البطالة بين شباب الأردن تصل إلى 43%
قدر مرصد متخصص في القضايا العمالية في الأردن نسبة البطالة بين الشباب بحوالي 43%، وهي في ارتفاع بسبب إخفاق السياسات الاقتصادية في توفير فرص عمل جديدة، محذراً من مخاطر ارتفاع البطالة بين الشباب الذين يعانون ظروفاً معيشية قاسية.
وقال رئيس المرصد العمالي (مؤسسة مجتمع مدني) أحمد عوض، إن أخطر ما في البطالة هو تفشيها بين فئات الشباب الداخلين إلى سوق العمل من التخصصات الأكاديمية والفنية والأعمال الخدمية وغيرها، ما ينعكس على الأوضاع الاجتماعية والسلم والأمن المجتمعيين.
وأضاف عوض أن سوق العمل غير قادر على استيعاب سوى أعداد لا تذكر من خريجي الجامعات والمعاهد حتى التقنية منها، وكذلك في مجال الخدمات والأمور اللوجستية، وذلك لعدم قدرة السياسات الاقتصادية على زيادة نسب النمو بالقدر الذي يتيح انتعاش القطاعات الاقتصادية وتحفيز الاستثمار واستقطاب رجال الأعمال وبالتالي توليد فرص عمل في مجالات متعددة.
وأشار إلى تراجع قدرة القطاع العام الحكومي على استيعاب مزيد من العاملين، لافتاً إلى أن الجهاز الحكومي يعاني أصلاً من التضخم والترهل، وما يتم تعيينه بحدود آلاف عدة سنوياً فقط يتركز في وزارتي الصحة والتعليم، وفي السنوات الأخيرة انخفضت الأعداد بشكل كبير وتحولت بعض الوزارات إلى التعاقد من موظفين تحت بنود التعيين على حساب المشاريع أو بالمياومة (العمل بأجر يومي) أو شراء خدمات ولفترات قصيرة. وأكد ضرورة إعادة النظر في سياسات التشغيل التي تنفذ على المستوى الوطني، بما يجعلها أكثر فاعلية وتعطي فرصاً أفضل للأردنيين في سوق العمل.
ووفق المرصد العمالي، فإن الشباب في الأردن يواجهون عقبات عديدة تحول دون انخراطهم في سوق العمل، ما ساهم في وصول معدلات البطالة بينهم إلى مستويات عالية جداً، تعد من بين أعلى النسب في العالم، لتصل إلى نحو 43%. وقال المرصد إن السياسات المالية الانكماشية والسياسات الضريبية غير العادلة (الضريبة العامة على المبيعات والضرائب المقطوعة والرسوم الجمركية) التي تطبقها الحكومة أضعفت قدرات الاقتصاد الأردني على توليد فرص عمل جديدة تستوعب الداخلين الجدد إلى سوق العمل، إذ أنه يدخل سنوياً سوق العمل نحو 140 ألف باحث عن العمل في حين يولد الاقتصاد الأردني بقطاعيه العام والخاص ما لا يزيد عن 40 ألف وظيفة جديدة سنوياً فقط.
وفي المقابل تؤكد الحكومة أنها استطاعت توفير فرص عمل خلال العام الماضي في سياق رؤية التحديث الاقتصادي التي التزمت بموجبها بتأمين مليون فرصة عمل على مدار العشر سنوات المقبلة وبحدود 100 ألف وظيفة سنوياً. ووفق رئيس الوزراء بشر الخصاونة في تصريحات نهاية الأسبوع الماضي، فإن نتائج مسح فرص العمل المستحدثة لعام 2023 تظهر تمكن الاقتصاد من استحداث 95342 فرصة عمل مقارنة بـ 89500 فرصة عمل في عام 2022.
وأضاف الخصاونة أن متوسط فرص العمل التي كانت مستحدثة في الاقتصاد الأردني منذ عام 2010 إلى عام 2019 كانت في المتوسط لا تتجاوز 35000 فرصة عمل باستثناء عام واحد وصلت فيه إلى 67000 فرصة. وقال: "هذه لها دلالة بأننا نسير بخطى صحيحة في مجال التحديث الشامل بمساراته الثلاثة ونقترب تماماً من المستهدف الطموح الذي تصورته رؤية التحديث الاقتصادي بالقدرة على استحداث مليون فرصة عمل بنهاية السنوات العشر لرؤية التحديث الاقتصادي وهذا يقترب من متوسط عام سنوي مستهدف ضمن هذه الرؤية".
ولفت إلى أن الأداء الاقتصادي العام قد تأثر بالأحداث الجارية في قطاع غزة وفي البحر الأحمر لجهة ارتفاع كلف ولجهة تباطؤ حركة السياحة وحتى تغير أنماط الاستهلاك بفعل ما يجري من جرائم مستمرة في قطاع غزة والتصعيد الجاري في المنطقة برمتها.
وفي الجهة المقابلة يشكك خبراء في قدرة الحكومة على توفير هذا العدد من فرص العمل خلال العام الماضي بدلالة بيانات المسجلين الجدد في مؤسسة الضمان الاجتماعي التي يوجب قانونها إخضاع أي موظف معين حديثاً لمظلتها وكذلك أعداد الخارجين من سوق العمل لأسباب مختلفة وتوقفت اشتراكاتهم في الضمان الاجتماعي.
وأشار المرصد العمالي إلى استمرار عمليات التوسع في التعليم الجامعي الأكاديمي منذ ثلاثة عقود على حساب التعليم المتوسط التقني والمهني خلافاً لحاجات سوق العمل وللممارسات الفضلى في مختلف أنحاء العالم ما أحدث تشوهات هيكلية في سوق العمل وساهم في زيادة معدلات البطالة بين الشباب.
وقال المرصد إن عدد الملتحقين بالجامعات من خريجي الثانوية العامة يقارب 300 ألف خريج وخريجة، في حين لا يتجاوز عدد خريجي كليات المجتمع المتوسطة ومعاهد مؤسسة التدريب المهني 30 ألفاً. وأرجع المرصد ذلك إلى عدم تهيئة البيئة التشجيعية المناسبة لهذا النوع من التعليم، فضلاً عن عدم زيادة مقاعد الدراسة في مؤسسة التدريب المهني ذات القدرة الاستيعابية المحدودة.
وبحسب المرصد فإن شروط العمل في العديد من فروع القطاع الخاص ما تزال ضعيفة، وبخاصة مستويات الأجور المنخفضة التي لا تزال عند 260 ديناراً شهرياً، على الرغم من الارتفاعات التي تطرأ كلّ فترة وأخرى على أسعار مختلف السلع والخدمات، وهو قريب من نصف خط الفقر للأسر.