غزّة تلد مشعلها
يوبيل فضّي لانطلاقة ذهبية وانتصارات ماسيّة حيث التقى الكثير من القيادات الحمساويّة بزعامة خالد مشعل الذي احتفل بعيد ميلاده الثالث على ارض غزّة التي لم يكن وطئها قبلا وكانت عودة لفلسطين من باب اخر وقد يكون هو الباب الرئيس مستقبلا فهل ابتدأ قطار عودة اللاجئين بالتململ على السكّة الصحيحة .
كان يُقال ان غزّة ليست توراتيّة لذلك اعادتها اسرائيل فهل رام الله توراتية ام قلقيلية وطولكرم توراتيتان اذن نحن نقبل بعودة ما يريدون فالأم لا تتخلّى عن ابنائها مهما كان شكلهم فكل المدن والقرى الفلسطينية مهما كانت اسلاميّة ام مسيحيّة ام توراتيّة هي اراض فلسطينيّة وجميع المقيمون عليها فلسطينيّون حتّى اليهود منهم لهم نفس الحقوق المدنيّة والدينيّة التي لأيّ مسلم ومسيحي .
كم كانت لحظة الولوج من رفح المصريّة لرفح الفلسطينيّة مؤثّر وانزل الدموع من المآقي منسابة مختلطة بدم الشهداء الطاهر وبفرح قادم واسى ماض ولحظات من حاضر كالوهم والموج الهادر .
ولوج له لذّة كما هو النصر في نفس المهزوم ولقاء له فرحة لقاء الاخوين بعد الفراق وكلام فيه حشرجة الناجح في الامتحان تلك لحظات ليس فيها إلاّ غزّة العزّة والمقاومة تصنع المعجزة وقول ويل لكل همزة لمزة لمن ابتعدوا في طريق اخر لم يجلب إلاّ الدمار ومزيد من الشهداء والجرحى والاسرى على امل اللقاء بين الجميع بنوايا صافية بالرغم من غضب الامريكان ليدوس الجميع على نقاط الخلاف وعلى وعود اوباما وكلينتون بعد ثبوت كذبهما .
من يقول ان الحمساويين هم من سيحرّرون فلسطين هم خاطئون لأن من بيده تحرير فلسطين هم الفلسطينيّون فمن يستشهد لن يدخل الجنّة بتذكرة مرور حمساويّة او فتحاويّة اوجبهاويّة وانما برضى الله وشفاعة محمّدية ولن يحرث الارض إلاّ عجولها .
وما ابو العبد وابو الوليد وابو اكرم وغيرهم سوى رموز منها ما يرمز للخير ومنها ما يرمز لغير ذلك وعندما ينتهي الاجل يسقط لقب الاب ليبقى الاسم وحيدا للقاء رب العزّة .
سبع عجاف مرّت على غزّة بعيدة عن اختها الضفّة الغربية هو بُعاد قصري بغياب شيوخ الدار وكما ان العدو بقي واحدا فان الهدف والطريق اليه لم يعد واحدا .
وكما ان حماس ولدت من رحم الانتفاضة الاولى قبل خمس وعشرون عاما فانها بقيت منتفضة حتى الان وانتصرت في حربين بصمود اهلها وحماس مقاتليها وحنكة قيادتها وتضحية شهدائها
أمّا مدينة غزة هاشم،فهي مدينة فلسطينية قديمة قدم التاريخ الإنساني، ولدت معه، فكانت بصمات أهلها حاضرة في تاريخ الحضارة واستمرارها، وصمدت المدينة لنوائب الزمان الكثيرة، حيث نازل شعبها صنوف المحتلين المختلفة؛ وتبدل اسم مدينة غزة بتبديل الأمم التي صارعتها فأطلق الفرس اسم هازاتو عليها، أما العبرانيون فسموها غزة، والكنعانيون سموها هزاني، أما المصريون فسموها غازاتو، وسماها العرب «غزة هاشم» نسبة الى هاشم بن عبد مناف جد الرسول (صلى الله عليه وسلم)، الذي مات فيها وهو راجع بتجارته إلى الحجاز .
تلك هي غزّة وهؤلاء هم الغزّيون يحتفلون بيوبيل قيادتهم بحضور شيخهم الذي صرع الموت قبل خمسة عشر عاما ليكون بينهم الان هو القادم من خلف الحدود اوليس هذا إنهاء للحصار الغاشم بفضل الربيع المصري الذي يُحارب الآن من بعض اهل مصر .
فتلك متلازمة غزّة والمقاومة في وقت حصل الفلسطينيون على دولة مراقب غير عضو في الامم المتحدة فما زال زعماء رام الله يؤمنون ان الطريق الوحيد هو اتوستراد المفاوضات طريق بلا نهاية .
وكما كان لقاء الحمساويون واهل غزة وممثلي الفصائل بالشيخ ابو الوليد لقاء مؤثّرا يثير العواطف وتبتل له العيون كانت القلوب مشدودة لفلسطين وغزّتها وبحرها الابيض من نقاء الثلج وها هي تلد مشعلا قائدا من مشاعلها .