رئاسة الوزراء تطرق باب الاخوان .. صراع أجندات وإنشقاقات خلف الكواليس
جراءة نيوز - اخبار الاردن :
قد لا تؤدي محاولة المزج خلف الكواليس بين تيار زمزم المنبثق عن الأخوان المسلمين بطريقة غير نظامية وحزب الوسط الإسلامي صاحب الأغلبية المفترضة في البرلمان الأردني الجديد أهدافها بدقة إذا ما تمكن الجناح النافذ في قيادة الأخوان من {إحتواء} ثمار هذه المحاولة قبل إحباطها .
لا يوجد أساس علني للتحدث عن مزيج من جماعتي زمزم والوسط الإسلامي وكلاهما في الواقع منبثق عن الأخوان المسلمين .
لكن يوجد إشارات تتقافز هنا وهناك في الحياة السياسية الأردنية عن مشروع سياسي محتمل ترعاه بعض أطراف الدولة الأردنية وقوامه إنتاج شكل جديد لبدلاء الأخوان المسلمين وفقا لتوصيف الجناح الصقوري .
بالنسبة لبعض رموز هذا الإتجاه الإختراقي المهم التوصيف الأفضل هو مغادرة حالة الأزمة الوطنية على حد تعبير الرجل الأول في حزب الوسط الإسلامي مروان الفاعوري الذي اكد في تصريح مساء الأربعاء للقدس العربي بأن حزبه مؤمن بأن المرحلة الجديدة تتطلب توقف سياسية {تدوير} الأشخاص والنخب والرموز.
مجموعة زمزم تمثل مبادرة سياسية ولدت بقيادة شخصيات أخوانية لكن في إطار صراع داخل البيت الأخواني بين جناحين .
هذه المبادرة أثارت الكثير من الضجة والغبار مؤخرا لإنها تشكلت خارج مؤسسات الشرعية الأخوانية مما دفع مؤسسة الأخوان لإصدار تعميم داخلي يقاطع المبادرة ويحظر على الكادر التعامل معها تحت طائلة العقوبات التنظيمية .
أما حزب الوسط الإسلامي فقد فاجيء الجميع بإعلان فوزه ب 17 مقعدا برلمانيا ليعتبر نفسه حزب الأغلبية الذي يتعرض لهجوم متعاكس الإتجاهات وفقا لمؤسسه الفاعوري.
الفكرة التي يتحمس لها بعض المسئولين في أوساط القرار اليوم تتمثل في {تمكين} حزب الوسط الإسلامي داخل مؤسسة البرلمان من دور قيادي وأساسي مقابل {تمكين} مجموعة زمزم التي تمثل بعض قيادات الإعتدال على مستوى الخارطة السياسية وعبر رافعة المشاركة في الحكومة ومجلس الأعيان.
الهدف غير المعلن لهذا المشروع الذي ينطوي على مجازفة كبيرة سياسيا تقلب مجمل قواعد اللعبة السياسية في الأردن هو توثق المطبخ السياسي للدولة الأردنية من وجود {قوى ناهضة} ذات طبيعة إسلامية في البرلمان والحكم لخلق صورة جديدة قوامها أولا- الإسلام السياسي لا يمثله الجناح النافذ حاليا في مطبخ الأخوان والبدائل موجودة دوما, والثانية أن برنامج مقاطعة الإنتخابات يمكن عزله عن سياقات الواقع .
هنا حصريا تقترح بعض الأوساط {التشبيك} ما أمكن بين حزب الوسط ومجموعة زمزم حيث يوجد ما يصفه قيادي بارز في الأخوان المسلمين تحدث للقدس العربي ب{أخبار} وبالتالي معلومات غير موثقة عن إتصالات مع مجموعة زمزم لكي تشارك بالحكومة البرلمانية المقبلة مع البقاء على إتصال مع كتلة الوسط الإسلامي بالبرلمان أو عبر رافعتها.
رافعة حزب الوسط وهي اليوم رافعة مهمة وديناميكية ومؤثرة تحاول تجاوز {التشكيك} الذي مورس ضدها والعبور لصفقة سياسية متكاملة وناضجة تدفع الوضع الداخلي للإستقرار على حد تعبير الفاعوري الذي يقول: أزمة البلد أكبر من التكتلات والأجندات الحزبية وعلى الجميع التصرف بمسئولية وفيما يخصنا نحن نترفع عن تصفية الحسابات ونفتح القلوب لمرحلة جديدة تتمأسس على الإحترام والإنتاج.
معنى ذلك سياسيا أن حزب الوسط لا يمانع بأن يلعب دور وطني مسئول على شكل رافعة يمكن أن تطرق باب الأخوان المسلمين لإعادتهم للحياة السياسية ولو عير ترشيحات الحزب نفسه لشخصيات من الصف الأخواني .
في مسألة التشبيك يشرح الفاعوري : المشروع الإسلامي ينبغي أن يتعاون ومصلحة العباد والبلاد فوق كل الإعتبارات والأجندات ونحن في حزب الوسط لا نتحدث عن تشبيك هنا وهناك بل عن خطوط مفتوحة مع الجميع فهذا ما تتطلبه المرحلة اللاحقة.
إذا نضجت هذه الأخبار وتحولت إلى واقع سيكون المشهد السياسي الأردني أمام {وضع جديد} فيه الكثير من المجازفات والمستجدات غير المسبوقة بمعنى بناء جسم جديد للإسلاميين أو تفعيل قواعد اللعبة كما كانت في الماضي .
كثيرون في السياق لديهم قناعة بان التشبيك المشار إليه أصبح هدفا سياسيا طموحا لمؤسسة الحكم الأردنية التي تريد أولا- مساندة إنشقاق داخل الأخوان المسلمين, وثانيا- تشكيل إطار بديل للحركة الإسلامية يعزز وجوده الجماهيري عبر رافعتي البرلمان والحكومة ومجلس الأعيان .
بمعنى آخر اللعب ضد الجناح النافذ في الأخوان المسلمين عبر تمكين البدلاء من مواقع قرار وبالتالي إمتيازات يمكن أن تهدد إمبراطورية الأخوان في المجال الإجتماعي والخيري.
إنطلاقا من هذا الرهان الكبير الذي تختبره الدولة الأردنية الأن والذي تسبب عمليا بتأخير مشورات تشكيل الوزارة الجديدة تداولت مصادر متعددة تسريبات نقلت عن حزب الوسط أنه لا يمانع تقليد شخصية إسلامية معتدلة رئاسة الوزراء سواء أكانت من داخل الأخوان المسلمين أو من خارجهم .
أطراف مؤثرة في برنامج المقاطعة للإنتخابات ربطت هذه التسريبات بشخصية من طراز عبد اللطيف عربيات حيث التمكن من إصطياده لموقع رئيس مجلس الوزراء أو حتى الأعيان في المرحلة اللاحقة سيشكل {ضربة قوية } جدا لمؤسسة الأخوان المسلمين أو بمعنى أدق للجناح المستحكم بقرارها .
لكن الإشارة نفسها إرتبطت بشخصيات أخرى من طراز الأخواني السابق الدكتور عبدلله العكايلة الذي يستبعد قادة الأخوان أنفسهم تورطه في أي مخطط يستهدف حركته الأم .
سجل العكايلة مع الأخوان المسلمين يقول أنه إنشق عنهم منذ سنوات طويلة لكنه تجنب الإساءة لهم أو المشاركة في أي جهد ضدهم .
وعربيات يستطيع التواصل مع مجموعة زمم ومع الدولة ومع حزب الوسط بكل الأحوال وقبوله ركوب الموجة الجديدة مستبعد لكنه يبقى من الإحتمالات التي تغذيها إقتراحات الوسط الإسلامي.
وكذلك توصيات وحلقات المراقب العام الأسبق لجماعة الأخوان الشيه عبد المجيد الذنيبات المرشح هو الأخر كشخص يمكنه مخالفة الجماعة وقيادة دور أساسي في المشهد المقبل بعدما فعلها في الماضي عندما قبل عضوية مجلس الأعيان خلافا لقرار مؤسسة الجماعة.
بالنسبة لمؤسسة الأخوان عمل النظام مع الذنيبات أو العكايلة ليس متعبا أو مؤثرا لكن الظفر بعربيات سيشكل {إختراقا قويا} يمكن أن يغير قواعد اللعبة فعلا .
إنضاج هذا الترتيب عموما يتطلب تزايد مساحات الكيمياء بين قيادات حزب الوسط من طراز الفاعوري والدكتور محمد الحاج وبين الأب الروحي لمجموعة زمزم الدكتور إرحيل الغرايبة الذي يخوض بجرأة وصلابة معركته ضد الجناح النافذ في مؤسسات الأخوان محدثا كل الأزمة من أصلها .
إلى جانب الغرايبة تقف قيادات أخرى في مجموعة زمزم تبدو حائرة نسبيا في موقعها وموقفها .
الشيخ سالم الفلاحات لا يتحمس لأن تمتد فكرة زمزم إلى مستوى التفاهم مع الدولة ضد التنظيم خشية خسارة مواقع معسكر الإعتدال داخل المؤسسة الأخوانية .
والشريك الثالث الدكتور نبيل الكوفحي الملقب بوزير خارجية الحركة الإسلامية لديه محاذير متعددة في مسألة التصعيد والوصول للحطة {الإنشقاق} حتى أنه قال للقدس العربي مباشرة في وقت سابق بان وثيقة زمزم ليس المقصود بها إطلاقا الإنشقاق أو الإنقسام .
مقابل الإعتدال داخل تيار الإعتدال في زمزم يقف الشيخ الغرايبة طارحا بوضوح برنامجا {لإصلاح } الأخوان المسلمين واليوم يسعى مسئولون في الحكم مناهضون للأخوان المسلمين لإقناع الغرايبة ومن يؤثر فيهم بالإنضمام تماما للحفلة عبر المشاركة في الوزارة البرلمانية المقبلة وفي مجلس الأعيان .
في السياق ثمة أنباء غير مؤكدة عن رسائل متبادلة تصل للذنيبات والغرايبة تطرقت للتفاصيل وثمة حديث عن شروط .
هذه المشاركة لو نضجت وحصلت ستكرس إنشقاقا داخل الأخوان وتخلق واقعا جديدا لكن بدون أي ضمانات حقيقية لنجاح المشروع الجديد فأحد الإجتهادات يرى إحتمالية بروز نتائج عكسية تماما فيما يرى الفاعوري بأن ما يهم حزبه في الواقع هو تجاوز الحالة الراهنة وإنقاذ البلاد من الأزمة والتحرك ولو قليلا إلى الأمام.