حارس سابق في غوانتانامو: سعادة السجناء.. قادتني للاسلام
جراءة نيوز - اخبار الاردن :
"كان السؤال الذي يشغل بالي عندما انظر الى سجناء غوانتانامو، كيف يعقل ان يكون سجين في اتعس سجن في العالم سعيدا، وانا السجان الذي اعيش بحرية تغمرني التعاسة؟"،بهذه الكلمات لخص أحد الحراس السابقين لسجن عوانتاناموا وهو تيري هولبرك رحلته الى الإسلام،قصة هولبروك جاءت خلال محاضرة القاها في مؤسسة المسجد في بريدج فيو بمدينة شيكاغو، وبتنظيم من مجموعة الدعم القانوني للمسلمين في أمريكا وسط حضور جماهيري كبير.
وقال هولبروك الذي تميزت محاضرته بالحس الفكاهي العالي "ولدت في أريزونا عندما كان عمر ابي وامي انذاك 18 عاما، في وقت عانوا خلاله من مشاكل مع المخدرات"، متابعا"نشأت نشأة عادية كأي شاب أمريكي، وتخرجت من الثانوية العامة مبكرا، وقد كنت مولعا أنذاك بالتاريخ وعندما كنت أقرأ في التاريخ بدأت أسئلة معينة تخطر في ذهني، وبدأت اكتسف ان نظام التعليم الامريكي لا يعطينا الحقيقة كاملة".
وأضاف "مثلا كانت معلمة التاريخ تقول لنا أن اكبر جريمة في الحرب العالمية الثانية هي قيام هتلر بقتل ملايين من اليهود، ولكني قلت لها أن هذه جريمة كبيرة صحيح، ولكن هناك مجرم أكبر وهو ستالين الذي تسبب بقتل 22 مليون انسان من مواطني شعبه وغيرهم من الشعوب الاخرى، حينها استشاطت المعلمة غضبا، وقالت ان امها واباها كانا من معتقلي سجن اوشفتز الذي خصص لاعتقال اليهود، وقد طلبت مني الجلوس مع مدير المدرسة الذي قال لي ان جوابي صحيح ومعلومتي صحيحة ولكن اذا اردت ان انجح في هذه المادة يجب ان اقول كما قالت المعلمة، حينها عرفت ان نظام التعليم لا يقدم الحقيقة".
وقال "بعد تخرجي حصلت على درجتين علميتين في الهندسة وعلم الاجتماع، وخلال نشوئي ودراستي كنت اعيس حياة مليئة بالملذات كسائر الشباب الامريكي، ولم اكن اكترث بالأحدات التي تحصل خارج أمريكا"، وأضاف سجان غوانتاناموا السابق "بعد انتهاء دراستي بدأت أفكر في مستقبلي المهني وعندها رايت اعلانا تلفزيونيا للجيش الأمريكي يدعو فيه الشباب الى الالتحاق بصفوفه، وقد راقت لي تلك الفكرة، لاني رأيت في الجيش مدرسة لتعليم الانضباط والنظام ولكي تصبح لياقتي البدينة افضل ولكي اخرج من حياة الكسل واللهو الى حياة اخرى اكثر جدية".
وتابع "حاولت الالتحاق 3 مرات بالجيش وفشلت كل تلك المحاولات، لاني الذين كانوا يقابلونني لم يروا في مظهري شخصا يصلح للحياة العسكرية فلقد كانت الوشوم تغطي جسمي وكنت ارتدي حلقات في اذني كنوع من الموضة، لكن مع اصراري المستمر للانضمام الى الجيش استطعت ان اتقدم لامتحات اختبار القدرات الذي يؤهل الفرد للانضمام للحياة العسكرية، ونجحت في تجاوزه، وعندما سألني الضابط ما القسم الذي أرغب بالانضمام اليه، قلت له ما هو القسم الذي يعطيني راتبا عاليا فاعطاني عدة خيارات منها كانت الاستخبارات والشرطة العسكرية ففضلت الانضمام للقسم الاخير".
وزاد "انضممت للجيش في شهر اب عام 2002، ودخلت دورة عسكرية لمدة 5 شهور، وخلال تلك الفترة احسست ان الجيش حسن حياتي للأفضل خصوصا في موضوع الانضباط، وفي شهر ايار من العام 2003 طلب الجيش من وحدتنا التوجه الى سجن لم نكن نعلم عنه شيئا لانه كان في ذلك الوقت سجنا سريا ولم يعلم عنه احد خارج الاوساط العسكرية".
وبقول هولبرك "قالوا لنا ان هذا السجن كان لاعداء امريكا من الارهابيين القتلة، وان كل الذي فيه يكرهون الحياة ويكرهون امريكا ويريدون قتل الجميع بدون تمييز لانهم مجرمون بطبعهم، وحزمنا امتعتنا واخذتنا طائرة من قاعدة عسكرية في نيوجيرسي الى غوانتاناموا، وعندما نزلنا من الطائرة تفاجئنا اننا في نيويورك، وعندما سألنا المسؤول عن وحدتنا قال لنا ان قيادة الجيش احبت ان نقوم بزيارة الى مكان برجي التجارة العالمي الذي دمر بفعل هجمات 11 سيتمبر".
لافنا إلى انه "عندما وصلنا هناك القى فينا احد القادة العسكريين خطابا قاسيا، عندها احسست ان اللهجة تغيرت من كوننا نحارب الارهابيين بغض النظر عن دينهم، الى اننا نحارب المسلمين فلقد قال الضابط في خطابة الذي لا زلت اذكره: اننا هنا لنتذكر ماذا فعل بنا الاسلام، وماذا فعل بنا المسلمون الارهابيون، الذبن يكرهوننا ويكرهون المسيح، ويكرهون الحياة المتحضرة، انهم يعبدون الههم الذين يسمونه بالله، انهم يريدون قتلنا جميعا، انهم سيقتلون عائلتك اذا استطاعوا ذلك".
بعد هذا الخطاب المشحون، يلفت هولبروك إلى أنه عندما وصل الى سجن غوانتاناموا في كوبا، احس فورا ان هذا السجن صمم خصصيا لهزيمة السجين نفسيا، فلا يوجد هناك محكمة ولا يستطيع ان يتواصل مع احد في الخارح، اضافة إلى أن السجين يقضي 23 ساعة ونصف في زنزاته ولا يخرج إلا للاستحمام لمجرد نصف ساعة فقط او يخرج لتحقيق منهك طويل.
وبقول "عندما وصلنا وجهت لنا تعليمات صارمة بعدم الحديث مع السجناء، ومراقبتهم جيدا لانهم سيقتلوننا اذا سنحت لهم الفرصة، ولكني عندما تجولت في السجن تفاجئت باحد السجناء يغني اغنية راب للمغني الامريكي الشهير ايمينم، فحدث هناك تناقض في عقلي، فلقد قال لي الضباط المسؤولين ان هؤلاء السجناء يكرهون الحياة ويريدون القتل"،وبعد تلك الحادثة، يشير حارس غوانتاناموا السابق إلى أنه بدأ الحديث مع هذا السجين الذي كان يتكلم الانجليزية بطلاقة وبدأ يحدثه عن التعذيب والضرب الذي تعرض له اثناء التحقيق، وكيف انهم وضعوه في زنزانة باردة جدا وان احد الجنود تبول عليه.
وفي مخالفة لتعليمات الجيش استمر هولبروك بالحديث مع السجناء، واكتشف ان هناك 25 سجين من اصل 700 يتحدثون الانجليزية، واحد هؤلاء السجناء يحمل درجة علمية من جامعة اكسفورد في انجلترا،خلال تلك الفترة يشير هولبروك إلى ان حراس السجن كانوا يلجؤون الى شرب الكحول بافراط للتغلب على صعوبات الوظيفة، وانه بدا في محاولة لتعلم اللغة العربية والاوردية التي كان معظم السجناء يستعملونهما، ولقد كان هدفه بناء علاقة ايجابية مع السجناء على عكس بعض السجانين الاخرين الذي كانوا يضربون رؤوس المساجين بالحائط وفي الابواب وكان السجناء يردون برشق السجانين باوعية الغائط والبول.
ويضيف "بدأت أسئل السجناء عن معتقداتهم ودينهم، وتفاجئت ان الاسلام يتوزع في اكثر من 64 بلدا كلهم بؤدون نفس الطقوس، بينما الديانة المسيحية فيها اكثر 3 الاف فرقة ومعتقد مختلف، عندها زاد اهتمامي بالاسلام وصرت اقرا اكثر واكثر عنه، وصرت اسئل المساجين اكثر، عن شتى معتقدات الاسلام، وكلما اسئل ، تزيد عندي الحيرة وتزيد عندي الاسئلة واحس اني بحاجة الى معرفة المزيد عن الاسلام، وطوال تلك الفترة لم يحاول احد من السجناء دعوتي الى اعتناق الاسلام، كانوا فقط يردون على اسئلتي".
ويقول هولبروك "بدات بالتأثر بتعاليم الاسلام، فتركت التدخين وبعده الكحول و تركت مشاهدة الافلام، والكثير من العادات السيئة التي كنت اقوم بها، وكلما اقوم بذلك ارتاح اكثر.، وعندما فعلت ذلك بدات افهم لماذا السجناء سعيدون رغم عيشهم في اسوا سجن في العالم، وكانوا يقولون لي دائما ان الله بختبرهم وان هذا امتحان وابتلاء من الله يجب ان نصبر عليه".
ويزيد "خلال تلك الفترة اعطاني احد السجناء القران الكريم، وكنت اعلم ان قراره كان صعبا، لان السجين في غوانتاناموا كان يمنح مصحفا واحد فقط طوال مدة الاقامة، ولا يمنح غيره ابدا مهما كان السبب، قرات القران في 3 ايام فقط، وبعد قرائتي له، تفاجئت بانه اول كتاب ديني اقرأه في حياتي فيه منطق، احسست ان القران كلامه سهل وواضح ومباشر لا غموض فيه ولا خرافات وملئ بالامورالمنطقية".
ويقول "بعد قرائتي للقران، وقراءاتي المستمرة عن الاسلام لمدة خمسة شهور متتالية، اتخذت قرارا باعتناق الاسلام، وتوجهت لذات السجين الذي اعطاني المصحف ولقد كان من المغرب حسبما اذكر، وقلت له عن قراري، وتفاجئت بان رده كان برفض مساعدتي، وتوجهت له مرة ثانية وثالثة ولكنه كان يستمر بالرفض، وبعد اصراري المستمر، قال لي لماذا تريد اعتناق الاسلام؟، فقلت له ان قراري جاء بعد دراسة طويلة للاسلام، فقال لي هل تدرك عواقب قرارك هذا؟ عائلتك وحكومتك واصدقائك والجيش الذي تعمل فيه ستتغير نظرتهم اليك وقد تكون اثار سلبية لهذا القرار على حياتك".
ويتابع "لكني قلت له انني مصر وان قراري نهائي، عندها طلب مني ان اتلفظ بالشهادتين، وفعلت، وبدأ يشرح لي عن مبادئ الاسلام وقواعده وفرائضه بشكل مبسط، عندما رجعت في اليوم الثاني تفاجئت بان كل السجناء يهنئونني على اعتناقي الاسلام وان الكثير منهم يعرف الانجليزية".
وختم هولبروك محاضرته بالقول "خلال تلك الفترة كنت سعيدا، وقضيت في سجن غوانتاناموا عاما كاملا، حتى اتت اوامر من قيادة الجيش بنقل وحدتنا الى مكان اخر واستبدالها بوحدة اخرى، وطوال فترة عملي في السجن لم اشهد ان محاكمة واحدة عقدت وخلال تلك الفترة أيضا الكثير من السجناء عادوا الى بلادهم فلم يكن هناك تهم موجه ضدهم، ولم يقوموا باي عمل ارهابي كما قال لنا الجيش، ومن أصل اصل 700 سجين 5 فقط خضعوا للمحاكمة، ولم يدانوا كلهم بعد، والان حوالي 100 سجين ما زالوا في غوانتاناموا لم توجه لهم أية تهمة، وهم بانتظار اذن السماح باستقبالهم من قبل بلدانهم الاصلية".
انهى هولبروك خدمتة في الجيش في العام 2005 وهو الان متفرغ للعمل مع مجموعة الدعم القانوني للمسلمين في أمريكا، وهي مجموعة تضم محامين متطوعين للدفاع عن قضايا المسلمين في المحاكم الأمريكية، ويتجول هولبروك حاليا بين الولايات للترويج للمنظمة ولكتاب ألفه يروي فيه رحلته مع غوانتاناموا والاسلام.