سهرة رمضانية خاصة بذكرى وفاة البطل الفريق الحويان

سهرة رمضانية خاصة بذكرى وفاة البطل الفريق الحويان خاص - عيسى محارب العجارمة- صادف يوم السبت الموافق لتاريخ : 2013-07-13الذكرى الحادية عشر لوفاة الفريق الركن محمد سلامة رجا الحويان والذي تبوأ مناصب عدة في القوات الاردنية المسلحة بينها قائد لواء آلي، قائد القوات الخاصة، ملحق عسكري في عُمان، المفتش العام للقوات المسلحة، مساعد رئيس هيئة الاركان للقوى البشرية ورئيس اركان القوات البرية الملكية.

شارك المرحوم في عدة معارك كما تقلد عددا من الأوسمة والدروع ...رحم الله الفقيد . الى جنان الخلد بأذن الله سبحانه وتعالى عطوفة الباشا ابا بسام رحمة الله قائد الفرقة الالية الرابعة الملكية لمدة عامين 1988-1990 ويزيد كنت خلالها شاهد عيان على عظمة وعلو كعب هذا الرجل واتقانه لفن قيادة الرجال الرجال بمصنع الرجال الجيش العربي .

ومن ينسى علو همة البطل الغضنفر ابا بسام رحمه الله صاحب الصوت الاجش في ميادين التدريب بحمرا حمد والغباوي والقطرانه وسويمة وجلعاد وطريق الدبابات بخربة المرآة على طريق الاغوار السلط . من اجمل عباراته وتقديره للوقت :- عمل الجيش 24 ساعه من 24 ساعه . فقد كان رحمه الله لاينام ولايخلينا نحن جنوده وضباطنا ننام .

وتاليا يوم عمل لا بل ليلة عمل ان جاز لي التعبير مع ذاك البطل الرئبال رحمه الله ففي سهرة رمضانية جميلة وكأنها العشية طلب ركن الاستطلاع بالفرقة مني ان اقوم مراجعة قطعة السلاح في قيادة الفرقة 4 بمرج الحمام واستلام بندقية م16 وان اركب بسيارة انا وسائقها ومعنا خرائط عسكرية لاستراحة الباشا بمنطقة الحمر.

فما كان مني الا ان تمنطقت بندقيتي خافرا خرائطي العسكرية السرية المهمة مع رفيقي السائق البدوي الاسمر الطاعن في السن من اهالي مادبا وتحركنا من مرج الحمام لمنطقة ام الاسود التي كانت في حينها واقعة تحت سيطرة عصابة سلب ونهب خطرة جدا تكللت لصوصيتها بسلب احد ضباط الصرف مبلغ هائل من المال وكانت السيارات العسكرية احد اهدافهم المفضلة .

اضافة لقتل وسلب المدنيين الى تم اكتشاف هذه العصابة الخطيرة وتم اعدام افرادها ولله الحمد فقد وصلنا بعيد الافطار بالثامنة مساء لاستراحة قائد الفرقة وقمت بانزال الخرائط لمرتبها وعدت للانتظار داخل سيارتي . كان الاجتماع معدا لقائد الفرقة الجنرال الحويان رحمه الله مع قسم امره من قادة الالويةوالمدفيعة وكتائب وسرايا الاسلحة والخدمات .

كان سؤاله عمن احضر الخرائط وهل كانت محروسه وادخلوني عليه (ولاهي الساعه)كنت برتبة رقيب بلباس الفوتيك الاخضر متمنطقا سير بندقيتي وجعب الذخيرة على نطاقي . فحدجني بنظرة القائد التي تقدح عيونه الشرر من اخمص قدماي لاعلى رأسي المزين بالبرية السوداء التي تحمل شعار الجيش العربي الاغر وبادلته نظرة التحدي ليعرف ان الخرائط بأمان في ذهابها وايابها من مرج الحمام لعرين الاسد رحمه الله بام الاسود .

قابلني بأبتسامة الرضا لاني لم اضعف امام هيبته ولأنني بداخلي لم ارى فيه الا ابا رحوما كما هي نظرتي ولليوم لكل قادة الجيش العربي الابطال فقد علمونا ابجديات الرجولة لا الخنوع في اصعب المواقف .

ومن حينها كان يرمقني بنظرة الاب العطوف لا القائد الفض كلما تواجهنا خلال جولاته التفقدية للمعسكر وللمكاتب وفي التمارين العسكرية ببطن الصحراء وكان يأمر بتوزيع الوجبات علينا بالصحراء نحن معشر الافراد والسواقين وغالبا من تكون نصف فروج مشوي وتوابعه وكنت احس بداخلي انني ممن يخصهم بالمدح حينما يقولوا اهتموا بالكتبه والسواقين لانهم (بيتعبوا) .

كان رحمه الله قبل وصولنا قد وجه سؤالا للقادة ان كان (سواقينهم )يحملوا البندقية فكانت الاجابة انهم اكتفوا بمسدساتهم الشخصية فقط فطلب مني البقاء خفيرا على الباب حتى انتهاء موعد الاجتماع الذي استمر حتى قبل السحور بساعتين . واما بقية السواقين فطلب منهم الانتشار على الشيك الخارجي للاستراحة عقابا لهم على عدم حمل السلاح الفردي في منطقة خطرة .

وكانت الاستراحة بها خفير واحد على الباب الخارجي وانا على باب عرين الاسد رحمه الله يأتي صوته واضحا مزمجرا كقصف الرعد من داخل غرفة الاجتماع بأستراحته التي أضحت لاحقا استراحة لعطوفة رئيس هيئة الاركان المشتركة .

يرسم فيه افكاره لقادته حول سير العمل بالفرقة والبرامج التدريبية والامور الادارية بكثير من التفصيل والمعلمية وفن القيادة والفهم الواضح لاطراف العمل العسكري الاحترافي .

كنت اسمع واتعلم واستوعب الشيء الذي حرمت نفسي منه بمحاربة نفسي في التقصير بعلامة التوجيهي لغاية في نفس يعقوب سامحني الله على غلطة العمر تلك فحرمت نفسي من فرصة الالتحاق بجامعة مؤتة لاتخرج منها ضابطا وانا لليوم لم افلح بوصول احد ابنائي لتلك الجامعه وكأن القدر يحاربني على تلك الفعلة الشنيعة بحق نفسي مرتين .

ولكن الله اراد لي الخير العميم بان عملت كاتبا طابعا في قيادة الفرقة الرابعة فكنت قريبا من القادة اتعلم منهم كل يوم ولاشك بأن فارسنا المرحوم ابوبسام كان على رأس اولئك القادة الغر الميامين ودروسه تحفر في صدري بين حنايا القلب والشرايين والاوردة فلا محل لها الا هناك لانه احد اهم قادة عهد جلالة المغفور له الراحل العظيم الملك الحسين بن طلال قائدي ومليكي عراب الروح ومعلمي الثاني بعد سيدي رسول الله .

خلال الاجتماع ذاك كانت بالمنطقة احدى كتائب القوات الخاصة الملكية واظنها الكتيبة 81 وحوالي منتصف الليل جاءت من معسكرها اصوات طلقات لذخيرة تدريبية عالية الصوت تشبه دوي الانفجارات فخرج رحمه الله وهو والقادة لاستطلاع الامر وطلب مني عدم التحرك من مكاني .

الى ان جاء احد السواقين واخبرنا الخبر بأنها نيران صديقة ولا تعود لعصابات الشر التي كانت الى حينها حرة طليقة في ذاك المكان الذي يعد من اخطر الاماكن في الاردن لكثرة ادغاله وصعوبة تضاريسه خصوصا في ليل الشتاء البارد وعواصفة القاصفة المزمجرة .

لم ينسى الباشا رحمه الله الكرم العربي الاصيل فكانت اطباق الحلويات الرمضانية الفاخرة وخصوصا قطايف مطاعم عطا علي يأتيني بها المراسل من الداخل وحينما ارفض يقول لي الباشا يزعل واذا زعل فالويل لي ولك فما كان مني الا ان قلت له هات حصة (خويي السايق ).

وكان المراسل مكلف من محافظة الخليل الشماء وهو اليوم صاحب كوفي شوب شهير في عمان ازوره بين الفينة والاخر وتذرف عيناه دموعا سخية كلما ذكر رحمة ابا بسام فما كان منه الا قام بلف سدر قطايف على (كبرته) بأطباق ورقية واخذناه معانا لقيادة الفرقه بمرج الحمام وتسحر عليه كل المناوبين بتلك الليله بنادي ضباط صف الفرقه .

لا ادري ما هي نهاية التعليق او المقال ان جاز لي التعبير الا ان عيوني الان مغرورقه بالدموع على ذكرى الكثيرين من الاحبة ولاشك ان من بينهم والدي المدفعي السابق وعطوفة الباشا والملك حسين رحمهم الله جميعا راجيا لقارئ هذه السطور قراءة الفاتحة على ارواحهم الطاهرة بهذه الليالي والايام الفضيلة من شهر رمضان المبارك فتضئ لهم قبورهم الطاهرة هم وكل رفاق دربهم الشائك الطويل في سفر الاردنيين والجيش العربي الجليل الخالد منذ قيام الثورة العربية الكبرى وليوم الناس هذا .

الا ان المؤكد بالنسبة لي ومن يشاركني متعة قراءة هذه السطور من الجيل الذي عايش ذاك الزمن الجميل الجليل ،ان تلك الليلة البعيدة القاسية البرودة هي ذكرى جميلة لن تعود الى دفتر ايام عمري الذي بات يطوي في كل يوم حبيبا ورفيق سلاح فالى جنة الخلد جميعا ولنا الفخر بأننا عرفناهم وخدمنا جنودا اوفياء في معيتهم وهم الاوفياء الاوفياء للعرش الهاشمي المفدى دائما سرمدا ابدا .

وياليتك ياابا بسام كنت بيننا اليوم لترى بأم عينيك من يعيش بين ظهرانيننا يأمر حماس ان تأمر فلول القاعدة في سيناء بتفجير انبوب الغاز الاردني لتتراكم المديونية على وطنك الذي احببت حتى الموت بالمليارات ولم ولن يهتز لهم رمش او جفن وشر البلية مايضحك .

وياليتك فيها اليوم جذعا تنصر مليكك ومليكي جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين المفدى بعد ان عز الرجال في هذا الزمان القائظ المجدب من رجال على شاكلتك وطينتك يا سيد الرجال .

وتأمرني بأن اقوم بأفراغ ذخيرة بندقيتي ال م16 في رأس عصابة الشر التي تعيث بالاردن فسادا ولم تجد للان من يردعهم ايها الاسد الحر الغضنفر وهم يجوبوا كل اسبوع بوابات المسجد الحسيني الطهور تأليبا على سيدنا ابا الحسين والنظام الهاشمي المفدى وهم اولى بغضبتك المضرية من عصابة الشر تلك في الايام البعيدة ولروحك منا وعد الرجال الابطال بأننا سنعلقهم على اعواد المشانق لان الشر كل لايتجزأ وان لبس ازهى العمائم واطلق اللحى المزيفة .

اللهم لاتجعلها صرخة في واد ولا نفخة في رماد الله الوطن الملك وكتبه بتاريخة (ابا المنتصربالله)