هل يصبح الحراك عمل سياسي منظم؟


بدأ الربيع الأردني مع إنطلاق الحراك الشعبي والشبابي بشكل عفوي قبل ما يقارب عامبن, حيث تزامن مع إنطلاقة الربيع العربي دون أن يكون هناك أجندة سياسية يتبناها في بدايات إنطلاقه رغم محاولة بعض القوى ركوب موجة الحراك لتجييرشعبية الحراك لصالحها حيث كانت دوافع إنطلاقه للمطالبه بقضايا مطلبيه مناطقيه نتيجة الشعور بالإقصاء والتهميش وذلك لتفشي ظاهرة البطاله والفقر حيث إقتصرت مطالبه على الجانب الإقتصادي والإجتماعي الى المطالبه بمكافحة الفساد.


وبعد ذلك تصاعدت مطالب الحراك نتيجة لشعوره بالمسؤولية الوطنية ونتيجة للإنجازات التي حققها الربيع العربي ومع تطور الأحداث ونتيجة للقرارات الحكومية الغيرمنضبطه والغير شعبيه كان من الطبيعي أن يلجأ الى تبني موقف سياسي لأن ذلك من طبيعة الأشياء وصيرورة تكوينها أن تتأثر بالبيئة المحيطه بها لأن فعاليات الحراك منذ بدء إنطلاقته كان رد فعل على القرارات والممارسات التي يعتقد أنها خاطئه

فإنطلقت شرارته من بلده كانت منسيه ومهمشه من خطط الدولة التنموية بل وهي بالنسبة لبعض المسؤولين غيرموجوده لاعلى الخارطة الجغرافية ولا على الخارطة الديموغرافية ولا على الخارطه السياسية ألا وهي بلدة ذيبان في جنوب مادبا حيث ولّدت منهجية التهميش بذور بؤرتوتر قابلة للإنفجار بوجه الدولة بأي وقت ولأي سبب كان, الا أن المتابع لنشاطات الحراك يجب أن يحلل ويقرأ بشكل موضوعي حيث أن الحراك كحركه إجتماعية احتجاجية اصبح بحكم الواقع يطور من أساليب التعبير ويتجاوز بعض الأخطاء إن وجدت ويصحح مسيرته حيث أصبح معبرا عن إرادة مجاميع وقطاعات وفئات لايستهان بها على صعيد الإمتداد الجغرافي والسكاني .

من المعلوم أن الحراكات الشعبية هي التعبير الحقيقي عن ضميرالأمة وهذا مستقر بالتجارب الإنسانية التي عاشت مخاضات التحول الديموقراطي وهي سابقه لتأسيس الأحزاب السياسية لكن تجربتنا كانت معكوسه حيث تم ترخيص الأحزاب السياسية التي تعبر عن طموح النخب للوصول الى السلطة وليس تعبير حقيقي للمصالح الشعبيه وما الحماس للمشاركة بالإنتخابات النيابية القادمه من قبل الأحزاب السياسية الا دليل على ذلك عكس ضعف الدافعية لدى الناخب على المشاركة والتصويت في ظل جو غير مقنع لإجراء الإنتخابات

وفي ظل عدم تبني الأحزاب برامج عمليه تحمل هموم الناس ومصالحهم وبعد هذه التجربه المحبطه مع الأحزاب السياسيه إنطلقت الحراكات الشعبيه لتصحح المسيرة الديموقراطيه وللتعبير بشكل جدي عن المصالح الشعبيه كونها مولوده من رحم المجتمع وخبرت همومه ومصالحه عكس الأحزاب التي لديها أجنده مغايره او ارتباطات بجهات خارجيه حيث كشفت دراسة ظهرت في جريدة الرأي حديثا لتوجهات المجتمع الآردني أن 75% من الأردنيين لايعرفون الأحزاب السياسيه بينما يدعم 52% الأردنيين الحراكات الشعبيه

ومن اللافت رغم تواضع التجربة للحراك الشعبي الا انه استطاعت أن تحقق انجازات باهره منها وقف العمل بمنظومة الفساد حيث لم يسجل أي قضية فساد منذ إنطلاقة شرارة الحراك الا قضايا فرديه وغير ذات أثر ولا تكاد تذكر، إن الحراك طور من أساليب عمله حيث لم يقتصر على إصدار البيانات كما هوالحال بالنسبه للأحزاب السياسيه بل ينزل الى الميدان من خلال تنظيم مسيرات إحتجاجيه بشكل منتظم وممنهج.

شكل الحراك مؤسسة رقابية شعبية على أداء الحكومة بوجود المؤسسة التشريعية وبعد حل المجلس النيابي حيث أصبحت الحكومه تأخذ بحسبانها ردة فعل الحراك في أي قرار له تداعيات إقتصادية وإجتماعية،وساهم الحراك بزيادة الوعي السياسي لدى الفئات الشعبية المهمشة،سلمية الحراك حيث لم تفلح كل المحاولات الإستفزازبه لشيطنة الحراك وجره للعنف.

إن الحراك كمنتج إجتماعي وظاهرة إجتماعية يجب أن لايحمل أكثر مما يحتمل والمراهنة على قدرته على التغيير لأنه لا زال ظاهره وليده لكنها تتطور وتبلور مطالبها بما ينسجم مع حاجات الفئات الإجتماعيه التي تمثلها لكنه أيضا مؤشر عل حيوية المجتمعات وقدرتها على إنتاج أدوات التغببر .