النقابات المهنية.. حياد في الموقف الرسمي من الانتخابات وتباين حول جدوى المشاركة
جراءة نيوز - اخبار الاردن :
مع اقتراب موعد إجراء الانتخابات النيابية المقررة في 23 كانون الثاني "يناير" المقبل، تبقى النقابات المهنية، كبرى مؤسسات المجتمع المدني، في موقف يميل إلى الحياد والنأي بالنفس عن تعميم موقف موحد ومحدد، تجاه المشاركة في الانتخابات من عدمها.
اراء النقباء المهنيين والنقابات "سياسيا" في الانتخابات النيابية تتباين، وتتوزع بدرجات متفاوتة بين النقيضين، فمنهم من يرى أن الانتخابات المقبلة ستفرز مجلسا ضعيفا مشابها لسابقيه، فيما يؤكد آخرون أن على الحكومة اتباع عدد من الخطوات لايصال الشعب لانتخاب مجلس قوي يمثله.
وبالرغم من تواجد منتسبين للنقابات المهنية في شتى المؤسسات الحكومية والخاصة والاهلية، بل وتصدر العديد منهم لواجهات العمل السياسي والشعبي، فإن أي نقيب مهني او قيادي نقابي لم يعلن عن ترشحه للانتخابات المقبلة.
وينسحب الجدل والتباين في المواقف السياسية في المجتمع السياسي الأردني تجاه الانتخابات النيابية على الموقف داخل النقابات المهنية، التي شكلت عبر تاريخ الحياة السياسية معقلا رئيسيا للمعارضة السياسية، حيث تتباين اراء النقابيين بين مؤيد للمشاركة في الانتخابات بغض النظر عن التحفظات على قانونها، وبين داع للمقاطعة، احتجاجا على مالات الاصلاح وقانون الانتخاب.
رئيس مجلس النقباء المهنيين نقيب المهندسين الزراعيين محمود ابو غنيمة يرى أن الارتقاء بالأردن إلى دولة ديمقراطية مدنية تعددية، تجذر سيادة القانون والعدالة الاجتماعية "يستدعي قانون انتخاب عصريا، ينتج مجلسا نيابيا معبرا عن إرادة الشعب".
ويرى ان "غالبية الشعب أيقنت وتأكدت من عدم جدية الحكومات المتعاقبة بالإصلاح، ومحاولتها تمرير قانون انتخاب مرفوض شعبيا، وهو قانون لا يخدم إلا البعض، كما يكرس الفساد وينميه، لذلك فقد الشعب الثقة بالحكومات، وبوعودها".
ورغم تأييد ابو غنيمة، شخصيا، لمقاطعة الانتخابات، فانه يؤكد ان نقابته لم توجه أي نداء لمقاطعة الانتخابات، وانما تركت الامر لاعضاء الهيئة العامة ليقرر كل واحد قراره، بالمشاركة من عدمها، وحسب قناعته.
لكن ابو غنيمة يعتبر أن "فشل" مجلس النواب الاخير في الأداء، وقراراته السلبية، و"دفاعه عن الفاسدين والمفسدين، وانشغاله في الحصول على مكاسب وحوافز شخصية"، اثبت عدم جديته ومصداقيته امام من انتخبوه، وهذا "شكل احباطا شعبيا".
كما يرى ان وجود عمليات شراء أصوات خلال عملية التسجيل دفع الى احباط آخر. ويقول "أن المواطن ما زالت لديه شكوك بفعالية المجالس النيابية، وينظر بعض المواطنين إلى المجلس النيابي المقبل بعدم الجدية، حتى قبل أن يتم انتخابه، وبعض الناخبين قاطعوا التسجيل للانتخابات لغياب القناعة بجدوى المجلس". مجددا رفضه لقانون الانتخاب الحالي
ويوافق أبو غنيمة في رأيه، نقيب المهندسين عبدالله عبيدات، الذي يؤكد أن الانتخابات وفق قانون الصوت الواحد ستفرز مجلسا نيابيا "فاشلا"، لن يستطيع تحقيق ما يطالب به جلالة الملك والشعب الأردني من اصلاحات شاملة.
ويشدد عبيدات على أن النقابة محايدة فيما يتعلق برأي المهندسين في الانتخابات، ولا توجه أي دعوة لهم بالمشاركة أو المقاطعة للانتخابات، مؤكدا أن المهندسين "أحرار فيما يرونه مناسبا لهم".
واستبعد عبيدات ان تشارك نقابته في الرقابة على الانتخابات النيابية، وقال "المجلس المقبل سيكون فاشلا وضعيفا، وبالتالي فإن الرقابة على العملية الانتخابية ستكون رقابة فاشلة" على حد تعبيره.
من جهته، يقول نقيب الأطباء الدكتور أحمد العرموطي أن الانتخابات النيابية، هي بشكل عام "خطوة اساسية لانتخاب مجلس نواب، يعبر عن طموحات وآمال المواطنين، وبما ينعكس على تشريع القوانين اللازمة، ومراقبة اداء الحكومات، ويساعد على ضبط الانفاق، ويمنع الفساد الاداري والمالي".
ويؤكد العرموطي على ضرورة انتخاب اشخاص مؤهلين علميا وسياسيا، ليضطلعوا بمهماتهم الحساسة"، ويشدد على ان انتخاب الانسان المناسب "يحتاج ان تكون العملية الانتخابية سليمة وصحيحة، ولا يشوبها تزوير بأي شكل من الاشكال".
وأكد العرموطي على ضرورة أن تتميز العملية الانتخابية بالشفافية والمصداقية من اجل كسب ثقة الناخب في العملية الانتخابية، ولكي تكون العملية صحية، لا بد من الاشراف القضائي الكامل عليها من الألف الى الياء، من قبل قضاة.
وطالب بضرورة ضبط البطاقات الانتخابية بطريقة سليمة، وان يحدد سقف المال الذي سوف ينفق على الدعاية الانتخابية، وان يتم التشديد في منع شراء الاصوات، وان يتم الفرز في نفس مكان الاقتراع، وان يسمح لوسائل الاعلام ومندوبي المرشحين بمراقبة العملية الانتخابية.
ويرى العرموطي أن الدورات الانتخابية السابقة شابها تزوير كبير، ما افقد الناس الثقة بالانتخابات، داعيا الى ضرورة اعادة هذه الثقة بكل الوسائل الممكنة والقانونية.
اما نقيب الممرضين محمد حتاملة فيعتبر ان الهيئة المشرفة على الانتخابات تعمل بشكل جدي ومميز للانتهاء من كافة الإجراءات اللازمة لاخراج عملية انتخابية شفافة، تفرز مجلسا نيابيا يمثل الشارع الأردني.
ودعا حتاملة جميع المواطنين، ومن بينهم منتسبو النقابة، للمشاركة الفاعلة في الانتخابات، مؤكدا أن المشاركة الضعيفة "ستفضي إلى إيجاد نائب مناطقي ضعيف"، فيما تمكن المشاركة القوية الى ايجاد نائب قوي على مستوى الوطن بأكمله.
وأوضح أن الهيئة المستقلة للانتخاب تسير على الخطى الصحيحة حاليا، نحو بلورة رؤى جلالة الملك، بضرورة إجراء انتخابات نيابية نظيفة، تقوم على مبادئ النزاهة والحرية."الغد"