أردوغان في غزة رغم «نصائح» واشنطن!
لا يهمني في مسألة زيارة أردوغان إلى غزة والجلبة التي أقيمت حولها، إلا إصراره على الزيارة خلافا لـ «النصائح» الأمريكية الناعمة ظاهرا، والعنيفة باطنا.
أردوغان - كما قيل في أنقرة- سينظر في «النصائح» التي قُدمت إليه بشأن الزيارة، في إشارة مباشرة إلى موقف الرئيس محمود عباس، بالإضافة إلى الموقف الأمريكي الذي يرى أن هذه الزيارة «قد تعطي انطباعات خاطئة تؤثر على الوضع الفلسطيني سلبًا»
ولم يتم هنا الإيحاء لا تلميحا ولا تصريحا للموقف الإسرائيلي الغاضب من الزيارة، فتركيا ليست معنية به، ولم يتحدث المسؤولون الأتراك حتى عنه، بل هم منهمكون بإعداد ملف الاعتذار الإسرائيلي عن مهاجمة سفينة الإغاثة التركية الشهيرة، وما ترتب على هذا الاعتذار من شروط وضعتها أنقرة على كيان العدو لإعادة العلاقة إلى ما كانت عليه، ويبدو انها لن تعود ابدا إلى مرحلة ما قبل الاعتداء على السفينة التركية.
دبلوماسية أردوغان الذكية استوعبت العاصفة، فرمى جملة من الاقتراحات التي تهدىء من روع عباس وإسرائيل وواشنطن، فتحدث عن احتمالية اصطحاب عباس إلى غزة لتدشين مصالحة مستحيلة، وسربت مصادر تركية رسمية احتمالية زيارة الزعيم التركي لرام الله أيضا، لتحقيق شيء من التوازن، ولكن في الأثناء، كما أكدت مصادر رسمية تركية
فرئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، لن يؤجل «على الأرجح» زيارته المقررة إلى قطاع غزة أواخر أيار/ مايو المقبل. بل قالت أن أردوغان «راغب بشدة في إتمام الزيارة بالموعد المحدد، وهي ذكرى الهجوم على السفينة التركية التي كانت تحاول كسر الحصار الإسرائيلي، ما أدى إلى مقتل تسعة نشطاء أتراك، بالإضافة إلى تجميد العلاقات مع إسرائيل حتى اعتذارها العلني الذي حصل مؤخرًا» وهو توقيت رجل دولة يعرف ماذا يفعل، ومتى يفعل!
المتربصون الذين يحاولون التقليل من شأن تركيا، ورصد اخطائها أو هفواتها، وتضخيمها، كثر، وهم يحاولون الانتقاص من تجربة أردوغان تحديدا، تبريرا لإخفاقتهم، ورمي أي تجربة إسلامية نظيفة بشتى التهم للتدليل على فشل مشروع «الإسلام السياسي» لإبعاد هذا الخيار عن أي بلد في المستقبل، وها هم يفعلون الأفاعيل بمصر، تحقيقا لهذا الهدف، حتى ولو كانت الضحية مصر نفسها وشعبها بأكمله!
زيارة اردوغان لغزة، رسالة كبيرة بحجم الدور التركي الكبير في الذي سيكون له شأن عظيم في مستقبل منطقتنا، ورسالة كبيرة أيضا للمستضعفين في غزة، ولإسرائيل المتغطرسة بعنفوان القوة والعربدة، ورسالة أيضا لدهاقنة مشروع «الإسلام السياسي» كي تعلموا من حنكة وحكمة وذكاء ودهاء أردوغان!