهم، ويحددوا مسارهم إما الدين أو السياسة، وإذا أرادوا السياسة فعليهم أن يتعلموها من جديد، ويتلاشوا أخطاءهم السابقة، التي عجلت برحيلهم، مرغمين، وليس عيباً أن يتعلموا، لأن طلب العلم واجب شرعي، بدلاً من تضييع الوقت فيما لا يفيد، وبدلاً من وقوع البلاد في فوضى عارمة، ولا يحاولوا لعب سياسة الأرض المحروقة، إما فيها أو أخفيها، لأن أجهزة الأمن متيقظة لهم، وتعلم أفعالهم الصبيانية، وستقف لهم بالمرصاد، ولن تتركهم يعبثون بأمن الوطن واستقراره. حفظ الله مصر.. حفظ الله الشعب.. حفظ الله الجيش.. حفظ الله الشرطة.