الطحين الأسود.. سطو على رغيف الشعب
جراءة نيوز - اخبار الاردن :
«تغريم مخبز واحد 140 ألف دينار نتيجة بيعه الطحين المدعوم» هذا تصريح لوزير الصناعة والتجارة السابق الدكتور شبيب عماري يؤشر على حال عدد غير قليل من المخابز والمطاحن والناقلين الذين يتجرون بالطحين المدعوم من الحكومة.
وما يؤكد وجود ظاهرة الاتجار «بالمدعوم» أن وزارة الصناعة والتجارة ضبطت 40 طنا من الطحين المدعوم الموحد استخدم بطريقة غير مشروعة خلال العام الحالي»، وفقا للمستشار الاعلامي في الوزارة ينال البرماوي.
الكمية المضبوطة لا تعكس حقيقة كميات الطحين المدعوم التي يتجر بها «ناقلون وأصحاب مخابز ومطاحن» وذلك لصعوبة اثبات حالات الاتجار والتلاعب.
التجاوزات «بسرقة الطحين المدعوم» تتم حسب مصادر عديدة عن طريق مطاحن وناقلين ومخابز يساعدهم في ذلك رقابة ضعيفة تحتاج لاعادة النظر وبخاصة أن الرقابة الحكومية على المطاحن تنحصر في ثماني ساعات يوميا وهي مدة الدوام الرسمي فيما تتمكن بعض المطاحن والمخابز من الاتجار بمادة الطحين المدعوم فيما تبقى من ساعات النهار.
الطحين المدعوم طحين موحد يتم توزيعه من الحكومة على المخابز بواقع 35 دينارا و79 قرشا، فيما يبلغ سعره في السوق 306 دنانير، وهو ما يعني أن الحكومة تتحمل فرقا ماليا مقداره 271 دينارا للطن الواحد، وفقا للبرماوي, بحسب مدير المخزون في وزارة الصناعة والتجارة المهندس عماد الطراونة.
ويبلغ معدل استهلاك المملكة من الطحين المدعوم نحو 450 الف طن سنويا فيما يصل استهلاك الطحين الزيرو غير المدعوم 100 الف طن سنويا ويستهلك الأردنيون 8 ملايين رغيف خبز عربي يوميا وبمعدل رغيف وثلث للفرد الواحد.
ووفقا للأرقام الرسمية الصادرة عن وزارة الصناعة والتجارة فقد بلغ مقدار الدعم الحكومي للتسعة اشهر الاولى من هذا العام لمادة القمح مئة وواحدا وعشرين مليونا ومئتي الف دينار فيما بلغ مقدار الدعم لمادة الشعير ستة وعشرين مليونا وخمسمائة وثمانية وثمانين الفا، ومئة وخمسة وستين مليونا وخمسة وستين الفا لمادة النخالة.
ويبلغ عدد المطاحن العاملة في المملكة أربع عشرة مطحنة اضافة الى الف وسبعمائة مخبز في انحاء المملكة ويبلغ عدد الناقلين خمسين ناقلا رئيسيا بالاضافة الى وجود ناقلين فرعيين للناقلين الرئيسيين.
مكاسب غير مشروعة
يتوزع التلاعب في مادة الطحين المدعوم بين جهات ثلاث (المطاحن والناقلين وأصحاب المخابز) وفق مسؤولين وعاملين بالقطاع.
أحد العاملين في مطحنة في اربد يضرب مثالا على كيفية التلاعب بقوله: «في شهر حزيران من عام 2011 كانت المطحنة تشتري طن القمح بـ 70ر187 دينار وكانت تقوم بطحن الطن بتكلفة تقدر ما بين 20 و21 دينارا تتضمن اجور التصنيع من حيث الطحن والتعبئة واجور العاملين فيها». مشيرا إلى أنه «أصبح سعر الطن الآن 36 دينارا بعد رفع أسعار المشتقات النفطية وذلك بهدف التعويض بدل المحروقات فقد أصبحت كلفة الطحن ما يقارب ثلاثون دينارا».
ويوضح بأن «ثمن القمح الواصل للمطحنة مع كلفة التصنيع لكل طن تدفع عليها الحكومة 111 دينارا لكل طن طحين موحد مدعوم، وهنا يتم التلاعب بالطحين الموحد ببيعه في السوق السوداء بسعر تكلفته على الدوله بـ 245 دينارا ليكون الربح ما يقارب 134 دينارا لكل طن.
ويبين ان: «ثمن كيس طحين سعة خمسين كيلو غرام مدعوم يبلغ 2.80 دينار ويباع في السوق السوداء 7.75 أي ان كل كيس يعطي ما يقارب 5 دنانير ربح اذا تم بيعه للاستعمال المنزلي، بينما يباع كأعلاف من 5 الى 5.5 دنانير لمزارع الدواجن والمواشي فيكون الدعم الحكومي لكل كيس ما يقارب 5 دنانير».
«ع» يعمل في مطحنة يوضح بان «التلاعب في مادة الطحين المدعوم يتم عن طريق الاتفاق ما بين بعض الناقلين وبعض أصحاب المطاحن وذلك بترك كمية من الطحين المدعوم مع الناقل ومن ثم بيعها بالسوق المحلي بالسعر الحر».
ويضيف «كذلك يحدث تلاعب عن طريق عودة سيارة النقل الى المطحنة بعد انتهاء دوام المراقب والعاملين فيها الممتد من الساعة الثامنة صباحا حتى الثالثة والنصف، فتفرغ الحمولة المتوافرة بعد انتهاء توزيع حصص المخابز في المطحنة ومن ثم يتم بيعها في السوق المحلي بالسعر غير المدعوم.
ويوضح انه من الصعب أن يعرف المراقب عن وجود كميات لم توزع على المخابز كونه لا يقوم بحصر كمية الطحين المتواجد داخل المطحنة فهو لا يعرف أصلا كمية الطحين فيها فعدا أن بعض المطاحن تعمل ليلا نهارا ما يجعل الرقابة غير متواصلة خارج اطار ساعات الدوام الرسمي، في حين ان هناك مطاحن تعمل أثناء النهار والليل وبذلك ينحصر عمل المراقب في توقيع الفواتير خلال ساعات الدوام الرسمي وتكون الرقابة غير مكتملة لمراقبة المطاحن خارج ساعات الدوام».
ويطالب بوحود المراقبين طيلة ساعات الدوام في المطاحن فهي بحسبه «أساس الخلل».
يقول مدير عام جمعية اتحاد حبوب المطاحن التعاونية مصطفى خليفات ان «دور المراقب في المطحنة غير فعال، معللا ذلك بأنه لا يكون على رأس عمله عند بدء عمل المطاحن فالعمل يبدأ في المطاحن السادسة صباحا بينما يبدأ دوام المراقب في الثامنة».
ويشير الى: «التلاعب بالاوزان في بعض المطاحن لكل كيس بإنقاص الوزن بالاتفاق بين مسؤول التعبئة مع الناقلين بان يتم تعبئة الكيس بدلا من خمسين كيلو السعة الاصلية بسبعة واربعين كيلو وبيع الفارق بالسوق المحلي خاصة وان الطحين يوزع على المخابز «بشوالات» ما يصعب اكتشاف الكمية الناقصة في المخابز».
ورغم أن عددا من العاملين في المطاحن أكدوا وقوع تلاعب في المطاحن بمادة الطحين المدعوم، الا ان مدير المطاحن في وزارة التجارة والصناعة عاطف العلاونة ينفي ذلك خاصة لان تقارير الانتاج والمبيعات لا يمكن التلاعب فيها حيث يتم توزيع القمح بوصولات رسمية تحت اشراف المراقبين.
ويؤكد ان: «التلاعب قد يقع عن طريق الناقلين في المطاحن بالاتفاق مع اصحاب المخابز بان يترك جزء من مخصصاته ويوقع بعدئذ صاحب المخبز على انه قد استلم مخصصاته كاملة».
خليفات بدوره يؤكد ان المطاحن لا يمكن ان تتلاعب بالطحين المدعوم الا عن طرق اخرى خارج نطاق المطحنة. ويقول أن بعض المخابز تقوم ببيع الطحين المدعوم كما هو (بالاكياس) مما يوفر عليهم كلفة تصنيعه.
أحد الناقلين -رفض ذكر اسمه- يبين بان سرقة الطحين المدعوم تتم في دائرة تجمع ما بين المطاحن والناقلين والمخابز وذلك إما عن طريق وجود مستودعات تابعة لاحدى الجهات الثلاث (المطاحن، الناقلين، اصحاب المخابز) ليتم تخزين الطحين المدعوم المسروق ثم بيعه الى السوق بسعر غير مدعوم، أو عن طريق خصم كمية من الطحين المدعوم المفترض أخذه من قبل أصحاب المخابز باتفاق مسبق بينهم وتوقيع صاحب المخبز على أنه قام باستلامها.
استخدامات أخرى
ويشير البرماوي الى أن التلاعب في مادة الطحين المدعوم في المخابز يمكن ان يتم عن طريق استخدام الطحين المدعوم في انتاج الحلويات والمعجنات وهذا يخالف شرعية استخدامه.
ويقول نقيب اصحاب المخابز عبد الإله الحموي ان «قلة من المخابز تعمد الى خلط الطحين المدعوم بغيره».
يوضح احد العاملين في القطاع إن إنتاج الحلويات والمعجنات باستخدام طحين الزيرو غير المدعوم فقط يكلف المخابز سعرا اغلى من الطحين المدعوم، وهو السبب الذي يدفعها لخلطه بالطحين المدعوم.
ضعف آلية الرقابة
مدير المطاحن العلاونة يوضح أن عمل المراقبين في المطاحن هو الاشراف على توزيع الطحين للمخابز كل ضمن المخصصات المحددة له، ويوجد في كل مطحنة مراقب يعطي أوامر صرف الطحين المدعوم عبر الناقلين المعتمدين للمخابز كل حسب مخصصاته، وتكمن مسؤولياتهم بالاشراف على تقارير الانتاج والمبيعات ضمن وصولات رسمية.
خليفات يقول ان الفواتير تشمل مجموع الرصيد المدور والكميات الواردة والرصيد المتوفر وحركة الانتاج من حيث الانتاج المدور والكميات المنتجة ومجموعهم وحركة التوزيع ونوع الطحين موحد، سميد، نخالة ونفطة.
ويشير العلاونة إلى أنه «لا يمكن حصر كمية القمح الموجودة في المطاحن إذ أنها يمكن أن تصل إلى آلاف الأطنان، ولا يمكن للمراقب أن يعرف الكمية المتواجدة في المطحنة إلا عن طريق التقرير الذي يقدم له بموجودات المطحنة من قبل المطحنة نفسها».
ويبين أن «الرقابة تنتهي بانتهاء دوام المراقب الرسمي لكن احيانا تحصل جولات تفتيشية حسب الامكانات المتوفرة ولا تخضع لنظام معين».
ويرى خليفات ان دور المراقب في المطحنة غير فعال، معللا ذلك بأنه لا يكون على رأس عمله عند بدء عمل المطاحن فالعمل في المطاحن يبدأ في السادسة صباحا بينما يبدأ دوام المراقب في الثامنة.
ويشير كمال عاشور المفتش في وزارة التجارة والصناعة بان هناك تعليمات تضبط وتنظم عمل الناقل ويجب ان يلتزم بها ويتم متابعة عمله بشكل دوري من قبل وزارة الصناعة والتجارة.
وحول التعليمات التي تنظم عمل الناقل يوضح البرماوي بأن هناك جملة من التعليمات منها تقديم كشوفات يومية لمراقب المطحنة تبين لليوم السابق أسماء المخابز وكميات الطحين المسلمة اليهم وتاريخ تسليمها ومرفق بها نسخة من الفاتورة وموقعة حسب الاصول.
ويضيف على الناقل تسليم المخبز او المركز المعتمد كامل مخصصاته التي استلمها تحت طائلة المسؤولية وعلى الناقل عدم المتاجرة بمادة الطحين المدعوم او تخزينها في مستودعاته او بيعها لاي جهه اخرى وذلك تحت طائلة المسؤولية.
أما بالنسبة للرقابة على المخابز فيؤكد عاشور على ان موظفي الوزارة يقومون بجولات تفتشية دورية واعتيادية على المخابز للتأكد من الكميات الواردة للمخابز وعدم استخدامها في غير المجالات المتاحة لها.
ويشير الى ان اغلب الشكاوى من المواطنين هي عدم توفر الخبز الكبير أو بيعه بأكثر من السعر المحدد له وهو ستة عشر قرشا.
ويقول احد مراقبي الاسواق ان الوزارة تلقت خمس عشرة شكوى من تاريخ رفع الدعم عن المحروقات تفيد بعدم توفر الخبز الكبير المدعوم ولا يزال التحقيق جاريا مع المخابز التي وردت الشكوى فيهم.
ويفيد بان عدد مراقبي الاسواق سبعة وثمانين مراقبا مهمتهم مراقبة كافة السلع والمواد الاساسية التي تدعمها الحكومة ومراقبة المخابز، بالاضافة الى ان هناك لجانا اخرى في كل محافظة تعمل على متابعة عمل المخابز.
مصادر رقابية في وزارة الصناعة والتجاة ترى ان آلية الرقابة الحالية يجب تعديلها كونها تساعد على التلاعب بمادة الطحين المدعوم ويؤكد بان الفرق بين السعر المدعوم للطحين الموحد والسعر الحر الذي يباع خارج اطار المسموح به يزيد من عمليات التلاعب بالمادة.
ويرى البرماوي بان الرقابة الحالية فاعلة لكنها بحاجة الى تعزيز عن طريق دعمها بعدد اخر من كادر الموظفين وتعزيز التتبع الميداني للناقلين الذين ينقلون الطحين المدعوم في مركباتهم الى المخابز.
وفي تصريح لوزير الصناعة والتجارة السابق شبيب عماري خلال لقائه مع القطاع الصناعي في مقر غرفة صناعة الأردن في العاشر من تموز العام الحالي، أكد فيه ان هناك مآسي تحدث في عملية الدعم القائم واخطر ما فيها أنها تفتح الابواب على مصراعيها للفساد علاوة على كلفها الإضافية على خزينة الدولة، مشيرا لممارسات تتم في قطاع المخابز من خلال خلط الطحين المدعوم بغيره واستغرب من ان يذهب الدعم الحكومي للخبز والعلف الى غير مستحقيه من الأردنيين الأغنياء وغير الأردنيين.
ويشير في لقاء نظمه المجلس الاقتصادي والاجتماعي حول ابرز الاختلالات في الاقتصاد الوطني في وقت سابق إن «الوزارة عملت على تغريم مخبز واحد 140 ألف دينار نتيجة بيع الطحين المدعوم وخلطه».
ويلفت خليفات إلى وجود خلل بعدم متابعة الوزارة يوميا وشهريا وسنويا مستشهدا بعدم كشف الوزارة من البداية للكميات المضبوطة من الطحين المدعوم في مستودع بالجنوب ويقول لو كان هناك تدقيق فوري ويومي لاكتشفت الوزارة ذلك من البداية.
مخالفات وعقوبات
بلغ عدد المخالفات التي تم تحريرها خمسا وعشرين مخالفة في الشهور التسعة الأولى لعام 2012 توزعت كالآتي: استخدام الطحين المدعوم لدى مصنعي تبكيت، ضبط ثمانية مخابز تتلاعب في الطحين المدعوم، تخزين الطحين المدعوم في ست مستودعات، ثلاثة ناقلين، مطحنتان، ومشغل شراك واحد.
ويوضح البرماوي بانه تم ضبط طن و789 كغم طحين مدعوم لدى مصنعي تبكيت كما تم ضبط أربعة أكياس في باص للنقل وتلاعب في كميات الطحين الصادرة من المطحنة والناقل وخلط للطحين الموجود المدعوم مع الطحين الزيرو لانتاج الكعك والحلويات.
ويضيف تم ضبط التصرف بطريقة غير مشروعة بـ 52 شوالا واستخدام وبيع المواد المدعومة لغير الغايات المخصصة لها، وضبط ثلاثة أطنان و35 كلغم في محل تجاري وتسعة أطنان و352 كلغم في مستودعين منفصلين و11 كيس طحين مدعوم في باص للنقل، وتم تحرير مخالفات للتلاعب في كميات الطحين الواردة للمخابز من قبل الناقل ومطحنة بالاضافة الى ضبط طحين موحد داخل مصنع اعلاف لم تذكر كميته والتصرف بـ 16 شوالا بطريقة غير مشروعة.
ويرى البرماوي ان القانون تضمن عقوبات رادعة لمن يتصرف بالطحين المدعوم بطريقة غير مشروعة.
وحول هذه العقوبات يقول البرماوي «بالاستناد لاحكام المادة 21 من قانون الصناعة والتجارة وتعديلاته رقم (18) لسنة 1998 اذا ثبت أن أي مطحنة تخالف التعليمات او عدلت على الكمية الحقيقة للناقلين او المخابز او مراكز التوزيع او التجار او المصانع او غيرهم فانها تغرم مبلغا وقدره ثلاثون الف دينار بالاضافة الى الزامها دفع قيمة فرق الدعم عن كمية الطحين محل المخالفة».
اما بالنسبة للناقلين فيوضح بانه اذا خالف الناقل التعليمات او عدل على الكمية الحقيقة للمخابز ومراكز التوزيع او خالف الواقع تصادر الكفالة البنكية او الشيك المصدق بقيمة 10% من فرق الدعم للمخصصات الشهرية من مادة الطحين المدعوم والتي لا تقل عن عشرة آلاف دينار او جزء منها أو يحرم من التوزيع.
وفي حال مخالفة المخابز يبين البرماوي بانه يتم انذار المخبز انذارا اوليا في حال خالف المخبز التعليمات واذا تكررت المخالفات ينذر انذارا نهائيا يوثق من قبل الوزارة او المديرية المعنية، اما في حال ضبط المخبز بالمتاجرة في الطحين المدعوم وبيعها خارج المخبز فيتم تغريم المخبز بمبلغ لا يقل عن الف دينار ولا يزيد عن ثلاثة الاف دينار وبعد ان يتم استيفاء فرق الدعم.
ويشير الى ان العقوبات المتخذة للمخالفات التي تم ذكرها سابقا تنوعت ما بين ايقاف مخابز ووقف مخصصاتها لمدة معينة ودفع فروق الدعم عن الكميات التي تم ضبطها ودفع غرامات مالية.
مكافحة الفساد
مصدر في هيئة الفساد يؤكد بأن الهيئة تحقق في عدد من الشكاوى الرقابية وغير الرقابية حول اساءة استخدام الطحين المدعوم في غير المخصص له وبيع مجموعة من المخابز لمادة الطحين المدعوم لمصانع إنتاج البسكويت بهدف الاستفادة من الدعم الحكومي المقدم لهذه المادة.
ويبين بان الهيئة لا تزال في مرحلة التحقق وجمع المعلومات والاستماع الى المبلغين والتي رفضت الهيئة الكشف عن هوياتهم لكاتبة التحقيق او الكشف عن فحوى الشكوى المقدمة.
ويشير المصدر الى عدم التمكن من حصر الكميات المشمولة بهذه الممارسات التي ارتكب معظمها في محافظة العاصمة وبعض منها في اربد.
ويشير الى ان التحقيق قد يكشف جوانب اخرى لاساءة استعمال الطحين المدعوم كتلقي بعض المعنيين الرشاوي في سبيل تأمينه لمن يسيئون استعماله او يصرفون النظر عن استغلاله بطرق غير مشروعة.
ويقول في حال ثبوت صحة هذه الشكاوى ستقوم الهيئة بمداهمة الجهات المشبوهة، مستدركا لا يمكن تحديد فترة زمنية لانتهاء التحقيقات في هذا المجال بسبب تعدد الجهات التي يتم سؤالها وجمع المعلومات منها.
كلف الدعم
ويتوقع ان يتجاوز الدعم الحكومي لمادة القمح لعام 2012 مئة وخمسة وسبعين مليون دينار مع احتساب الدعم الاضافي للقمح بعد تخفيض سعر الطحين بمقدار عشرين دينارا للطن للمحافظة على سعر الخبز بستة عشر قرشا للكيلو.
وفي الوقت الذي تتهم فيه أطراف وزارة الصناعة بالمزاجية في تحديد حصص المخابز، يشير الطراونة الى ان تحديد مخصصات المخابز تتم عن طريق جولات ميدانية لوزارة الصناعة والتجارة كحد ادنى ثلاث جولات بأوقات متفرقة خلال الاسبوع في المحافظات، وتتم مراعاة الكثافة السكانية المحيطة بالمخبز وموقعه الجغرافي في المدينة او القرية ونوعية المخبز (آلي أو غير آلي) ومراعاة ما لديه من فواتير الكهرباء وعدد المخابز المحيطة بالمخبز ذاته.
مطالبات بالضبط
فادي غيث مواطن اردني يعبر عن دهشته بالتلاعب بهذه المادة الضرورية بقوله اذا كان الرادع الايماني ضعيفا فلا بد ان تكون روادع القانون والسلطة قادرة على منع المحتكرين والمستغلين من سرقة رغيف الخبز الذي تعمل الدولة من خلال دعم الطحين لجعله في متناول الجميع خاصة الفقراء.
ويطالب مواطنون بتكثيف الرقابة على الناقلين والمخابز وتغليظ العقوبات المفروضة عليهم في حال ارتكابهم المخالفات.
ويرى الحموي ان آلية الدعم الحالية هي افضل الموجود بالنسبة للظروف الراهنة لكن بغير هذه الظروف يمكن التفكير بالرفع التدريجي لاسعار الخبز وتعويض المواطنين عنه ماديا أي تحرير الاسعار.
ويشير خليفات الى وجوب تشديد آلية الرقابه عن طريق قيامها بدور فاعل ليل نهار ومتابعة كافة الكميات الواردة والصادرة أولا بأول والسيطرة على كميات القمح والطحين لان كلفتها كبيرة جدا على ميزانية الدولة.
البرماوي يقول بانه في بعض الاحيان يتم استخدام الطحين المدعوم كمادة علفية لاصحاب المواشي، الذين يطالبون بان يصبح سعر العلف والمحدد بـ127 دينارا لكل طن اقل كلفة من سعر الطحين حتى يبتعد اصحاب المواشي عن خلط الطحين بالعلف لعدم جدواها.
سرقة الطحين المدعوم والتلاعب به يكلف الدولة الملايين، والتي أثرت «حرمية» قوت الفقراء وهي بحاجة إلى إعادة النظر بآليات الرقابة الحالية، فهل يمكن ضبط هذه الآلية أو تعديل آلية الدعم؟ السؤال على طاولة الحكومة."الرأي"