جرائم التحرش الجنسي بالجامعات والمدارس المصرية
بالتزامن مع مؤامرة إختطاف مصر وإنتهاك شرفها السياسي وإغتصاب ثورتها، وبالإتساق مع إستمرار مسلسل إهدار كرامة مواطنيها علي يد مؤسسة تدير الدولة برعونة وسطحية وحكومة أقل ما توصف به أنها فاشلة، وفي إطار المستجدات السلوكية التي طرأت علي المجتمع المتمثلة في تزايد حالات الإنفلات الأخلاقي والإنحراف السلوكي والعنف الجسدي واللفظي، بالإضافة..
الي محاولات طمس الهوية بالتدين الظاهري البعيد كل البعد عن جوهر الإسلام، وغياب الأمن ودهس القيم والمعايير، يبدو أننا بصدد مشكلة أو بالأحري جريمة أخلاقية أخري تمس سمعة المؤسسات التعليمية، الجامعات والمدارس، التي تضم بين أروقتها ملايين الطلاب، والتي من المفترض فيها المساهمة في تربية عقولهم وتنمية قدراتهم وشخصياتهم وتشكيل وجدانهم ورسم مستقبلهم، قد باتت تمثل خطراً واضحاً علي أعراض فتياتنا إن لم ننتبه ونواجه تحرش بعض الأساتذة في الجامعات والمدارس بالطالبات.
لم يعد للحرم الجامعي وقاعة الدرس تلك القدسية والهيبة التي تربي عليها جيلنا والأجيال التي سبقتنا بعد أن أصبحت مرتعاً لبعض ضعاف النفوس من معدومي الضمير الذين تخلوا عن أخلاقيات مهنتهم وغيبت ضمائرهم وسيطرت عليهم الغرائز الحيوانية والرغبات الشيطانية فأتخذوا من الحرم الجامعي وقاعة الدرس وسيلة لإشباع تلك الشهوات مستغلين موقعهم الوظيفي للإيقاع بـالطالبات وإجبارهن علي تلبيه رغبات المتصابين منهم بل وإبتزازهن بدرجات أعمال السنة أو إغرائهن بتسريب ورقة أسئلة الإمتحانات وتهديد الرافضات لتلك التصرفات المشينة بالرسوب.
مشكلة التحرش داخل أسوار الجامعات والمدارس قد تبدو مشكلة قديمة وربما يكون في ذلك شئ من الصحة ولكنه كان أمراً نادر الحدوث، أما في هذه الأيام فقد بات الوضع أكثر فجاجة وقبحاً ووصل إلي حد لا يمكن السكوت عنه خاصة وأن المتحرش في وقتنا هذا لا يفرق بين تلميذة عمرها ست سنوات كما حدث في فضيحة معلم أسوان الذي إنتهك عرض طفلة في أولي إبتدائي وبين طالبة جامعية في العشرين
ولعل قضية جامعة عين شمس والتي فجرتها الدكتورة ليلى أبو المجد، رئيس قسم اللغة العبرية، منذ أيام من قيام بعض أساتذة القسم بالتحرش بالطالبات ومراودتهن عن أنفسهن مقابل إعطائهن أسئلة الإمتحان وضمان تقدير كبير
لعل هذا يمثل نموذجاً مصغراً لما يحدث في الكثير من الجامعات ولكن الفرق أن الكثيرات من الطالبات يشعرن بالخوف والحرج ولا يمتلكن الشجاعة لمواجهة تصابي بعض أساتذة الجامعات أو ربما لم يسعدهن الحظ بأن تقف معهن شخصية مثل د. ليلى أبو المجد التي إنتصرت للقيم وإختارت الدفاع عن أعراض الفتيات ووقفت تناصرهن دونما إعتبار لما تعرضت له من ضغوط رؤسائها
وفجرت القضية إعلاميا وحررت بلاغات بعدما تقاعست رئاسة الجامعة عن البت في التقارير والشكاوي التي رفعتها إليهم، وربما بهذه الخطوة التي قامت بها د. ليلى أبو المجد وطالبات قسم اللغة العبرية يكون حافزاً ومشجعاً للطالبات اللاتي تعرضن لنفس المصير ولم يبلغن خشية المجتمع والمواجهة وآثرن الصمت.
تلك الأفعال المشينة داخل المؤسسات التعليمية، والتي تتراوح ما بين التحرش وإنتهاك الأعراض إلى حد الإغتصاب أحياناً، وإن ارتفعت معدلاتها في الآونة الأخيرة لتصل إلي ٣٥٠ حالة بالجامعات و٦٠ حالة بالمدارس خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي، مع الأخذ في الإعتبار أن هذا العدد هو فقط ما وصل إلي الجهات الرسمية عن طريق البلاغات أو عبر وسائل الإعلام، وبالتأكيد هناك مئات الحالات التي لم تقم الطالبات بـالابلاغ عنها لسبب أو لآخر
مازالت في طور الحالات الفردية وليست بظاهرة، وندعو الله ألا تكون ظاهرة، إلا أن ما يهمنا ليس الأرقام بقدر ما يهمنا المبدأ نفسه وأن ما يحدث يعتبر كارثة يندى لها الجبين وتمثل خطراً علي الفتيات، لذا وجب علي المجتمع مواجهة تلك الإنحرفات بكل حسم قبل أن تستفحل، ويجب إجتثاث ذوي النفوس الضعيفة والمريضة من تلك المؤسسات وتطهيرها، حتى لا يدنس هؤلاء أرباب هذه المهنة الذين نعلم أن معظمهم شرفاء وندين لهم بالفضل ونعتز بهم.
وللحفاظ علي سمعة هذه المؤسسات علينا الإعتراف أن هناك مشكلة أولاً، حيث أن الإعتراف بالمشكلة أول خطوة لحلها، فلا يجب أن ندفن رؤوسنا في الرمال أو نتغاضى عن تلك الأفعال في إنتظار وقوع كارثة أكبر داخل الجامعات والمدارس لنبدأ في التحرك كعادتنا نحن المصريين، وحتى لا نقع في المحظور ووقتها لن يفيد البكاء علي اللبن المسكوب، يجب علي المسؤولين في القيام بواجباتهم نحو تأمين الطالبات وتوفير مناخ آمن للتعليم من خلال:
١. سن قوانين لمحاربة مثل تلك الإنحرافات داخل المؤسسات التعليمية وأن يكون هناك عقاب رادع لكل من تسول له نفسه إرتكاب مثل تلك الأفعال المشينة وإستغلال رسالته كأستاذ ومعلم.
٢. يجب أن تكون هناك حملات توعية للطالبات بحقوقهن وتشجيعهن علي المواجهة وإبلاغ إدارة الجامعة والمدرسة عن المنحرفين.
٣. أن تكون هناك مراقبة مجتمعية علي المؤسسات التعليمية.
٤. إخضاع هيئات التدريس في الجامعات والمدارس إلي اختبارات نفسية وسلوكية بشكل دوري مع مراعاة البعد الإجتماعي، كما يحدث في الكثير من دول العالم، ولا غضاضة في ذلك ولا يجب أن يشعر أستاذ الجامعة أو المعلم الحرج من الإختبارات بل ونطالب أيضاً ان تكون هذه الإختبارات جزء ومطلب أساسي من مسوغات التعيين عند التقدم لوظيفة معلم أو أستاذ جامعي.
د. أوعاد الدسوقي
رئيس اتحاد حرائر مصر
المستشار الإعلامي لرابطة
المبدعين و المثقفين الدولية
بامريكا