التهديد باستخدام القوة ضد ايران

جراءة نيوز-عربي دولي:

في معرض حديثه خلال المؤتمر السنوي للجنة الشؤون العامة الأمريكية الاسرائيلية (الأيباك)، أصر نائب الرئيس الأميركي، جو بايدن، على أن الرئيس باراك أوباما قد كان جادا فيما يتعلق باستخدام القوة من أجل ثني ايران عن تحقيق طموحاتها النووية. أما بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الاسرائيلي، فقد دعا ايضا الى إطلاق «تهديد عسكري واضح وصريح» ضد طهران، مؤكدا على أن العقوبات وحدها لن تجدي نفعا في إرغام ايران على الرضوخ عند طاولة المفاوضات.

لقد صدرت هذه التهديدات في وقت كانت جولة المحادثات النووية بين ايران ومجموعة (5+1) في كازاخستان توصف فيه على نحو ايجابي، ومن جانب أطراف عدة، بـ «نقطة التحول». كما كان من المزمع عقد جولات جديدة في شهر نيسان. واذا ما استثنينا جميع التضمينات الاخلاقية والسياسية التي ينضوي عليها تهديد طرف مفاوض أثناء سير المفاوضات (لاسيما في وقت تبدو المحادثات فيه وهي تتجه أخيرا نحو المسار الصحيح)، يبقى هناك على الاقل قضيتان قانونيتان رئيستان غابتا عن ذهن أميركا فيما يتعلق بهذه التهديدات.

أولا، يعتبر «التهديد باستخدام القوة» ضد عضو ذي سيادة في الامم المتحدة عملا غير شرعي بموجب لوائح القانون الدولي. فهو ينتهك المادة (4)2 من قانون الامم المتحدة، والتي تطالب وبشكل قاطع بأن تبتعد جميع الدول الاعضاء عن لغة التهديد أو استخدام القوة في إطار علاقاتها الدولية. إن المصطلح «تهديد» يشير الى نية حكومة معينة في اتخاذ إجراء عنيف ضد حكومة أخرى بغية اجبارها على تغيير سياستها. غير أن مجلس الامن هو صاحب الحق الوحيد في ان إصدار مثل هذه التهديدات، وفقا لأحكام القانون الدولي، في حين يعتبر أي تهديد آخر باستخدام القوة مفتقرا إلى الشرعية.

وينبغي الانتباه ايضا الى أن من الواجب فهم معنى «التهديد» الذي تضمنته المادة المذكورة آنفا في حدود قيود معينة. فالتصريحات العدوانية التي تشيع بين البلدان المتخاصمة، لاسيما حين يتلفظ بها مسؤولون لا يملكون الصلاحيات الدستورية لتجسيدها على أرض الواقع، لا تحمل الثقل القانوني ذاته الذي تحمله التهديدات العسكرية المؤثرة والصادرة مباشرة ضمن سياق معين (بغرض التأثير على مسار المفاوضات) عن مسؤولين كبار يملكون بالفعل السلطة لإصدار أوامر بشن عمليات عسكرية.

إن مشاهدة السلطات السياسية العليا في اسرائيل والولايات المتحدة وهي تنتهك إحدى القواعد الأساسية في القانون الدولي بتهور صارخ، تعتبر شيئا مقلقا بحد ذاتها. فهذا التصرف يلمح إلى ايران والمجتمع الدولي بأن الغرب لا يرغب في الالتزام بالقوانين. كما أنه يقوض ايضا موثوقية جميع المنظمات الدولية المشتركة في عملية التفاوض وتجردها. لعل البعض يصيب في القول إنه لو خرقت اية دولة اخرى مثل هذه القاعدة الاساسية من القانون الدولي، لكان مجلس الأمن، أو الأمين العام للامم المتحدة على الاقل، سيبادر بالطبع إلى إصدار إدانة قوية ردا على هذا الخرق.

الأمر الثاني وهو الأهم، يعتبر الاتفاق المبرم في ظل الاكراه والضغط لاغيا وفقا لمبدأ واضح في القانون الدولي. وبعبارة أخرى، حتى لو خضعت طهران «للتهديد العسكري الصريح والواضح» الذي يتوقع السيد نتنياهو أن تقوم قوى العالم بتنفيذه، وحتى اذا أذعنت فعلا لعقد اتفاق نووي تحت وطأة الضغوط، فبإمكان ايران أن تستفيد من المادة 52 من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات كي تلغي الاتفاق في وقت لاحق. لذا ينبغي على نتنياهو والمسؤولين الأميركيين المتحفزين لإصدار تهديدات عسكرية في خضم المفاوضات أن يحذروا من أن ينتهي بهم الحال الى التوصل إلى اتفاق يحمل ضمنيا الأسباب القانونية لإبطاله.