لفلسطين من بَعدنا طول البقاء

لفلسطين من بَعدنا طول البقاء أما شَعبها وأهَلها فليسَ لهم من دونها سوى رحمة رب العالمين ، فكل الرهانات على تحريرها وعودتها لأصحابها الشرعيين فشلت حتى وقتنا الراهن و بذلك لم يعد لنا سوى أبواب السماء نتمسك بحبالها و بقدرتها على خسف الأرض و زلزلتها تحت أقدام الصهاينة الأوغاد و السارقين الذين لم تشهد البشرية و لن تشهد حتى قيام الساعة مثيلا لهم في الطغيان و الإجرام ، فزوال وكنس هؤلاء القتلة عن أرض فلسطين سيبقى جوهرولب هذا الصراع المحتدم والمتواصل معهم ، السماء وعدت بذلك ولن تخلف وعدها ، فهل يصدق أهل الأرض ذلك ؟ وهل سيعملوا بإيمان لتنفيذ وتحقيق تلك المشيئة النافذة ؟ هذا هو السؤال ، و هنا يكمن بيت القصيد .

الشعب الفلسطيني وقيادته وقواه الوطنية منشغلين ومنذ زمن عن هذا الهدف وعن ما يحتاجه من إعداد وخطط وبرامج فعلية ، فهذا النفرمن هذه القيادة المتحكمة بالقرارلا يزال يعمل على جر كل الطاقات لتظل بعيدة عن التحريروالعودة بعد أن غرق حتى شعر رأسه في مراهنات خائبة وعبثية يجب أن يندى لها كل جبين فلسطيني حر وشريف

 فالثورة والثوار المستعدين للتضحية والفداء انخفضت رايتهم حتى تكاد تلامس سطح الأرض ، ومنظمة التحرير تحولت إلى ملجأ للعجزة ، و الفصائل لم يعد لها من اسمها شيئ يذكر ، وبات المعروض هوأوسلو بكل ما فيه من خيانة و تآمر و تفريط ، إلى جانب المفاوضات العبثية و ما يروج له من امكانية احلال سلام وهمي كاذب .

العداوة الأمريكية الرسمية المزمنة اتجاه القضية الفلسطينية و بكل ما فيها من عدالة لم تبدأ مع الجهود التي يتظاهر ببذلها الآن وزير خارجيتها الحالي جون كيري ، والذي يلاقي ترحيبا و تفائلا عند كل الأطراف المتآمرة واللاعبة في ملعب القضية ، هذا ما يلتقون عليه وبغض النظرعن التنوع والتباين في أغراض و مرامي ومصالح كل طرف من هؤلاء اللاعبين ، و من يشكك في ذلك فليعد قليلا للوراء و ليراجع سياسات مادلين اولبريت ، و كولن باول و كونداليزا رايس و هيلاري كلينتون

 فلن يجد قاسماً مشتركاً بينهم سوى هذه العداوة والإنحياز التام والسافر لعدونا الصهيوني ، إذاً فجون كيري يواصل من حيث انتهى الذين سبقوه وسيرحل عن رئاسة الخارجية الأمريكية قبل أن يتمكن من فك عقدة واحدة من تلك العقد التي تتوزع على حبل هذا الصراع .

إن مصيبتنا لا تكمن عند حدود ومشارف السياسات والمواقف الأمريكية المعادية والمتنكرة لقضيتنا فهذا أصبح واضحا ومعروفا و لن يتغير ، ما يبعث على التقيؤ و الإشمئزاز يتمركز في الحقيقة عند الطرف الفلسطيني الذي يصر على مواصلة مراهانته الخائبة والخاسرة ، فسبعة لقاءات بين الرئيس عباس والوزير كيري في أقل من شهر ، ومنح المهلة تلوالأخرى لهذه الجهود الفارغة والمحكوم عليها مسبقا بالفشل

 يبدو أنه لم يعد كافيا ، وعليه فلن يوجد عند هذه " القيادة الفلسطينية " ما يمنع من مواصلة هذا العبث وضياع الوقت حتى اليوم الأخير لكيري على مقعد وزارة الخارجية الأمريكية ، فيما تواصل " اسرائيل " تنفيذ كل جرائمها في مجال الإغتصاب الإستيطاني والذي يجد كل الرضى والدعم عند الطرف الأمريكي العاجز عن اسخدام " لا " واحدة في وجه هذا العدو الصهيوني .

إن هذه " القيادة " المنهارة والعاجزة والتي لم تعد تحسب حسابا لموقف الشعب الذي سرقت واغتصبت تمثيله تتمنع و تخاف حتى من التوظيف الفعال لما أسمته انتصارا عندما أعطتها الجمعية العامة للأمم المتحدة الموافقة على مقعد دولة غير عضو في نوفمبر من العام المنصرم ، و ترتعب فرائضها من مغبة الإعلان عن قيام " دولة فلسطين " كدولة تحت الإحتلال لأنها ستكون مضطرة عندئذ لإلغاء كل ما له صلة بسلطتها الوطنية ، بل إنها أجبن بكثير من تنفيذ تهديدها بالذهاب إلى محكمة الجنايات الدولية والتي يجب عليها أن تتحصل على عضويتها أولا حتى تتمكن من تقديم الملف اللازم لمحاكمة " اسرائيل " على جرائمها في الإستيطان وغيره . إن على فلسطين ، وشعبها

 وعلى كل ما تبقى من أشباه القوى الوطنية أن يستفيقوا من سباتهم وغفلتهم وقلة حيلتهم التي يتدارون ويختبئون خلفها ، وبعكس ذلك فهم في موقع المشارك المباشر أوغيرالمباشر فيما ترتكبه هذه " القيادة " المتنفذة والمتسلطة من جرائم واستهتار بحق كل ما في ملف قضيتنا من عنوانين مصيرية واستراتيجية هامة ، وعليه فإن محاكمتها على أفعالها التفريطية وعلى تواطئها مع كل ما هومشبوه هوالمدخل اللازم والضروري والمُلح اذا كنا نريد فعلا تحرير فلسطين واستعادتها من الذين اغتصبوها .

كلنا سنموت ، ولكن فلسطين باقية إلى أبد الآبدين ، ومن عمل منا بإخلاص ويقين لتحريرها لن يجد بعد موته سوى رحمة رب العالمين و لذلك سنظل ندعو لها بطول العمروالبقاء ما دامت شوكة جارحة في حلوق كل الذين تنكروا لها و تطاولوا على حقها المشروع وعلى عدالتها التي ستحرق أيدي كل من يقترب من المساس بها ، هذا أمر يعلمه عدونا الصهيوني جيدا ، فمتى يأتي الوقت الذي ستظهر فيه قيادة فلسطينية صادقة مع ذاتها و شعبها ؟ هذا ما يجب أن نعمل من أجله و بأسرع ما يمكن ، و ان لم نفعل فغضب رب العالمين هو ما سيكون في انتظارنا ، وهذا غضب ليس من بعده غضب !! .