هلْ إصرارُ الحكومةِ على نظامِ الصوتِ الواحدِ يدلُ على حالةِ انفصامٍ وقصورِ رؤية؟!
تُعانِي الحكومةُ الأردنيةُ من حالةِ انفصامٍ في مكوناتِها وقصورٍ في الرؤيةِ أدّى إلى فشلٍ في تحقيقِ أهدافِ ومطالبِ الشعبِ بشكلٍ سريعٍ ؛مع أنَّها تدَّعِي حلَّ بعضِ الأزْماتِ والقضاءِ عليها رغمَ استمراريَّة وجودِها.
إنَّها بعيدةٌ كلّ البعدِ عن مطالبِ تحقيقِ العدالةِ الاجتماعيَّةِ ،وتوفيرِ الحدِّ الأدنَى من الكرامةِ الإنسانيَّةِ للإنسانِ الأردنِيِّ
وافتقدتْ القدرةَ علي الإبداعِ ،أو طرحِ حلولٍ جديدةٍ لمشكلاتِ الوطنِ الذي انتشرَ فيه الفقرُ والإضراباتُ والاعتصاماتُ في مختلفِ القطاعاتِ مما يؤكدُ فشلَ الحكومةِ في احتواءِ أيِّ من الأزماتِ , وأنَّها اتخذتْ العديدَ من القراراتِ الخاطئةِ والعشوائيةِ ممَّا أفقدَها مصداقيتَها وهيبتَها عندَ المواطنين مثلَ قرارِ رفعِ الأسعارِ والمضيِّ في قانونِ الصوتِ الواحدِ الذي أوضحَ للناسِ مدى التخبط الذى تعانِيه الحكومةُ .
ليسَ نظامُ الصوتِ الواحدِ علاجًا يَشفِى الحالةَ المرضيةَ التي نعاني مِنها ،إنَّه لا يستطيعُ أنْ يحلَّ المشكلةَ التي نصادفُها اليومَ ،ولنْ يستطيعَ ذلك في المستقبلِ ،وكثيرٌ من المشكلاتِ التي نعانِي منها إنَّما كانَ نظامُ الصوتِ الواحدِ مُمثلاً بالمجالسِ النيابيَّةِ السابقةِ جزءًا مِنها إنْ لمْ يكنْ المشكلةَ كلَّها .
فليسَ للمجالسِ النيابيَّةِ ذاتِ مخرجاتِ الصوتِ الواحدِ قوةٌ حقيقيةٌ قائمةٌ تستطيعُ مِن خِلالِها أنْ تشاركَ في رسمِ سياساتِ الدولةِ ،ومعالجةِ أزماتِها ،وأنْ تفرضَ قراراتِها ،وأنْ تكونَ هذهِ القراراتُ موضعَ تقديرٍ واحترامٍ.
ينبغي أنْ ندركَ حقيقةَ أنَّ البرلمانَ بهذهِ الصورةِ ينقصُهُ الشيءَ الكثيرَ للعملِ على تطويرِ الدولةِ وتقدُمِها .
فإذا أخذنا في اعتبارنا الفشلَ الذريعَ الذي لازمَ البرلماناتِ السابقةِ التي تحطَّمتْ على واجهتِها آمالُ المواطِنين ،وقصورَها عن الأخذِ بزمامِ الأمورِ كونِها أداةً طيعةً في يدِ السلطةِ التنفيذيَّةِ ،نجد أنه أدّى بالبلادِ إلى حالةٍ من التخبطِ والفوضى السياسيَّةِ ،ممَّا كانَ لهُ أكبرُ الأثرِ على الناسِ الذين يشعرون بالخوفِ والقلقِ أصلاً ،بأنَّ المجلسَ النيابِيَّ القادمَ ما هو إلّا نتيجةُ حقوقٍ مغتصبةٍ فرضته الحكومةُ بقوةِ القانونِ ،لاستنساخِ مجلسٍ مِسخٍ عن المجالسِ السابقةِ .
ويبدو هذا جليًا ،أنَّ ليسَ هناكَ أيةُ حكومةٍ من الحكوماتِ ترغبُ وهي راضيةٌ في أنْ يكونَ لدينا في الأردنِّ مجلسٌ نيابيٌّ يمثلُ الشعبَ تمثيلاً حقيقيًا ؛لقدْ رأينا الفيتو الحكومِيّ كيفَ أطاحَ بآمالِ الشعبِ الأردنِيِّ في كلِّ المسائلِ ،والموضوعاتِ التي نعتبرُها بالغةَ الأهميَّةِ ،والخطورةِ في إدارةِ البلادِ ،ومصلحةِ الوطنِ .
ممّا زادَ المشهدَ تعقيدًا أكثرَ مِن أيِّ وقتٍ مضى ،فالتطوراتُ السياسيَّةُ التي تَحْدُثُ مِن حولِنا تهمُنا جميعًا ،وتجعلُنا أكثرَ تحمُّسًا لفهمِ هذهِ التعقيداتِ ،والتحكمِ فيها والتغلبِ عليها ،لا بلْ تفرضُ علينا إيجادَ علاجٍ ناجعٍ لحالةِ الضياعِ التي نعاني مِنها والتي – لا سمحَ اللهُ – قدْ تُحدِثُ انفجاراتٍ سياسيَّةٍ تصاحبُها سلسلةً من النتائجِ لا حدَّ لها .
إنَّ المجالسَ النيابيَّةَ السابقةَ ذاتِ الصوتِ الواحدِ لمْ تحلْ أيَّ مشكلةٍ من مشاكلِ الوطنِ ،لا بلْ أصَّلَتْ للمَشاكلِ ،وزادتْ الأمورَ تعقيدًا ،فأصبحتْ عبئًا إضافيًا أكثرَ مِنها عاملاً مساعدًا ،يستهدفُ دفعَ عجلةِ بعضِ المشكلاتِ نحو إيجادِ حلولٍ .
فالقراراتُ التي اتخذتهَا هذهِ المجالسُ النيابيَّةُ لا تتفقُ نتائجُها معَ الآمالِ التي كانتْ معقودةً عليها. وأخيراً، هلْ تنقُصُنا الإمكاناتُ لتطويرِ نظامٍ انتخابِيٍّ يليقُ بنا كشعبٍ أردنِيٍّ له التقديرُ والاحترامُ ؟فلِمَ لا نَفعلُ؟ إلى متى سنظلُ نراهنُ دائِما على «الحصان الخاسر»؟!
Montaser1956@hotmail.com