المشروع النووي في الميزان

المهتمون والمتابعون لإقامة المشروع النووي الأردني في حيرة من أمرهم هذه الأيام، فالداعية النووي خالد طوقان استطاع في لقاء واحد إحداث انقلاب مفاجئ بموقف جبهة العمل الإسلامي والقبول بأفكاره الذرية ،وهو بصدد إقناعها بالبراهين للتجديف مع التيار النووي ونقلها من خندق الرفض إلى صفوف التأييد والدفاع عن المشروع .

وقال الأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي حمزة منصور،ان الحزب سيعمل على إعادة تقويم داخلي لموقفه من المفاعل النووي الأردني السلمي، وان الحزب مع أي مشروع وطني ينهض بقطاع الطاقة الأردني، مضيفا 'إننا بحاجة إلى مزيد من الحوار والدراسة وسنعلن النتائج التي سنخرج بها.'

وقال منصور ' استمعنا إلى معلومات وبيانات وحقائق قيمة ومثمرة في مجال اليورانيوم وبرنامج الطاقة النووية لم نكن على اطلاع عليها في السابق'، مؤكدا أن الحزب مع أي مشروع يفضي إلى مصلحة المواطن والدولة والاقتصاد الأردني في نهاية المطاف.

وأشار إلى أن اللقاء كان ايجابيا ومفيدا مع رئيس هيئة الطاقة الذرية الدكتور خالد طوقان الذي أجاب على تساؤلات وملاحظات وفد الحزب بكل شفافية ووضوح.

ليس العمل الإسلامي وحسب ...لقد رصدت تحولات أخرى مماثلة بمواقف الكثيرين ممن كانوا يكافحون فكرة المشروع النووي ،ليس من قبيل التقلب وإنما بسبب استجلاءهم الحقيقة ومن باب ان مراجعة الحق خير من التمادي في الباطل

 ويبدو أن إستراتيجية هيئة الطاقة النووية في تقديم الأدلة بصحة المشروع قد نجحت في حسم كثير من الجدل حول هذا الملف الوطني الكبير ،وفي إضعاف موقف المناهضين للفكرة ، وتبديد المخاوف الشعبية من المخاطر الصحية المحتلمة، وترجيح كفة مؤدي المشروع ،وانحسار موج المعارضة وتفككها على هذا النحو السريع ،وهي تسعى فيما يبدو للوصول إلى نقطة صفر معارضة .

موقف المناهضين يتمحور حول المخاطر الصحية المحتملة للمفاعلات النووية ،مستشهدين دائما وأبدا بحالة واحدة تتعلق بالتسرب الإشعاعي من مفاعل فوكوشيما الياباني ،إضافة إلى الكلفة الباهظة في ظل الذائقة المالية التي يعاني منها الأردن.

مؤيدو المشروع يقولون ان المعارضين قلة وليسوا من حملة العلم النووي، وبالتالي فحججهم غير مقنعة وهم غير مؤهلين لإقحام أنفسهم بمثل هذه المواجهة غير المتكافئة عبر مقالة هنا او محاضرة هناك، والتذرع بتسرب فوكوشيما لا يعني بالضرورة إلغاء الطاقة النووية في العالم، وطالما أن المسألة أصبحت مسألة أضرار صحية ووفيات فالسيارات على سبيل المثال تسبب التلوث ،وتقتل يوميا أضعاف ما تسببت به المفاعلات النووية منذ اختراعها إلى اليوم ،ومع ذلك لا توجد أي دعوة للاستغناء عنها.ولو تشكلت حركات مناهضة لاستخدام السيارات لكان ذلك ضرب من الجنون.

من جانبها تقول الهيئة إنها ستعالج مشكلة الطلب المتزايد على الطاقة ،وان الأردن يستورد حوالي 95%من طاقته حاليا وينفق حوالي 25% من ناتجه الوطني للحصول على الطاقة ، وهناك 435 مفاعلا نوويا في العالم تعمل في 30 دولة ،وان فرنسا تنتج على سبيل المثال 75%من طاقتها الكهربائية من الطاقة النووية

وان المشروع الأردني يهدف إلى تحول الأردن من دولة مستوردة للطاقة إلى دولة مصدرة للطاقة بحلول عام 2030م، وتزويد الطاقة بسعر منخفض لدعم النمو الاقتصادي المضطرد ،وتعمل حاليا على دراسة الجدوى الاقتصادية وتقييم تكلفة المشروع ودراسة أفضل العروض من الناحية الفنية والمالية ،واختيار أفضل التكنولوجيا ،وإدارة المخلفات النووية ومعايير السلامة، وهي تتعاون مع فرنسا والصين وكوريا الجنوبية وكندا وروسيا وبريطانيا والأرجنتين واسبانيا واليابان وايطاليا وتركيا ورومانيا

ومن المتوقع أن يضاف إليها التعاون مع كل من الولايات المتحدة ومصر والتشيك وأوكرانيا وأرمينيا والتفاهم مع الكويت .

يقين حزب جبهة العمل الإسلامي بجدوى المشروع سيعزز موقف هيئة الطاقة النووية ،خاصة وأن البدائل الوطنية الأخرى للمشروع التي يتحدث عنها المعارضون كاستغلال الفحم الحجري واستخدام الطاقة الشمسية أجريت عليها دراسات مكثفة منذ سنوات طويلة قبل ظهور مرحلة التفكير في إنشاء المفاعل لكن دون جدوى

وبات إقامة المفاعل هو خيارنا الوحيد ، هذا إضافة إلى دول العالم تخطط لإنشاء 200 مفاعل نووي حتى عام 2050 ،وهناك مشاريع مماثلة يجري إنشائها في كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ، وفي أمريكا وحدها يوجد 104 مفاعل نووي مما يؤكد ان مفاعلنا سيكون آمنا إلا أن يخسف الله به الأرض أو يأتيه حاصبا من السماء لا قدّر الله .fayez.shbikat@yahoo.com