ثقافة التطوع حرب على العنف الجامعي


في الحديث عن آخر احصائية رصدها تعليمنا العالي لعدد طلبة الجامعات الأردنية الرسمية منها والخاصة والكليات الجامعية المتوسطة هي 204377 طالب وطالبة في الجامعات الرسمية و79847 طالب وطالبة في الجامعات الخاصة تحتضنهم أسوار صروح جامعية عامرة يصل عددها الى 33 جامعة رسمية وخاصة و49 كلية رسمية وخاصة وفي هذا الرصد لنا أن نعلم نحن الجامعيون أننا شريحة مجتمعية كبيرة يجب أن تكون ذا تأثير يوازي حجمها بالنسبة لحجم مجتمعها الكبير لنترك فيه بصمة في تاريخ امتنا ووطننا للنهوض به فكريا واجتماعيا وسياسيا واقتصاديا وعلميا وماديا

وليس هناك أجمل من الدخول إلى عالم صناعة البصمة من خلال عالم التطوع والعمل التطوعي الذي هو من أعظم الوسائل التي تبث بها رسائلك الطيبة والخيرة في قلوب الآخرين وكأنه ساعي البريد لها تدعوهم بها لإبرام عقد المحبة والإيخاء والتسامح والتعاون فيما بينكم ففيه أيضا تطبيق لشريعتنا الإسلامية السمحة وارضاء الله ورسوله الكريم .

أما الطبيعة التي تخلقها ثقافة التطوع فهي من نوع خاص تتسم بطقوس الآمان وأجواء السلام ومناخ المحبة ورياح العطاء مكونة بذلك غيوم تحمل مشاعر الأخوة تمطرها على أجوائنا الجامعية سقيا رحمة وخير مزيلة بذلك غبار وعواصف وكوارث مشاعر البغض والكراهية والقبلية والطائفية والعنصرية والبغضاء التي من شأنها خلق عنف جامعي لا تحمد عقباه ولا نتمناه بين طلبة جامعاتنا ولا يسعدنا أن تشتهر به صروحنا العلمية المنتجة لبناة الوطن وحماته وعموده الفقري ورواد رفعته شباب المستقبل والتغير وفرسانه وصانعي مجده

فالبنظر إلى الجسم التطوعي والأعضاء المكونة لهيئة تطوعية في كلية الهندسة التكنولوجية-البوليتكنك ستجدها من شتى الأصول والمنابت ممثلة بأشخاص يحملون فكرا راقيا وأخلاقا حسنة مجتمعون متحدون على خدمة مجتمعهم الجامعي كلٌ حسب تخصصه ونشاطه ونوعيته مقدمين تلك الخدمات وذاك الخير لكافة الطلبة الذين هم أيضا من مختلف الثقافات فمنهم ابن الجنوب وذاك ابن الشمال وتلك ابنة الوسط وهذا ابن المخيم وابن العشيرة وغيرهم ممن يشكلون أطياف مجتمعنا الجامعي وفي هذا التصور لنا أن نفهم فلسفة معادلة التطوع بطرفيها وتأثيرها بمجتمعها ومحيطة وأجوائه وفي المتطوع ذاته
فالمعادلة إذن طرفان الأول وهو المتطوع والآخر وهو المستفيد من عمل المتطوع وكلاهما في الطبيعة التطوعية يسقيان بذرة الخير في قلوب كل عناصر المعادلة لتحل مشاعر الأخوة والتسامح بالأجواء التي نعيشها ضامنين بذلك نبذ العنف الجامعي وإقصائه والقضاء على ظاهرته والمعادلة أيضا هي المكون الأساسي لزراعة شجرة النهوض بحديقة الطبيعة التطوعية فالتطوع سمادها ومغذيها لتفوح رائحتها بعبق العطاء والبناء وروح التعاون والحب ويقطفون ثمار الأجر والثواب في الدنيا والآخرة

وفي تجربة عشناها ونعيشها وستبقى بإذن الله في كليتنا ما دمنا على عهد خدمة وطننا وبنائه والمحافظة على مقدراته والتباهي به وإيصال رسالة ما قطفناه من ثمر عملنا التطوعي في نبذ العنف الجامعي والتخلص منه إلى طلبة الجامعات الأردنية , لأن من أهم مفاهيم التطوع العطاء دون مقابل وانت بذلك تلمس قلب من لا تعرفه بخدمتك له التي دون مقابل وهذا لا يكون إلا في اطار عمل تطوعي لك هنا او هناك ولن تؤثر فيه إلا بأفعالك وانجازاتك بتطوعك بعيدا عن كلمات المحاضرات والندوات والتنظير التي تنادي بازدراء العنف , فالتطبيق سيد الأمثلة للفهم والمعرفة وجني نتائج مجدية ومقنعة بما تفعل والعائد المفيد لما تقوم به في حياتك فنحن نسعد بما نعمل لأن النجاح نتيجة الشعور بالسعادة

فالمتطوع رائد الطبيعة الخاصة التي ذكرتها لكم والذي قالوا فيه انه لا يعطى أجرا ليس لأنه عديم الفائدة لكن لأنه لا يقدر بثمن فهو من يملك شخصية صقلها التطوع بالأخلاق الحسنة والحميدة وهو من آمن أن النهوض يبدأ باندفاعه لعمل الخير وحبه له وغرس مفهوم الإيثار وتقديم مصلحة المجتمع على الفرد والإخلاص بالعمل حتى لو كان تطوعا دون إجبار من احد وتعلم الجري في مضمار العمل ضمن الفريق بروح التعاون الواحدة ليتخرج من جامعته جاهزا مسلحا للحياة الواقعية لمواجهة صعوبتها والنجاح فيها والتقدم في سباقاتها المختلفة وحب الخير للناس أجمعين الذي يملأ قلبه وعقله لحيى مع نفسه والآخرين بسلام تام تسود حياته الراحة والطمأنينة وهذا دعوة لتبادروا بعملكم بالتطوع فثماره كثيرة ومنها نبذ العنف الجامعي فالتطوع نهوض بالنفس ثم بالمجتمع ثم بالوطن ثم بالامة وهذا أسمى أهدافنا والله ولي توفيقنا وتوفيقكم والله من وراء القصد