صندوق النقد يحمل الفقراء تكلفة معالجة الموازين المختلة للدولة المدينة

جراءة نيوز - اخبار الاردن :

قال رئيس الوحدة الاقتصادية بمركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتوراحمد السيد النجار أن سلة السياسات الاقتصادية-الاجتماعية التي يوصي صندوق النقد الدولي والدول الدائنة، باتباعها في الدول المدينة والمتعثرة والتي تحتاج لإعادة جدولة ديونها أو للحصول على قروض لمواجهة الاختلالات المالية التي تعاني منها... تشكل برنامجا يستهدف تحقيق مصالح الدول الدائنة وشركاتها بالأساس، ومعالجة الموازين المختلة للدولة المدينة من دون النظر لمن يتحمل تكلفة هذه المعالجة التي يتم تحميلها عادة للفقراء والطبقة الوسطى طبقا للبرنامج التقليدي للصندوق.

واستعرض في محاضرة القاها الاثنين في منتدى عبدالحميد شومان وقدمه فيها د. طاهر كنعان، "الوصايا" التقليدية التي يقدمها صندوق النقد الدولي لأية دولة متعثرة ماليا مشيرا إلى أنها تنطلق من النموذج النظري للرأسمالية الحرة، وأنها ترى أن الانطلاق الاقتصادي يتحقق من خلال إتاحة المزيد من الأموال للقطاع الخاص كي ينشئ استثمارات جديدة تساعد على خلق فرص العمل وتحريك النمو وزيادة الناتج.

ولا تأبه هذه الوصفة لحقيقة أن هذا النموذج وتراكمات عناصر الخلل والظلم الاجتماعي الذي ينطوي عليه، كانت سببا رئيسيا في أكبر وأعقد الأزمات المالية والاقتصادية في العالم عموما وفي بعض المناطق، مثل أزمة الكساد العالمي العظيم التي انفجرت في تشرين الاول عام 1929 واستمرت تضرب الدول الرأسمالية المتقدمة والنامية لما بعد منتصف ثلاثينيات القرن العشرين، وأزمة الكساد العظيم الثاني التي انفجرت عام 2008 وما زالت تداعياتها مستمرة حتى الآن، وأزمة الركود في الدول المتقدمة عام 1982، و 1983، والاضطراب المالي العالمي عام 1987،وغير ذلك من أزمات.

وتحدث المحاضرعن الاختلالات وضرورة معالجتها متخذا من النموذج المصري مثالا وقال: يعد الخيار الواقعي والأكثر فائدة لمصر هو الاندماج العميق في الاقتصاد الدولي على أسس عادلة ومتكافئة سواء فيما يتعلق بالعلاقات الثنائية أو المتعددة الأطراف في مختلف مجالات العلاقات الاقتصادية الدولية

وقال أن الاختيار الواقعي والعملي الذي يمكن أن يحقق مصلحة مصر في إطار من التوازن مع الدول الأخرى والمؤسسات المالية الدولية يتمثل في ادراك أن إصلاح اختلالات أي اقتصاد يعاني من الأزمة، ينبغي أن يبدأ بإجراءات داخلية واقعية وعملية قائمة على العلم والعدل، وضرورة إيقاف هوس الاقتراض وعدم الوقوع في هاوية الإفراط في الاستدانة وتحميل أعباء جسام للأجيال والحكومات القادمة، كما أن طلب القروض من صندوق النقد الدولي أو أي دولة أو جهة أجنبية، يجب أن يكون لظروف الضرورة القصوى وبشروط مالية ميسرة، وأن يقترن باحترام الصندوق والجهات المقرضة للخطة الوطنية لإصلاح الاقتصاد المصري وإعادة التوازن له ولموازينه الداخلية والخارجية.

وحول إذا كان ثمة بدائل لدى مصر اشار المحاضر إلى عدد من البدائل للاقتراض يمكن أن تعتمد عليها مصر لإصلاح عجز الموازنة العامة للدولة وتنمية وتطوير موارد وإيرادات محلية كبيرة وذات طابع متجدد، مع إبقاء العلاقة مفتوحة وإيجابية مع الصندوق.

وأكد أنه يمكن تركيز عناصر الإصلاح المالي والنقدي الذي تحتاجه مصر بغض النظر عن القرض فيما يلي: إصلاح نظام الدعم بإزالة كل الدعم المقدم للأثرياء والمنتجعات السياحية والرأسمالية الكبيرة المحلية والأجنبية، تغيير قانون إدارة الثروة المعدنية ورسوم استغلالها التي تقترب من الصفر، إجراء تغيير حقيقي وجوهري في نظام الضرائب نحو نظام متعدد الشرائح وتصاعدي بمعدلات مشابهة لتلك المعمول بها في دول نامية ومشجعة للاستثمارات المحلية والأجنبية مثل تايلاند والصين وتركيا.

وبين مرتكزات الاصلاح فرض ضريبة ثروة ناضبة على كل الشركات المصرية والأجنبية التي تعمل في قطاع النفط والغاز لاسترداد حقوق الشعب منها، إعادة النظر في دعم الصاردات المقدر بـ 3,1 مليار جنيه في الموازنة الأخيرة، إنعاش قطاع السياحة، واستنهاض السياحة الداخلية والإقليمية والدولية في مصر، فرض رسم للمغادرة لكل السياح بقيمة 50 دولار بما يضيف للإيرادات العامة نحو 500 مليون دولار سنويا، تحريك الرسوم الجمركية على سلع منتقاة، دون الإخلال بالتزامات مصر إزاء منظمة التجارة العالمية واتفاقيات جات، تقييد الواردات الكمالية بصورة مؤقتة (عامين) سواء بالاتفاق مع اتحاد الغرف التجارية بشكل ودي وملزم في آن، أو من خلال قرارات إدارية.