اللهم عجل بنسفها ..!
لا عتب ولا لوم علينا إذا رفعنا الأكف داعين وضارعين إلى المولى القدير بأن يعجل في نسف العملية السلمية التي لا يزال فريق أوسلو وسلطة رام الله يراهنون عليها ويلهثون خلفها ، نقول ذلك وبغض النظر عن قناعتنا الراسخة التي لم ترى أي بصيص للأمل بالحل داخل هذه العملية ومنذ اليوم الأول التي ولدت فيه ميتة ولا حياة فيها ، ولكن ومن باب اعطاء الفرصة تجد نفسك مضطرا في بعض الأحيان إلى مسايرة التيار والإنتظار حتى لا تتهم بأنك تسير معاكسا له ولمجراه .
عقدان من الزمان ومن المراهنة على تحقيق نتائج مادية ملموسة على أرض الواقع عبر بوابة هذه العملية السلمية ، إلا أن مجريات الوقائع كانت تدلل وتشير نحو العكس دائما ، وإلى حدوث ما هو أسوأ في أغلب المحطات التي رافقت مفاوضات ولقاءات هذه العملية وبين الطرفين ، الفلسطيني المتهافت عليها والصهيوني الذي لا يزال يعمل ويصرعلى توظيفها وبما يعود عليه بالمزيد من المكاسب والإنجازات والتنازلات التي ما كان له ليحلم بها لولا هذه العملية التي أصبح بارعا في المراوغة واللف والدوران من داخلها وبما يخدم مصالحه التي يرفض التنازل عنها ولا حتى قيد أنملة .
قضم وإغتصاب المزيد من الأرض الفلسطينية عبر ما بات يعرف بالبناء الإستيطاني التوسعي هو الأمر الذي لجأت حكومة القاتل المجرم نتنياهو إلى المسارعة على تنفيذه وداخل حدود أراضي القدس الشريف وذلك ردا على قرار الجميعة العامة للأمم المتحدة بمنح العضوية المراقبة لدويلة هذه السلطة ولا أقول فلسطين نظرا للفارق التاريخي العميق في المعنى بين الكلمتين ، بالمقابل ، وكما جرت العادة والإسطوانة المشروخة وقف الرئيس محمود عباس أمام الحاضرين في إفتتاح إجتماع المجلس الإستشاري لحركة فتح التي يتزعمها أيضا ليقول لنا بأن مشروع ( إي 1 ) التوسعي الجديد الذي أعلنت عنه حكومة نتنياهو في القدس هو " خط أحمر لن نسمح بتنفيذه " .
الرئيس أبو مازن المصر على التمسك بحبل المراهنات العبثية أكد لكل الحاضرين الواهمين من أمثاله على أنه يجري إتصالات على كافة المستويات الدولية لمنع تنفيذ المخطط " الإسرائيلي " المذكور وحرصا من سيادته على عدم نسف العملية السلمية ، ولأن هذا المخطط غير شرعي وغير قانوني وهومرفوض ويجب إزالته لتحقيق السلام والإستقرار في المنطقة ، وبطبيعة الحال لم يفت على سيادة الرئيس التلويح بأن القيادة تدرس كل الخيارات في حال إستمرار حكومة نتنياهو بمواصلة التوسع والحصار وحجز أموال الضرائب العائدة للشعب الفلسطيني .
الفارق بين أوهام أبو مازن وما يمكن أن تسفرعنه الإتصالات التي سيقوم بها وبين تهديدات نتنياهو الذي لا يعير أدنى إهتمام للأمم المتحدة وللمجتمع الدولي ، يكمن في أن جرافات وآليات الثاني بدأت العمل في المواقع والأماكن التي تم تحديدها والتي لا نشك في أن صوتها قد وصل إلى مسامع الرئيس عباس الذي أصبح ينظر إلي الوطن الفلسطيني على انه بضعة خطوط ملونة بالأحمروالأزرق ويحق لسيادته فقط أن يوزعها كيفما يشاء ويرغب على خريطة هذا الوطن ، هنا بالذات يكمن الخلاف والتباين في فهم وإستيعاب هذه العملية السلمية بين الطرفين ، سلطة الرئيس أبو مازن التي تخاف عليها من النسف ، وبين الحكومة الصهيونية الراهنة التي لا تتردد في نسفها وفي إدارة الظهر لها وفي أي وقت تشاء وتريد .
اللهم عجل بنسفها من جذورها أكثر فأكثر حتى نرى ماذا سيفعل أبو مازن وفريقه ؟ اللهم عجل بنسفها واقطع كل ما تبقى لها من خيوط وذيول حتى نستطيع رؤية ما سوف تسفر عنه تهديداته العبثية الفارغة ، ولن نرجو ولن نتمنى له إلا المزيد من الحشر وفي أضيق الزوايا ما دام يصرهو وفريقه على التمسك بأوسلو، وبالمفاوضات وسلامها الكاذب والمزيف الذي ألحق المزيد من الكوارث والنكبات بشعبنا وبقضيته .
اللهم كن عليهم ما داموا غارقين في التنسيق الأمني مع عدونا ، اللهم زد وعمق من أزمتهم المالية حتى يفيق ويصحو شعبنا الذي يريدون تبديل هويته الوطنية براتب ذليل يلقونه له في نهاية كل شهر ، اللهم خذهم أخذ عزيز مقتدر ما داموا يعيقون ويمنعون إندلاع إنتفاضة شعبنا التي لا بديل ولا غنى عنها ، يا رب كف أيديهم عن أبناء شعبنا الأحرار والشرفاء ومن كل الفصائل الوطنية لكى يستطيعوا التفرغ التام لمقاومة عدوهم الصهيوني المجرم .
مع اقتراب العام الحالي من نهايته ، وعلى أبواب العام الجديد ، لم أجد أنسب من هذه الأدعية ، ولم أجد أصدق من هذه الكلمات التي نرفعها إلي أبواب السماء أولا ، وإلي شعبنا المقاوم والصابر والصامد على أرضها ثانيا ، هذا الشعب الذي لن يركع ولن يستسلم ولن يلين في وجه الطغاة من أعداء الحياة والإنسانية ، إن لحظة الإنفجار قادمة ، والإنتفاضة على الأبواب فهنيئا لمن سيشعل فتيلها .