الحكومة تراقب البنوك ولا تحمي الودائع ؟! ( 1- 2 )

بعد مشكلة المودعين في البنوك القبرصية كثرت الاستفسارات حول موضوع ضمان وحماية أموال المودعين في البنوك على مستوى العالم وهنا لابد من الإشارة إلى بعض الحقائق المهمة حول موضوع حماية وضمان الودائع في البنوك الأردنية. 

الحقيقة الأولى: في بادره تعتبر الأولى في تاريخ العمل المصرفي الأردني اتخذت الحكومة الأردنية في الثلث الأخير من عام 2008 قراراً سيادياً واستراتيجياً واقتصادياً بضمان أموال جميع المودعين في البنوك الأردنية وفروع البنوك الأجنبية في الأردن بهدف حماية الجهاز المصرفي الأردني من الانهيار بعد أن نشرت الأزمة المالية العالمية الذعر والرعب بين أوساط المودعين في جميع أنحاء العالم وأدت إلى إفلاس المئات من البنوك الأمريكية وفي مقدمتها البنك الأمريكي العملاق (ليمان براذرز)

وحيث لجأ عدد كبير من صغار المودعين في أنحاء مختلفة من العالم إلى سحب أموالهم واحتفظوا بها في منازلهم للحفاظ على مدخراتهم وهذا القرار كان له تأثير نفسي إيجابي واضح على المودعين من حيث طمأنتهم على مدخراتهم بالرغم من قناعة كبار المودعين بأن الحكومة الأردنية لا تملك القدرات المالية الكافية لضخ سيولة كبيرة لدعم القاعدة الرأسمالية للبنوك وتعزيز سيولتها وحيث تقدر قيمة الودائع في البنوك في تلك الفترة حوالي 19.5 مليار دينار أردني واستمرت فترة ضمان الودائع حتى نهاية عام 2010 

الحقيقة الثانية: تأسيس مؤسسة ضمان الودائع في الأردن عام 2000 ساهم في حماية صغار المودعين وشجعت الادخار وبالتالي النمو الاقتصادي وساهمت في تحمل جميع البنوك كلفة تصفية البنوك المتعثرة وعززت الثقة بالنظام المصرفي وتحقيق الاستقرار المالي.

وسقف الضمان بلغ عشرة آلاف دينار عند تاسيس المؤسسة و استمر حتى تم تعديل هذا السقف إلى مبلغ خمسون ألف دينار اعتباراً من بداية عام 2011 وارتفاع سقف الضمان استند إلى سلامة ومتانة الأوضاع المالية في الأردن في ظل وجود رقابة مصرفية تعتمد أفضل الممارسات العالمية وأحدث معاييرها وإلى قدرة وملاءة المؤسسة المالية لمواجهة أية التزامات مستقبلية.

وقيمة الودائع المضمونة من قبل مؤسسة ضمان الودائع استناداً إلى تقرير المؤسسة عن عام 2011 بلغت 3.85 مليار دينار ونسبة عدد المودعين المضمونة ودائعهم بالكامل من إجمالي عدد المودعين الخاضعة ودائعهم لأحكام القانون في نهاية عام 2011 حوالي 97.7% وعدد المودعين 1553.6 ألف مودع.

الحقيقة الثالثة: البنك المركزي الاردني ومنذ تأسيسه لعب دوراً مهماً في حماية أموال المودعين في البنوك الأردنية والوثائق تشير إلى تعثر حوالي 11 بنكاً منذ عام 1967 وحيث سارع البنك المركزي إلى تأمين السيولة اللازمة لهذه البنوك باعتباره المقرض الأخير للحفاظ على قوة وسلامة وسمعة القطاع المصرفي الأردني. 

الحقيقة الرابعة: مع تطور القطاع المصرفي الأردني واتساع قاعدته وانتشاره واتساع وتشعب أنشطته وانفتاحه على العالم الخارجي وامتلاك غير الأردنيين حصة مهمة من رؤوس أمواله إضافة إلى الأهمية التي يحظى بها هذا القطاع لكونه يحشد المدخرات المحلية والأجنبية ويمول الاستثمار بحيث أصبح تطور هذا القطاع ومتانة مراكزه المالية المعيار المهم الذي يحكم من خلاله على سلامة الاقصاد الوطني ومقدرته على حذب روؤس الأموال المحلية والأجنبية فان البنك المركزي الأردني وحيث يتميز بكفاءه ادارته وضع القواعد والمعايير والمؤشرات المحلية أو التي تتناسب مع المعايير الدولية للحفاظ على سلامة ومتانة وشفافية وقوة هذا القطاع من أجل الحفاظ على أموال وحقوق المودعين والدائنين. 

وبالتالي لاحظنا واستناداً إلى البيانات والأرقام والمؤشرات التي صدرت عن أداء البنوك الاردنية عن عام 2012 تمتعها بملاءة مالية ونقدية عالية بحيث بلغت نسبة السيولة 148% بزيادة نسبتها 48% عن المستوى المحدد من البنك المركزي وهذه النسبة العالية تخلق درجة عالية من الأمان للمودعين والمساهمين. 

كذلك لاحظنا ارتفاع متوسط كفاية رؤوس أموال البنوك الاردنية إلى 18.6% في نهاية عام 2012 بالمقارنة مع نسبة 12% الحد الأدنى الذي حدده البنك المركزي الاردني في هذا المجال بينما تم تحديد نسبة 8% كفاية رؤوس أموال البنوك استناداً إلى الاتفاقية المصرفية الدولية (بازل 2) وبالتالي يعتبر رأس مال القطاع المصرفي الأردني أكبر من الحاجة المهنية له والمعلوم أن رؤوس أموال البنوك وحقوق مساهميها هي صمام الأمان لحماية اموال المودعين ودائني البنوك وحيث لا يتم تسليفها في ديون تحمل مخاطر بل يتم استثمارها في أدوات سريعة التسييل وعديمة المخاطر وبالتالي نلاحظ التزام البنوك الاردنية باهم معيارين للحفاظ على اموال المودعين و الدائنين و هما مستوى السيولة و معدل كفاية راس المال و حيث ساهم عدم الالتزام بهذه المؤشرات تعثر و افلاس عدد كبير من البنوك على مستوى العالم وللحديث بقية.