مبادرة النائب عاطف الطراونة في نبذ العنف
لأن الامور اذ تهدى فانها باهل الرأي ماصلحت , ولأن العزائم تاتي على قدر اهلها جاءت هذه المبادرة العظيمة والظنين مثلها في هذا الوطن, مبادرة بحجم الحب والالم في آن ,وحجم الوطن وبعض الورد في آن , مبادرة لامست جراحات الوطن وغمرت الجميع بصدقية المبادر, مبادرة تنقل اصحابها من حارات السياسة وصفات رجال الدولة الى سماء الرمزية الوطنية, فما بين ساسة حبسوا صفاتهم في صالات الافراح وترؤس الجاهات وساسة تأبطوا وجع الوطن, تبعد المسافة,مبادرة ترسل شعاعا من نور يتلهف له مجتمع ترك وحيدا في غياهب العنف في لحظة تخل مؤسفة ,مبادرة لا يمكن ان يأتي بها الا الكبار.
وبالفعل فان هذه المبادرة هي الاولى بعد احداث العنف في جامعة الحسين ودعوة جادة لتحقيق السلم الاجتماعي والوئام المدني خاصة وانها جاءت بعدما استصرخ المجتمع في معان والبادية كل الجهات للتدخل فما عاد الا الصدى لصوت فيروز(لاتندهوا ما في حدا),مع انه كانت هناك مبادرة مشابهة في ظروف مشابهة قام بها النائب السابق خالد الفناطسة في معان بين معان وابناء البادية .
وقد برزت وجهات نظر ورؤى من كل الجهات ابدت تحفظا على المبادرة من حيث التوقيت وهي بدافع الغيرةوالحرص على ايجاد حلول ولكن بتمايز في الاجتهاد نحو الهدف الواحد.
الا ان هذه المبادرة كانت عامة وهي ليست جهة رسمية او جهة ادانة انما هي دعوة للتصالح والمحافظة على تجانس مجتمعنا وبث روح التسامح واتصور ان هذه الافكار لاتحتاج الى استئذان وهي مناسبة لكل الظروف على اطلاقهاوهي لتوجيه رأي عام في مواجهة العنف العارم ومجابهة شجاعة للمشكلة
ولا يمكن تكبلها بربطها بحيثيات قد تحول دون القيام بها ولو لاحقا ,الا ان البعض يدرجونها في خانة تحقيق المكتسبات السياسيةوالسعي لزعامات ,لهؤلاء نقول اذا كانت المكتسبات السياسية تتحقق من خلال الدعوة الى التسامح وحقن الدماء والمبادرات النافعة للمجتمع والوطن فنعما بها فعلى الاقل انها اساليب شرعية واخلاقية ونبيلة ونافعة
او ليست افضل من تحقيق المكتسبات السياسية والانتخابية عبر التحريض واهدار الدماء وبث الكراهية بين الناس والعبث بالنسيج الاجتماعي والسقوط الاخلاقي المريع ؟اوليست الزعامة الحقيقية هي بالفضائل بين الرجال ؟
والى هؤلاء نقص ماقاله الاحنف بن قيس لبني تميم عندما قال:يابني تميم انني واحد منكم ولكني ابسط لكم وجهي وابذل لكم مالي واحمي اعراضكم واصون حرماتكم واحقن دماؤكم واقضي حوائجكم فمن فعل فعلي فهو مثلي ومن زاد عني فهوا فضل مني ومن زدت عليه كنت افضل منه فقيل له مالذي دعاك لان تخاطب قومك بهذا الكلام فقال اردت ان اعلمهم مكارم الاخلاق وصفات الزعامة
فما حققته المبادرةمن ايجابيات بضخامتها والحشد الهائل وتاريخية المشهد وتنوعه وسموه يبقى افضل بكثير من الوقوف في مكاننا متخندقين لا بواكي لنا
فمن لم يحضر خسر شرف المشاركةفي صناعة اطار وطني شعبي ميثاقي نوعي هام, واما الوطن فقد ربح واما المبادرة فقد سجلت بمداد من شرف في تاريخه .