69 اعتداء على الكوادر الطبية والمختصون يشخصون الواقع
جراءة نيوز - اخبار الاردن :
تفاوتت الاحصائيات الخاصة بالاعتداء على الكوادر الطبية ففيما كشف وزير الصحة الدكتور عبد اللطيف وريكات الشهر الماضي أن الوزارة رصدت 69 اعتداء على طبيب و23 اعتداء على كوادر تمريضية منذ مطلع العام الحالي،أظهرت إحصائيات نقابة الأطباء خلال العام الحالي، تراجع حجم الاعتداءات على منتسبيها في القطاعين العام والخاص، مقارنة بالأعوام السابقة.
فقد سجلت إحصائيات نقابة الأطباء 29 اعتداء على كوادرها العام الحالي، منها 4 جرت في مستشفى جامعي، واعتداء في مستشفى خاص، بينما بلغ عدد الاعتداءات العام السابق 27 اعتداء، 4 منها خارج القطاع العام.
وسجل العام 2009 أعلى عدد من الاعتداءات على الأطباء، بلغت 43 اعتداء، منها 7 في القطاع الخاصة، وفي العام 2010 تم تسجيل 38 اعتداء 5 منها جرت في مستشفيات خاصة.
وتوزعت الاعتداءات العام الحالي على عدة مستشفيات ومراكز صحية، منها 6 في مستشفى البشير الحكومي، 4 في مستشفى الأميرة بسمة، واعتداءات متعددة، توزعت على مستشفيات جرش ومعان والمفرق والتخصصي والملك المؤسس ومستشفى الحسين بالسلط، وعدد آخر في مراكز صحية صغيرة.
نقيب الأطباء الدكتور احمد العرموطي، أكد أن التباين في الأرقام مرده أن هناك أطباء يتم الاعتداء عليهم، ولا يقومون بالاتصال بالنقابة ولا يسجلون دعوى قضائية على المعتدين بحيث يتم "لفلفة" القضية بين مختلف الاطراف بشكل ودي، الأمر الذي يؤدي إلى اختلافات في الأرقام بين النقابة والوزارة أو غيرها من الجمعيات المعنية بحماية الطبيب.
وشدد العرموطي على أن الاعتداء على الكوادر الطبية فعل غير طبيعي لا ينسجم مع قيم وعادات مجتمعنا، ويسيء للعلاقة الانسانية بين الطبيب والمريض، ويحمِّل المعتدي مسؤولية قانونية، تصل الى السجن مدة تتراوح بين عام وثلاثة أعوام.
وبين العرموطي أن نقابة الأطباء؛ ترى أن أكثر من 98 % من الاعتداءات، تجري في القطاع العام، بخاصة في أقسام الطوارئ، بسبب الاعداد الكبيرة من المراجعين لهذه الأقسام.
وأشار العرموطي إلى أن من أسباب حدوث احتكاك عدائي بين المواطنين والأطباء والعاملين في القطاع العام، عدم توافر الكوادر الطبية والتمريضية، وعدم كفاية مساحة أقسام الطوارئ، وعدم وجود قسم علاقات عامة، قادر على التعامل مع ذوي المريض أو مرافقيه، وقلة الاسرة لاستقبال الحالات الطارئة وقاعات انتظار المرافقين.
وبين أن عدم وجود مفارز أمنية كافية أمام أقسام الطوارئ، هي أيضا من الأسباب المثيرة لتكرر الاعتداءات، وكذلك عدم تدريب الكوادر الطبية الجديدة على مهارات الاتصال والتعامل مع الجمهور في الحالات الخطرة، إضافة إلى عدم وجود مساعدي خدمات صحية للتعامل مع المريض ونقله من قسم إلى قسم، والتي يقوم بها حاليا عمال شركات التنظيف أو أهالي المريض.
وأضاف انه عند حدوث اعتداء، فإن النقابة تزور الطبيب وتطمئن على صحته وتعين له محاميا خاصا، على حسابها، ليتابع مجريات قضية الاعتداء امام القضاء، والتأكد عبر الجهات المعنية بأنه تم توقيف المعتدي أو المعتدين، والتأكيد على الطبيب بعدم التنازل عن حقه الشخصي، حتى لا يفقد حقه وتحول القضية للقضاء.
وأوضح العرموطي؛ أن القضية تتضمن الحقين: الشخصي والعام، اذ يقع الطبيب بعد فترة، تحت ضغوط اجتماعية وعائلية لإسقاط حقه الشخصي، واذا تم ذلك، يصبح الحكم القضائي بسيطا، ويمكن للقضاء إنهاء القضية، لذا؛ لا بد من إدخال تشريع قانوني خاص بالأطباء، يغلِّظ العقوبة، حتى ولو أسقط الطبيب حقه الشخصي.
وأضاف العرموطي أن المجلس شدد على ضرورة تطبيق الحق العام في قضايا الاعتداءات على الأطباء، حتى لو أسقط الحق الشخصي، داعيا الوزارة الى تفعيل الدائرة القانونية للاضطلاع بدورها في متابعة قضايا الاعتداءات،وبين ان النقابة ترى ان الوزارة، مطالبة بتلافي هذه الأسباب عبر تحسين أقسام الطوارئ، ومتابعة قضايا الحق العام والاعتداء على مرفق عام حتى ولو اسقط الطبيب حقه شخصي، لأن هيبة الطبيب من هيبة الوزارة والدولة.
وشدد العرموطي على أنه لا بد من إبراز هذه الاجراءات ضد المعتدين اعلاميا، وفي وزارة التربية والتعليم والجامعات، لزيادة الوعي بحق المريض والطبيب، وما هي العقوبات المترتبة عليها وطرق معاقبة الطبيب المهمل او المقصر بحق المريض.
الناشط النقابي وعضو مجلس النقابة الدكتور باسم الكسواني قال إن "الاعتداء على الطبيب جريمة أخلاقية، مكتملة الأركان، تستحق العقاب الرادع"، معتبرا أن الاعتداء على الطبيب أو الممرض او الطاقم الطبي أثناء أدائه لواجبه الرسمي، إهانة واعتداء على هيبة الدولة، واستخفاف بالنظام العام والقانون.
وكان وزير الصحة أكد أكثر من مرة أن الوزارة حاربت بقوة لوقف تكرار حوادث الاعتداء على الأطباء، مشددا على أنها لن تسقط حقها حتى لو أسقط الطبيب المعتدى عليه حقه الشخصي، ولا بد من تشديد العقوبات على المعتدين.
وأشار الكسواني إلى أن جهود الوزير ومجالس النقابة المتعاقبة، أسهمت باعادة الاعتبار لقضايا الاعتداء على الطواقم الطبية، ومعاقبة أي معتد على موظف أثناء أدائه لواجبه الرسمي، بغض النظر عن إسقاط الطبيب لحقه الشخصي.
بدوره، قال مدير جمعية حماية الكوادر الطبية "حماية" الدكتور محمد الطراونة إن "الاعتداء على الأطباء والممرضين، ظاهرة قديمة، يعاني منها الأطباء على اختلاف مواقع عملهم وتخصصاتهم".
وأوضح الطراونة أن حالات الاعتداء على الأطباء العام الماضي بلغت 81، وفق رصد "حماية"، منها 58 في القطاع الحكومي، و13 في القطاع الخاص، و10 على الممرضين في القطاعين.
وقال إن "بيانات صادرة عن الجمعية، بينت ان الاعتداءات في الأعوام الأربعة الماضية لا تقل عن 281، ما يعد مؤشرا واضحا على ارتفاع حجم الاعتداءات".
وأضاف إن "المعتدين على الأطباء يلجأون لأساليب كيدية لحماية أنفسهم من العقوبة، بحيث أن بعضهم يقوم بتحريك شكوى كيدية لدى القضاء في محاولة لإجبار الطبيب على التنازل عن حقه في التقاضي، وهو ما يدخل الطبيب في معاناة ادعاء جديدة".
وبين الطراونة أن القضاء غالبا لا يكون الفيصل الأخير بين الطبيب المعتدى عليه والمعتدي، اذ يضطر المعتدي للاستعانة بـ "الواسطات" من نواب ووجهاء عشائر، بعد حسم القضاء القضية لصالح الطبيب، ما يضطر الطبيب للتنازل عن حقه مقابل شجب الاعتداء عليه.
ويفيد معظم الأطباء المعتدى عليهم بأنهم لا يستطيعون القول لجميع الواسطات: لا، لأنهم يضطرون لتلبية طلبهم خجلا،وأشار الطراونة إلى أنه تم العمل وبالتعاون مع الجهات المعنية في الاعوام الماضية على رفع مستوى عقوبة الاعتداء على الأطباء إلى السجن عاما في الحد الادنى أو عامين في حدها الأقصى، بينما كانت العقوبة سابقا تتراوح بين ستة شهور الى عام واحد وفقا لقانون العقوبات الأردني المادة 187.
وفي سؤال حول عدد القضايا التي حكم فيها على المعتدين، قال الطراونة "للأسف لم يحكم على أي شخص العام الماضي أو الحالي حكما قضائيا نهائيا بالحبس أو غيره"، مبينا أن قضايا الاعتداء حلت بسبب تدخل الواسطات ووجهاء العشائر، وهذا بدوره يمحو الهدف من العقاب،وقال "لم تعد قضية الاعتداء على الطبيب الحكومي، شخصية يحق له أن يتنازل عن حقه فيها، بل أصبحت تتعداه إلى إعادة تفعيل أحكام قانون العقوبات للعام 1960، باعتبار الطبيب موظفا أثناء عمله".
وأوضح أن مديرية الأمن العام، لعبت دورا محوريا في قضايا الاعتداء على الأطباء، بحيث أصدرت مع نهاية تشرين الثاني (نوفمبر) العام الماضي تعميما لمديريات الشرطة والمراكز الأمنية، بتكييف قضايا الاعتداء لتصبح اعتداء على موظف عام أثناء تأدية واجبه، تطبيقا لقانون العقوبات الذي غلظ عقوبة الاعتداء على موظف تعرض لاعتداء أثناء تأدية وظيفته بالحكم على المعتدي بالسجن من عام إلى عامين.
وأضاف الطراونة أن "كل طبيب أو ممرض واجب عليه بأن يصمد في وجه المطالبة بإسقاط الحق الشخصي للإفراج عن مرتكبي الاعتداءات"، بحيث ان اسقاط الحق الشخصي يزيد من فرص الاعتداء مرة أخرى، ويدفع بالمعتدي إلى عدم الاكتراث أو عدم تحمل مسؤولية اعتدائه.