أيها العربي لا تحلم !
يحلم المواطن العربي ولا ضرر في أن يتمنى كذلك ، فهو بشر مثل سائر سكان المعمورة يتعلق بالأحلام والأماني فتلك أمور من أبسط الحقوق التي كفلتها ودعت إليها الأديان والدساتير والقوانين العالمية ، وحين أشتد الظلم وكبر الحلم نزل الى الشارع ونادى عالياً ، عيش وحرية وعدالة اجتماعية ورغم ان الشعارات قد اختلفت من بلد لأخر إلا أنها كانت وما زالت ذات مضمون اجتماعي وسياسي واحد
ولكن ماذا جنى أو حقق المواطن العربي من هذه الشعارات وهل أصبح ما حلم به حقيقة أم أن ساسة آخر هذا الزمان ،أصحاب الذقون الطويلة والفكر القصير ، قتلوا فيه كل تلك الأماني حين أغدقوا بالوعود الكاذبات على رأسه ، حتى مل فصل الربيع بشهوره المثقلات بالدم والسحل والتحرش الجنسي في الساحات والميادين ؟!!
نعم فلم يقتصر فعل الإخوان على الكذب كل محفل ومناسبة وقتل الأماني ودفن مبادئ الثورة النبيلة ، وإنما وصل الى أجساد البشر فقتل من قتل وسحل من سحل وباتت النساء الثائرات المشاركات في الثورة وفي زمن الإخوان المسلمين ،بنات هوى نزلن للشارع لعرض أجسادهن وإغراء الشباب ،وليس للمناداة بحقوقهن الطبيعية أسوة بالرجال ، بينما من يدقق بالأمر وخاصة بمصر المحروسة سيعلم أن 70 % من البيوت المصرية تعولها نساء !
وبالرغم من هذه الحقيقة ففي عرف الإخوان ان لا دور محوري للمرأة في مجتمعنا ،وأنها يجب ان تكون ملحق بالرجل و صفر مهمل على شمال الرقم لا قيمة له !،حتى وحين أراد الإخوان المسلمين أن يثبتوا للمجتمع أنهم مع مشاركة المرأة في مختلف الميادين وأولها إعداد دستور البلاد ، أتوا بعضوات من جماعتهم وقد اقتصرت مشاركتهن على بحث قضايا فرعية من قبيل سن الزواج والحجاب وقضية ختان الفتيات !
فكر غريب يريد من خلاله الإخوان المسلمين تطويع الشعب بآسره لمنهج إسلامي جامد لا يراعى في تطبيقه متطلبات العصر ولا الحضارة التي نحياها ، والمدهش على سبيل المثال وليس الحصر نظرتهم لقضايا التحرش بالنساء أثناء مشاركتهن بالميادين ، وادعائهم بفخر ان اغلب من تعرضن للتحرش أو الاغتصاب هن صليبيات وطبيعي ان ينظروا لهن باعتبارهن كافرات ، ولا حقوق أخلاقية أو مدنية لهن !
أن هذا الوصف البغيض والخالي من كل منطقية ، بل والإسلام براء منه يؤدي بنا الى فهم طبيعة نظرة الإخوان المسلمين للمرأة في سياق تجريدها من كل حقوقها بسبب العرق أو الجنس أو الدين والتعامل معها فقط ،على أساس جسدي دون الأخذ بعين الاعتبار ان لها حقوق سياسية واجتماعية عديدة ، ومن الطبيعي كذلك ان نستنتج ، ان فكر الإخوان بزمننا الغريب يفترض ان الرغبة في الإبداع والتحرر الفكري في عرفهم ودينهم هو حق شرعي للرجل فقط !
والقصة لا تنتهي في القائمة الفكرية للإخوان المسلمين عند أسلوب التعامل مع المرأة في الميادين ، وإنما ينسحب أيضا على أسلوبهم في إدارة الدولة ، فقد أتوا للحكم من أقبية السجون المظلمة والتي مكثوا فيها لسنوات طويلة بعيدا عن الواقع والتطور الطبيعي لفكر المجتمع ، اعتقدوا خلالها ان الزمن قد توقف عند فكرهم العتيق والجامد وتجاهلوا فكرياً وعملياً إن لهم شركاء في المجتمع من قوى سياسية أخرى ولا يجب الاستهانة بهم !
كما أن تمسك حركة الإخوان المسلمين بالكذبة الكبيرة المسماة المؤامرة على الشرعية والثورة ،أو الغول الملقب بالطرف الثالث وفلول النظام ، هو نهج يراد من خلاله تشويه القوى السياسية المعارضة لحكمها سواءً في مصر أو تونس وبالتالي الهروب السريع نحو فرض كل ما هو مخالف للمنطق والشريعة حتى !
وختاماً على المواطن العربي أن يصل للقناعة المطلقة ، انه لمن الجهل الوثوق بحركة الإخوان المسلمين اليوم أو غداً ولا يجب حتى أن يحلم بأن هناك بصيص أمل في تحقيق أيا من الشعارات التي رفعت أثناء الثورة ، فالإخوان قوم لا يؤمنون بالأخر ولا بالمعارضة ولا بالشفافية في الحكم وسيأتي زمن يثبت ان الشعوب العربية استبدلت نظم الطغيان بنظم الطوفان !!