معقول الشيخ يدري؟؟
يذكر أن رجلا يعيش حياة بسيطة و صادقة ونظيفة في وسط الصحراء ،وكان يسكن في ((بيت الشعر )) وكان يمتلك عددا من الأغنام وعددا قليلا من الإبل ،وحياته يملؤها الأمان كما هي حياة البدو الأقحاح الذين لا زالوا على بياض قلوبهم وصدق سريرتهم ، فكان كل همه أن تمطر السماء وينبت العشب من اجل أغنامه وإبله، أما باقي الأمور فكان يعتمد على شيخ عشيرته الذي يمثل له القدوة والقائد
فالشيخ هو من يشرف على حياتهم ويسير أمورهم ويطلعهم على الأخبار،وذلك من خلال تعليلة المساء التي غالبا ما تكون في بيت شيخ العشيرة فالشيخ هو مصدر كل معلومة خارج نطاق العشيرة .
وذات يوم أضطر هذا الرجل إلى أن يذهب إلى المدينة ليقضي بعض حاجات له ،فخرج من بيته مع الفجر ووصل إلى الطريق الرئيسي الذي يؤدي إلى المدينة ووقف ينتظر لكي تمر سيارة تقله إلى المدينة فيعود بعد أن يقضي حاجاته ،وأثناء انتظاره وإذا بسيارة كبيرة (شاحنة) تقف بعد أن أشر لها ، وصعد بجانب السائق وكان السائق يستمع إلى الأخبار من خلال ( الراديو) وكان الانزعاج واضح على وجه ، فسأله الرجل (عسى ما شر ) وهذه الكلمة تعني الاستفسار عن حاله ومباشرة أغلق السائق (الراديو) ونظر إليه وقال له ما في شي يفرح هذه الأيام ، فقال له الرجل خبرني إن شاء الله ما في شيء ؟ فقال له شو بدي احكيلك ، ,أنا أحسدك على عيشتك... على الأقل ما تسمع أخبار تغم القلب ،فكرر الرجل السؤال خبرني شو في..... ؟ فقال السائق ، عن شو أحكيلك، عن الوضع في سوريا والقتل والدمار اللي فيها و إلا عن الفساد والمفسدين و إلا عن رفع الأسعار والمحروقات ، عن شو احكيلك وأخذ يتكلم السائق والرجل ينظر مرة إليه ومرة أمامه
والسائق يتابع حديثه احكيلك عن الحكومة ...أخ يا حكومة ....و إلا عن مجلس النواب والتوزير و الرشاوي ،.و إلا عن شو ....أحسن إلك ما تعرف ، فرد عليه الرجل أرجوك تابع ...فقال السائق،تعرف أخر شي عملته الحكومة، استوردت قمح فاسد حتى نوكله واستطرد السائق قائلا انت إلك أولاد بالجامعات ، فرد عليه الرجل وقال لا (العيال صغار بعدهم ) فقال السائق أحسن ، انت سمعت عن المعارك اللي صارت بجامعاتنا .... احكيلك عمو الوضع في البلد أصبح لا يسر صديق ولا عدو ....وهنا نظر الرجل بوجه السائق بعد أن
صمت السائق ....وفاجأه بسؤال والسائق ينظر إليه....كل هذا يحصل، طيب والشيخ يدري ؟؟؟ فتوقف السائق فجأة ونظر بوجه الرجل واخبره أنه سيتوقف هنا ، فنزل الرجل من السيارة (الشاحنة) وقرر مباشرة أن يعود من حيث أتى ، ليخبر الشيخ بما سمع وقال في نفسه إن كنت لا تدري فتلك مصيبة وان كنت تدري فالمصيبة أعظم . وأخيرا فاني أقول كما قال المثل ( بين حانا و مانا ضاعت الحانا ) ويا مواطن صامد لا توكل ومقسم لا توكل وكل لما تشبع .