من انتخب؟
يقع في حيرة المواطن في كثير من الاحيان لمعرفة من هو المرشح المناسب ليقوم بانتخابه ومنحه صوته والذي هو امانة وسيسأل عنها، لاسيما مع كثرة المرشحين وتعدد الشعارات، وانتشار الاعلانات وغيرها من وسائل الاعلان عن كل مرشح واهدافه وغاياته.
لكن ما يثير تساؤلنا اننا نرى كثيرا من المرشحين ينفقون ببذخ على الحملة الانتخابية خاصتهم، وعلمنا سابقا ان بعضهم وصلت كلفة حملته الانتخابية الى ما يتجاوز مليوني دينار اردني، وبحسبة بسيطة وبالاستناد الى الراتب المتوقع للنائب نرى انه يستلزم خمسة وخمسون عاما يجب ان يعملها النائب ويتقاضى رواتبها ليتمكن من استرداد كلفة حملته الانتخابية، وهذا يستحيل بالطبع، فنعود لنفس السؤال لماذا كل هذا الانفاق وما هو المقابل؟
نجد ومن التجارب السابقة ان كثيرا من النواب بعد انتخابهم كان همهم الاول هو استرضاء الحكومة سعيا للحصول على كرسي وزاري باحدى الوزارات، فهو قد اجتاز مرحلة من السلم السياسي بالبلد ويطمح الان الى الصعود الى درجة اعلى، ولكن ايضا من ناحية مردود مادي فاننا نعود لنفس النتيجة فان راتب الوزير لايغطي ايضا التكاليف الباهظة والخيالية لكثير من الحملات الانتخابية.
يقودنا ذلك الى الاستنتاج ان السعي هو وراء كرسي الوزارة ليس من اجل راتب الوزير وانما من اجل الوصول الى سلطة اتخاذ واصدار القرار، واذا كان القرار لصالح الوطن فلا مشكلة، ولكن تعودنا على ان الحياة اخذ وعطاء، وانك تعطي بمقدار ما تتوقع ان تأخذ، فاننا نصرف راتب موظف على قدر المنفعة المتوقع ان تستردها المؤسسة او الشركة من خدمات ذلك الموظف
وهذا ينطبق على كافة نواحي الحياة، ولااعتقد ان مشروع النيابة يختلف عنها، وبالتالي فاذا كانت المنفعة المتوقع ان تعود على النائب من سلطة اتخاذه لقراراته الوزارية يجب ان تساوي او تزيد عن كلفة حملته الانتخابية ، هنا يبطل العجب كوننا عرفنا السبب. اي ان النائب يتوقع بعد وصوله للسلطة ان يعمل على اصدار قرارات تعود بالمنفعة الشخصية عليه وعلى شركاته تقدر قيمتها المادية بمبالغ اعلى مما انفقه على حملته الانتخابية وهذا هو الفساد بعينه، الذي يفترض اننا نحاربه ونسعى لذلك من خلال نوابنا المرتقبين.
لانعني بذلك كافة المرشحين بالطبع ولكن ربما بعضهم، فهناك الاحزاب والتجمعات المختلفة عندما تنفق بسخاء فذلك كونها تدعم كتلة او مجموعة وليس فردا وهنا الانفاق الكبير مبرر، وكذلك المرشحين ممن انفاقهم على الحملات الانتخابية متواضع او يتم من خلال متبرعين لهم ممن يثقون بهم هنا ايضا الانفاق مبرر، ولكن تبقى الفئة من ذوي الانفاق المرتفع والانفاق الشخصي من جيب الناخب نفسه، وهذه الفئة اعتقد اننا يجب ان نراجع انفسنا قبل منحها اصواتنا حتى نتحقق من اهدافها انها لخدمة الوطن والمواطن ام لخدمة مصالح واهداف شخصية.
كان هذا تحليلا مبدأيا لبعض اهداف وغايات الحملات الانتخابية وسنحاول اضافة تحليلات اخرى لخدمة المواطن باتخاذ القرار المناسب بمقالات اخرى لاحقا.