المجلس السابع عشر لا اهلا ولا سهلا
وعدوانيّة اللقاء هنا ليس لأشخاص النوّاب الذين سيُنتخبون قبل نهاية هذا الشهر بل لمناصب النوائب والنائبات اللذين سيتوسّدون الذراع التشريعي للبلد أي هي لصفتهم الإعتباريّة لعدّة اسباب فقد يكون بعض الناجحين سادة وسيدات على خلق وملتزمون بالقيم الاردنيّة العربيّة اكثر مني ومن الكثيرين بكثير إضافة لغيرتهم على البلد ومصالحه ومواطنيه وهم اهل للثقة في اي موقع مهني او وظيفي او تطوّعي فذلك شيئ اخر ولهم التحيّة اينما كانوا .
ولكن ما يجعلني اكون سلبيّا مع المجلس النيابي السابع عشر القادم ليس لأن لي شأن يُجيز لي ان اعلنه وليس لأنّ لي وزن يُستمع إليه ولكن لأنّي مواطن يطيب له ان يغرّد بما يشعر أنّه سيؤثّر على حياته وحياة ابنائه واحفاده مستقبلا
فالمجلس القادم لن يخرج من رحم المجتمع كلّه إذ انّ الحكومات المتعاقبة باطياف رؤساء الكثير منهم عجزت في اخر سنتين عن تقريب وجهات النظر بين الكثير من اطيافه فلم يتوحد المجتمع او يقترب من التوحّد وهذا ما يُسمّى التوافق حول قانون انتخاب او حول موعد الانتخابات او حتّى على خطوات واضحة لعمليّة الإصلاح ومن ضمنها الانتخابات النيابية والبلديّة او على نتائج لجنة الحوار الوطني بينما جميع الاطياف ملتفّة حول القيادة الهاشميّة بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني .
والسبب الثاني ان معظم المرشّحين ينزلون للمنافسة ليس ببرامج واضحة لانهم لا يملكون قواعد شعبيّة منظمّة او مؤثّرة في صنع القرار ولا حتّى في الشارع اي انها ليست فاعلة وسرعان ما تنفصل عن مرشّحها او يبتعد هو عنها حال نجاحه كما ان الغالبيّة من المرشّحين يعتمدون على ما في جيوبهم او حساباتهم من اموال وليس اعتمادا على الحكومة من خلال برامج عادلة لمساعدة المرشّحون الفقراء للصرف على حملاتهم او اموال المناصرين ليكون للقواعد مساهمتها في إنجاح مرشّحها لإيصاله لقبّة البرلمان .
والسبب الثالث هو ما يُسمّى القوائم الوطنيّة والتي شكّلت بناء على المعرفة الشخصيّة او الإتصالات الفردية او للإعتماد على من يملك فيكون رئيسا لقائمة امّا الاعضاء فيكونون حشوة واملها يكاد يكون معدوما وهذه القوائم سرعان ما تتفكّك بعد ظهور النتائج لأنها لم تتشكّل بناء على قواسم مشتركة بين اعضائها في التفكير والتوجّه وبرنامج إنتخابي مشترك يتكامل اعضاء القائمة لتطبيق عناصره إذا كُتب لها النجاح .
والسبب الرابع ان الكثير من المواطنين والمرشّحين يعتقدون ان المنطقة مقبلة على اوضاع وظروف تتطلّب قرارات حاسمة تتعلّق بسيادة الدولة وحدودها ومكوّناتها وارتباطاتها الخارجيّة وتلك القرارات بحاجة لتوافق وطني ولا يمكن ان تُمرّر عن طريق مجلس نيابي يمثّل جميع اطياف الوطن ومكوّناته الفكرية والثقافية والايدولوجيّة وإلاّ سيكون لذلك تداعيات سلبيّة واثار لن تكون في صالحه .
والسبب الخامس ان بعضا من المرشّحين يُمثّلون سياسات قديمة بل شاركوا في وضع وتطبيق تلك السياسات والقرارات والتي أثّرت على البلد سلبا وقد يكون لهم فرصا للنجاح خصوصا إذا شاب النزاهة التي تعد بها الحكومة والهيئة المستقلّة للانتخاب اي شائبة .
والسبب السادس ان بعض المرشّحين ارتبطت اسمائهم بقضايا فساد او شبهات بالفساد وبعضهم حُقّق معهم ولم تنتهي القضايا التي اثيرت حولهم والبعض منهم يملك الفلوس التي يستطيع ان يقوم بحملة دعائيّة واعلاميّة ليحقّق النجاح ويصل لقبّة البرلمان ليكون مشرّعا لهذا الوطن وهؤلاء المواطنين .
والسبب السابع ان النائب هو خادم للمجتمع وامين على مصالحه وقضاياه وحياته وحياة ابناؤه والتاريخ القؤيب للمجالس التي انتهت دوراتها او تمّ حلّها لا تعطي ذلك البريق الايجابي للمواطن ولا تجعل من المشرّف الانضمام لتلك المجالس النيابيّة قبل حصول التغيير الايجابي في المجتمع الاردني
وتردد الحكومات ان التغيير يبدأ من المواطن والصحيح ومن تجارب الدول الاخرى فإنّ التغيير يبدأ من الحكومات من خلال الممارسات العادلة في التعيينات على جميع المستويات وخاصّة تلك التي تصنع القرارات والسياسات والخطط التنمويّة والتي تعمل على تنفيذها وكذلك من خلال التشريعات الرادعة للفساد والتي تسمح بالمحاسبة والمحاكمة الحقيقيّة للفاسدين واسترداد المبالغ والحقوق المسلوبة من الخزينة والمواطنين وعدم مقدرة الحكومات السابقة يتبين من خلال قضايا الفساد العديدة التي حامت حول رؤساء حكومات ووزراء ومدراء مخابرات ومدراء عامّون
وغيرهم من المتنفذّين من القطاع الخاص فكيف للحكومات ان تنهي التحقيق في قضيّة فساد متورّط فيها رئيس حكومة او مدير مخابرات إلاّ اذا تحقّقت الارادة السياسيّة لذلك وقد كرّر جلالة الملك اكثر من مرّة وفي اكثر من كتاب تكليف انه يجب اجتثاث الفساد ومحاسبة الفاسدين حتّى لو طال ذلك ايُّ من موظّفي الديوان الملكي ولكن مع هذه الارادة السياسيّة على اعلى مستوى لم نجد ايُّ حكومة تنفّذ ذلك بمهنيّة واخلاقيّة ورغبة حقيقيّة فكيف لنائب ان يتمكّن من محاسبة للفاسدين بل الخوف ان يسحبه التيّار ناحيتهم .
وبعد انا لست متشائما اومتمنيّا عدم الإصلاح ولكنّني متألّما لعدم وجود حكومة قويّة تستطيع جمع اطياف الوطن لكلمة سواء حول تحويل الكلمات الى افعال حقيقيّة على مستوى الوطن لنجد اناسا غيورين عليه من الفساد وحب المال الحرام اناس يرغبون حقّا بتحقيق العدالة والمساواة وتساوي الفرص بين المواطنين عندها يمكن للمجتمع ان يتغيّر بقوّة اندفاع الحكومة الايجابي وبقوّة التشريع وتطبيق العقوبات على كلّ مخطئ وفاسد ومهمل في واجباته وعندها يتغيّر الاردني ليتّجه نحو الانتاج والترشيد والتكافل والتضامن ويبتعد عن النفاق والمباهاة والفساد والكسل وعدم المبالاة .
اللهم احمي الاردن ارضا وشعبا وقيادة واجعل قراره بيديه وارزقه ممثلين مخلصين له وحكومة تعمل لصلاحه وصلاح احواله يرضى عن ادائها الملك والشعب في وقت واحد ،قل لا يستوي الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث فاتقوا الله يا أولي الألباب لعلكم تفلحون )صدق الله العظيم